الاتحاد الاشتراكي يعلن اعتزازه بالمسار الذي اتخذه ورش مراجعة مدونة الأسرة بما يليق بمغرب الألفية الثالثة    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    انخفاض كميات مفرغات الصيد البحري بميناء آسفي    رئيس الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء: الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    حماس وإسرائيل تتبادلان الاتهامات بتعطيل اتفاق الهدنة وإطلاق سراح الرهائن    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    نجاة 32 شخصا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان    "سرقة البطولة" من الجيش تثير مواجهة مفتوحة بين رئيسي الوداد البيضاوي والرجاء البيضاوي    السلطات الأمنية تمنع تنقل جماهير الرجاء إلى بركان        حافلة "ألزا" تدهس شابًا وتُنهي حياته بطنجة    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    الحصيلة السنوية للأمن الوطني: أرقام حول الرعاية الاجتماعية والصحية لأسرة الأمن الوطني    إسبانيا تبدأ إجراءات تسليم جثة مهاجر مغربي عثر عليه وسط البحر    المغرب التطواني يكشف حقائق مغيبة عن الجمهور    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025        بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    الوداد يطرح تذاكر مباراته أمام المغرب الفاسي        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية        الدراسات التمهيدية والجيولوجية لمشروع نفق أوريكا تكتمل وبدء التحضير للدراسات التقنية لتحديد التكلفة النهائية    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    قياس استهلاك الأجهزة المنزلية يتيح خفض فاتورة الكهرباء    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    إمزورن..لقاء تشاركي مع جمعيات المجتمع المدني نحو إعداد برنامج عمل جماعة    "ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    العلوم الاجتماعية والفن المعاصر في ندوة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث        ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد بلبشير الحسني يكشف مخططات الاستعمار ضد العربية والإسلام
نشر في التجديد يوم 22 - 09 - 2010

قدم الأستاذ محمد بلبشير في عرضه في الفترة المسائية من الدورة الرابعة من سلسلة ندوات مائوية علال الفاسي التي نظمت السبت الماضي بالمركب الثقافي الحرية بفاس، عرضا مفصلا عن مخططات الاستعمار ضد العربية والإسلام وجهود العلماء والحركة الوطنية لمقاومتها، ونظرا لأهمية ما جاء في عرضه، والرصد الدقيق لأهم محطات هذا المخطط، ونظرا لأن هذا العرض التوثيقي يسلط الضوء على السياسة الثقافية والتعليمية واللغوية التي انتهجتها فرنسا ضد المغرب بما يجعل الباحثين على بصيرة بامتدادات بعض عناصر هذه السياسة، فإننا نضع بين يدي القارئ نص التدخل كاملا.
فرضت الحماية الفرنسية على المملكة المغربية، وكان الشعب المغربي في شبه غفلة عما يحاك ضده، منغلقا على نفسه، يكاد لا يعير اهتماما لما يجري خارج بلاده، اللهم إلا عن بعض الرياح الخافتة التي تهب عليه من المشرق العربي عن طريق الحج والرحلات أو بعض الصحف التي تصل إلى البلاد أو من بعض البلاد الأوربية، عن طريق التجار المغاربة والأجانب. يقول محب الدين بن الخطيب في إحدى افتتاحية صحيفة الفتح التي كان يديرها، وهو يفضح النوايا الفرنسية في تقرير الظهير البربري:لقد كان المغرب الأقصى في حاجة إلى من يوقظه ويوجه نظره إلى جهة الخطر، فكان إيقاظه بأيدي الذين تعجلوا الكيد له واستعجلوا نصب الكمين لاختطاف حياته الدينية، ولكن من حيث الدفاع عن البلاد عسكريا، فكأنه الأسد الراقد سرعان ما سيضطر الجيش الاستعماري الفرنسي إلى ملاحقة المجاهدين المغاربة في الجبال حتى سنة ,1934 فضلا عن الثورة الريفية في شمال المملكة وما ستكبده للجيش الإسباني المهاجم. أما التربية والتعليم، فكانت مركزة في جامعة القرويين وفي المساجد والزوايا المنتشرة في مختلف جهات المملكة كالزاوية الدلائية والحنصالية والناصرية والقادرية وغيرها، وفي الكتاتيب القرآنية التي لا تخلو منها مدينة أو قرية، على أن العلوم التي تدرس فيها كانت تقتصر على العلوم الشرعية والأدبية وتلقن بأساليب تقليدية عتيقة
ولكن لا بد من الإشارة هنا إلى الدور الرئيسي الذي كان يتحمله العلماء ورؤساء الزوايا في توعية الأمة وتوجيهها، بل في دعم سلطة ملك البلاد سياسيا بالبيعة والتوجيه الدستوري، ويكفي دليلا على ذلك محاربة علماء العاصمة آنذاك ومقر جامعة القرويين، اقتراح مشروع دستور على مولاي حفيظ سنة ,1908 في محاولة لإبعاد شبح الاستعمار، والذي تنص بعض بنوده على جعل اللغة العربية شرطا أساسيا في ولوج سلك الموظفين وفي عضوية مجلس الأمة.
