ذكرنا من نواقض المسح على الخفين كل ما ينقض الوضوء، ومن ذلك أيضا وجود موجب للغسل كالجنابة والحيض والنّفاس ، فعند حدوث الجنابة ونحوها يلزم غسل جميع البدن بما في ذلك نزع الخفين وغسل الرجلين ثم يجدّد المسح على خفّيه بعد لبسهما بعد تمام الطّهارة إن هو رغب في ذلك، لحديث صفوان بن عسّال وفيه: +ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة؛، رواه النسائي والترمذي وابن خزيمة. واعتبر الفقهاء من نواقض طهارة المسح على الخفين نزعهما أو نزع أحدهما. قال أبو زيد القيرواني: وله أن يمسح على الخفين في الحضر والسفر ما لم ينزعهما، وذلك إذا أدخل فيهما رجليه بعد أن غسلهما في وضوء تحل به الصلاة، فهذا الذي إذا أحدث وتوضأ مسح عليهما وإلا فلا. ولعل مستند القائلين بأن نزع الخف يبطل مفعول الطهارة، الزيادة الواردة في رواية أحمد لحديث المغيرة ثم لم أمش حافيا بعد فعن المغيرة بن شعبة قال : وضَّأت النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فغسل وجهه وذراعيه ومسح برأسه ومسح على خفيه ، فقلت : يا رسول الله ، ألا أنزع خفيك ؟ قال : لا إني أدخلتهما وهما طاهرتان ، ثم لم أمش حافيا بعد . ثم صلى صلاة الصبح ؛. وهذه الزيادة لا تصح كما قال النقاد، لأن أحد رواته وهو مجالد خالف كلَّ من روى الحديث عن الشعبي في السند والمتن ، ومجالد ضعيف الحديث كما جاء في التهذيب (4/24). كما أن هناك زيادة أخرى في حديث المغيرة بن شعبة المشهور غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرنا بالمسح على الخفين ، ثلاثة أيام ولياليها للمسافر ، ويوما وليلة للمقيم ما لم يخلع فما لم يخلع زيادة جاءت في سنن البيهقي وفي مجمع الزوائد وعند الطبراني، قال الشيخ بن الصديق الغماري في مسالك الدلالة: رواه الطبراني وفي إسناده مقال ولم يبق بعد ضعف النص غير الرأي، ومؤداه أن العلة الموجبة للمسح مغيب القدمين في الخفين فإذا ظهرتا عاد الحكم إلى أصله فوجب غسله، ولهذا قال مالك فيمن نزع خفه يجزئه أن يغسل رجله مباشرة بعد نزع الخف وإن أخر غسلها استأنف الوضوء فأعاده كله. قال صاحب مسالك الدلالة تعليقا على القول السابق لابن أبي زيدمالم ينزعهما بأن:نزع الخف يبطل المسح ويوجب المبادرة إلى غسل الرجلين لأن مسح الخفين ناب عن غسل الرجلين خاصة، فظهورهما يبطل ما ناب عنه، ويوجب الأصل وهو الغسل كالتيمم يبطل برؤية الماء - ومن نواقض المسح على الخف أيضا حدوث خرق وتمزق في الخف قدر ثلث القدم، أما الخرق اليسير لا يضر. فقال مالك وأصحابه كما عند عبد البر في الاستذكار يمسح عليه إذا كان الخرق يسيرا ولم تظهر منه القدم فإن ظهرت منه القدم لم يمسح عليه ، ومعنى اليسير هنا أن لا يمتنع الانتفاع به والمشي فيه. و قال بعض الفقهاء يمسح الخف ما دام يسمى خفا واستدلوا بأن خفاف المهاجرين والأنصار كانت قلما تسلم من الخرق. ونختم بالتذكير بتنبيه الفقهاء إلى أن من شروط الخفين أن لا يكونا مغصوبين . وأن لا يكونا من مُحرَّم كجلد كلب أو خنزير . كما أنه تكره الزّيادة في المسح على المرّة الواحدة لأنّ الأحاديث النّبويّة حدّدت المسح بمرّة واحدة . ووجب التنبيه أيضا إلى مراعاة نظافة الخف لتغير حال المساجد اليوم حيث العناية بفراشها وسجادها بخلاف الحال يوم كانت المساجد بغير فراش، ويلحق بذلك مراعاة رائحة الخف حتى لا يكون فيها ما يؤذي المصلين. وفي علاقة بالرجلين وربما بشكل يمس واقع أغلب الناس اليوم، نحن بحاجة لمعرفة حكم المسح على الجوربين لأنهما أكثر انتشارا واستعمالا، فما هو رأي المذهب فيهما؟ وما هي أدلة المجيزين والمانعين؟ وأي الفريقين أقرب لتحقيق مقاصد رخصة المسح تيسيرا ورفقا بالمكلفين؟