احتلمت ذات ليلة، و تعذر على الغسل خوفا من المرض بنزلة برد و تيممت وصليت باقي الصلوات، فهل يعتبر العذر شرعيا؟ و هل التيمم يكفي مرة واحدة ويغني عن الغسل بعد زوال العذر؟ من المعلوم أن التيمم طهارة ترابية تعوض الماء عند فقدانه، أو المرض أو السفر، ومن شروطه دخول الوقت فلا يصح قبله و هو عند المالكية يقترن بالنية باعتبارها الركن عندهم لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنما الأعمال بالنيات و الأسباب المبيحة له أمران: الأول فقدان الماء والثاني العجز عن استعماله إن وجد. وقد ذكر العلماء الأفراد الذين يباح لهم التيمم، وهم سبعة، منهم من خاف باستعمال الماء حدوث مرض من نزلة أو حمى أو نحو ذلك أو خاف زيادة مرضه أو تأخر شفائه، ويعرف ذلك بالعادة أو بإخبار طبيب عارف... وكذلك من خاف باستعمال الماء خروج وقت الصلاة للحفاظ عليها في وقتها...بحيث يشترط أن يكون هذا الخوف جزما لا ظنا أما إذا كان خوفه شكا أو وهما فعليه الإعادة أبدا و من مبطلات التيمم زوال العذر المبيح له كأن يقدر على استعمال المال بعد عجزه أو تسخينه إذا كان باردا جدا يصعب عليه استعماله. و لا يجوز للمسلم أن يصلي أكثر من صلاة بتيمم واحد، إذ يلزمه التيمم لكل صلاة عند دخول وقتها، باستثناء النوافل تجوز به مع كل فرض، و عند زوال العذر لا بد له من الاغتسال للصلاة، فإذا تيمم و صلى بطلت صلاته، وعليه أن يعيدها بعد الاغتسال. و من الأدلة الشرعية على جواز التيمم قوله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج و أحاديث الرسول صلى الله عليه و سلم و تقريراته منها: 1 حديث عمرو بن العاص، قال احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي فقال يا عمرو، وصليت بأصحابك و أنت جنب؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، فقلت إني سمعت الله يقول: ولا تقتلوا انفسكم إن الله كان بكم رحيما فضحك رسول الله و لم يقل شيئا. 2 حديث جابر بن عبد الله، قالخرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فسأل أصحابه هل يجدون له رخصة في التيمم فقالوا ما نجد لك رخصة و أنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبر بذلك فقال: قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذا لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفيه أن يتيمم و يعصر أو يعصب على جرحه ثم يمسح عليه و يغسل حسده وقال الشيخ خليل في مختصره خ وهو من علماء المالكية- يتيمم ذو مرض و سفر أبيح لفرض ونفل ...إن عدموا ماء كافيا أو خوفا باستعماله مرضا أو زيادته أو تأخر برئه ...أو خروج وقت وذلك استنادا إلى الأدلة السابقة. وقال إمامنا مالك رحمه الله بشأن الخوف من استعمال الماء، وحان الوقت للصلاة فإذا خاف فوات الوقت تيمم و صلى وذهب خلافا لأبي حنيفة إلى أن حضور الماء دون مرض يجوز فيه التيمم بظاهر الآية و إن كنتم على سفر و يؤيده الشافعي في ذلك كما تؤيده السنة المطهرة و هذا هو الراجح إن شاء الله. خلاصة واستنتاج: إن تيمم هذا السائل جائز لخوفه من نزلة البرد و دخول الوقت لكن لا يجوز له أن يصلي به إلا فرضا واحدا و ماشاء من النوافل ثم عليه أن يغسل و يتدبر أمره بتسخين الماء و إذا كان مريضا بالفعل فعليه ان يجدد لكل صلاة تيمما عند دخول الوقت حتى يقدر على الغسل و أخيرا فإن التيمم لا يغنيه عنه إذا زال العذر بالإستناد إلى الأدلة الشرعية السابقة