التحضير للظهير البربري
من لدن سلطات الحماية
بمجرد ما شرع في تطبيق معاهدة الحماية، بدأت تبدو جليا مقاصد الاستعمار ونوايا سلطات الحماية، مؤازرين بالسلطات المسيحية، وخاصة من لدن بعض الغلاة من الصليبيين والمنظرين للعنصرية.
وتجدر الإشارة إلى أن جهابذة الاستعمار والتنصير يدعون أن البربر كانوا مسيحيين وأن إسلامهم مجرد إسلام سطحي، ويمكن بسهولة استدراجهم من جديد إلى المسيحية، ومن أجل ذلك يجب إبعادهم عن كل ما له صلة بالعربية والإسلام، وتلقينهم البربرية والفرنسية والاحتفاظ لهم مؤقتا بتقاليد الجماعة حتى ولو تنصروا.
وحسب ما جاء في كتاب عن العنصر البربري للكاتب فيكتور بيكي، فإن سلطات الحماية استصدرت ظهير 11 شتنبر 1914 الذي يقرر استثناء العرف البربري من الشرع الإسلامي، ثم صدرت قرارات وزارية للتطبيق التدريجي، وذكر أيضا أن البربر لا يعترفون إلا للجماعة التي ستستعملها في تثبيت نفوذنا، ثم يضيف قائلا: ولقد شرعنا في الخطة ، حيث إن ظهير 21 نونبر 1921 صير العوائد البربرية معمولا بها.. أما فيما يتعلق بالمدرسة، فإننا هيأنا سنة 1923 برنامجا فرنسيا بربريا له روح فرنسية محضة كاثوليكية، وجل المدرسين قبائليون... وهذه لاشك، خطة حسنة في توقيف اللغة العربية بصفة كونها لغة التفاهم، ويأمل الكاتب بعد كل ذلك أن تصير بلاد البربر مقاطعة فرنسية محضة.. وقال أيضا وقانونهم الخاص(يزرف)لا علاقة له بالقرآن، فيجب أن نثبته ونرقيه بكيفية بربرية إن لم تكن فرنسية، ولا نترك القرآن يثبت في أوطانهم
وجاء على لسان الكمندان مارتي في كتاب مغرب الغد :وهذه المدارس البربرية هي فرنسية باعتبار ما يقرأ فيها وبربرية باعتبار تلاميذها، وإذن فلا حاجة بنا إلى واسطة أجنبي، حيث إن التعليم العربي وتدخل الفقهاء وكل المظاهر الإسلامية ستبعد عنها إبعادا.
وقد سبق للمارشال ليوطي أن قال: إن مصالحنا تأمرنا بأن نجعل تطور البرابرة خارج حوزة الإسلام.
أما الكاردنال لافيجري (مؤسس جمعيات التنصير في شمال إفريقيا) فصرح قائلا: لن تتفرنس إفريقيا الشمالية وهي مسلمة، وأكبر وسيلة لإدماجها في العائلة الفرنسية، إخراجها من الإسلام
ونختم هذه التصريحات، بما جاء على لسان لوسيان سان، المندوب السامي للحكومة الفرنسية في إحدى الصحف الفرنسية بعنوانمغرب الغد وذلك بعد صدور الظهير البربري بشهور: إن فرنسا سيتاح لها أن تنفذ ما تنبأ به بعض أبنائها العظام مثل أسقف لافيجري والأب نوكو وأنهى مقاله بقوله: إن هذه البلاد ستدخل في حياة جديدة، بعد ليل الإسلام الطويل
ويلاحظ الأستاذ عبد الكريم غلاب في كتابه تاريخ الحركة الوطنية أن الظهير البربري كانت فيه نعمة للبلاد، حيث يقول: ولكنها أي فرنسا لم تكن تدرك أن القضية البربرية كانت فصلا فريدا في تاريخ المغرب الحديث.. عاد معنى الأمة الواحدة والشعب الواحد ليحتل تفكير الطبقة المتحركة في البلاد من مثقفين وطلبة وتجار وصناع، ولأول مرة في التاريخ خ بعد الدعوة الإسلامية- توحد حركة وطنية فكرية الأمة، وتبعث الوحدة الوطنية لا بالقوة والسيف، كما كان شعار الحكم الذي يواجه القبائل الثائرة، ولكن بالفكرة الوطنية، وبذلك حل الوطن مكان القبيلة وحلت الوطنية مكان العرق ص.63
عمليات تنفيذ الخطة الاستعمارية
وإصدار الظهير البربري سنة 1930
يمكن تلخيص ما جاء فيه كما يلي:
1 إحياء اللغة البربرية وكتابتها بالحروف اللاتينية.
