صفة الغسل على كماله وحكم المغتسل كمال الغسل أن يغسل الجنب يديه قبل أن يدخلها في الإناء ثلاثا حتى ينقيهما، ويذكر اسم الله ويتوضأ وضوءه للصلاة. والمضمضة والاستنشاق والاستنثار سنة في غسل الجنابة كما هو في الوضوء، ثم يخلل أصول شعر رأسه ولحيته بالماء، ويصب عليه الماء ويضغثه ويعركه حتى يعرف أن الماء قد بلغ أصول شعره، وعم جمعيه. ثم يغسل جسده، يبدأ إن شاء بميامنه، ويصب الماء على أعضائه بيديه أو بالإناء، ويتدلك حتى يعم جميع جسده بالماء وإمرار اليد عليه، وكذلك غسل المرأة من الحيض والنفاس والجنابة سواء (...) وليس على المرأة نقض شعرها عند غسلها، ويجزئها الحثي والضغث مع كل حثية، وقد قيل إن من غمر جسده في الماء بالصب والانغماس مع نية القصد لأداء فرضه أجزأه وإن لم يعم جسده بالتدليك إذا عمه بالغسل، والأول أصوب وهو المذهب، وليس لقدر ما يتوضأ به المحدث ويغتسل به الجنب من الماء حد، وحسب المرء ما يكفيه، والإسراف فيه مذموم، والوضوء قبل الغسل من الجنابة سنة لا حتم، ومن خرج منه ماء دافق بعد الغسل دون شهوة أجزأه الوضوء، ومن اغتسل في ماء راكد من جنابة بعد أن غسل مابه من الأذى كره له ذلك (...) أقل ما يجزئ من الغسل أقل ذلك أن يأتي بالماء على جميع بدنه ويعم رأسه ولحيته حتى يوقن ببلل جمعيها، ويجري الماء في أصول شعره إن كان ذا شعر من رجل أو امرأة، ويغسل الظفائر ويمر يديه على جميع بدنه، ولا يجزيه في المشهور من مذهب مالك غير ذلك، وذكر أبو الفرج رحمه الله، أنه يجزي عند مالك أن ينغمس الرجل في الماء إذا طال مكثة فيه أو والى بصب الماء على نفسه حتى يعم بدنه، قال: وهذا ينوب للمغتسل عن إمرار يديه على جسده، قال: وإلى هذا المعنى ذهب مالك. قال: وإنما أمر بإمرار اليد على البدن في الغسل لأنه لا يكاد من لم يمر يديه يسلم من سكب الماء عن بعض ما يجب غسله من جسمه. قال أبو عمر رضي الله عنه: قد قال بترك التدلك في الغسل جماعة من فقهاء التابعين بالمدينة على ظاهر حديث عائشة وميمونة رضي الله عنهما في غسل النبي عليه السلام، ولم يذكرا تدلكا، ولكن المشهور من مذهب مالك أنه لا يجزيه حتى يتدلك وهو الصحيح إن شاء الله، قياسا على غسل الوجه. ومن ترك شيئا من غسله من رأسه إلى طرف قدمه ناسيا، غسله متى ما ذكر، وأعاد ما صلى قبل ذلك، وإن تركه عامدا استأنف الغسل. وقد اختلف أهل المدينة قديما في تبعيض الغسل، فأجأزه من سلفهم طائفة، إذا كان ذلك الغسل بنية الغسل، وأباه الآخرون، وبه قال مالك وأصحابه. من كتاب: الكافي في فقه أهل المدينة لأبي عمر ابن عبد البر عن أم الكتاب للأبحاث والدراسات الإلكترونية