2 إنشاء مدارس فرنسية بربرية لا عربية فيها.
3 حيث كان للبربر، قبل الإسلام، وبالرغم من مسيحيتهم، عادات بسيطة تجري مجرى القوانين لم توفق المسيحية لتغييرها، وتتعلق أساسا بأحوالهم الشخصية وحياتهم العائلية، أما فيما يرجع إلى الأمور الجنائية، فسيخضعون للمحاكم الفرنسية الخاصة.
ومعلوم ما في هذا النص من مخالفات لمعاهدة الحماية، وخاصة بعد إلغاء وظيفة القضاء الشرعي في القبائل البربرية، بل وإبطال العمل بعقود البيع الشرعية، وتصبح المحاكم العرفية تنظر في الدعاوى المدنية والتجارية والدعاوى المختصة بالعقارات أو المنقولات، كما ستنظر في جميع القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية أو بأمور الإرث حسب العوائد المحلية.
ومن جهة أخرى، ألف المدعو سوردون، معاون الجنرال نوغيش، كتابا دون فيه العوائد البربرية القديمة، وأخذ يدرسه في معهد الدراسات العليا بالرباط.
يقظة الوعي الشعبي بقيادة العلماء ورجال الحركة الوطنية
استدعى المقيم العام لوسيان سان الشيخ شعيب الدكالي، وطلب منه تسكين الحركة الثائرة من أجل السياسة البربرية فأجابه قائلا: إن كل مغربي، بل كل مسلم مشارك في هذه الحركة لأنها احتجاج على السياسة الرامية إلى هدم الديانة الإسلامية، وأنا نفسي من جملة الدين وقعوا على الاحتجاج المقدم إلى السلطان، لأن من لم يفعل ذلك يعد مارقا في الدين. وعندما طلب منه أن يشهد أن ما يذاع على فرنسا مجرد كذب، أجاب: أنا حاضر خ جاهز- أن أكتب هذا بعد أن تكونوا رجعتم عن سياستكم هذه، وألغيتم الظهير، أما قبل ذلك فلا وحولت سلطات الحماية بشتى الوسائل تسكين الخواطر، ولكن استمرت كتابة المناشير على حيطان المساجد تذكر الناس بواجبهم في القضية البربرية بإمضاء الجمعية السرية الإسلامية.
وكثرت المظاهرات والاحتجاجات في الحواضر والبوادي، وتواصلت قراءة اللطيف في المساجد بهذه الصيغة اللهم يا لطيف نسألك اللطف فيما جرت فيه المقادير، ولا تفرق بيننا وبين إخواننا البرابر كما استمرت مقاطعة البضائع الفرنسية وانتشرت شعارات وطنية.
وقامت تطوان بدورها فقدمت احتجاجا صارخا إلى السلطان والمقيم العام ووزارة الخارجية الفرنسية، بعد أن زارها وفود الكثير من القبائل البربرية الريفية، وآزرت المغرب العديد من الفعاليات العربية والإسلامية، فقامت بعض الصحف في العالم العربي وخاصة جريدة الفتح التي تجندت لنشر الأخبار التي تصلها بالتوالي من المغرب أو من ممثليها في فرنسا، أو من المجاهد الإسلامي شكيب أرسلان من سويسرا، مخبرة بالثورة الفكرية التي يقوم بها المغاربة وكفاحهم المتواصل رغم السجون والمنافي والتعذيب، وذاكرة بأن العديد من القبائل البربرية بدأت تلجأ إلى المقاومة المسلحة، فضلا عن الوفود العديدة التي تصل إلى الرباط للاحتجاج والتي تعترضها السلطات الفرنسية وتسجن العديد منها.
وقد حاولت سلطات الحماية الاستنجاد بطوائف من العلماء والأعيان لتهدئة الوضع، فكان موقفهم مناصرا لرغبات الأمة، كما رأينا مع الشيخ شعيب الدكالي، ووجه العلماء، ورجال الحركة الوطنية رسالة إلى السلطان طالبين استقبالهم ليقدموا له مطالب الشعب المغربي في القضية البربرية، وممن أمضى الرسالة العلامة عبد الهادي بلمواز والعلامة عبد الواحد الفاسي وابنه علال الفاسي ومحمد بلحسن الوزاني وعمر بن عبد الجليل ومحمد الديوري ومحمد بن عبد السلام عضو الغرفة التجارية والمجلس البلدي.
المطالب المقدمة إلى الملك
1 احترام نفوذ جلالة الملك السلطان أيده الله بالإيالة الشريفة وتثبيت سلطته الدينية والدنيوية، وذلك بجعل سائر الولاة المخزنيين من قضاة وقواد وبشوات ومحتسبين ونظار وأمناء الأملاك مسؤولين أمام الحكومة الشريفة.
2 إصدار ظهبر مولوي يجعل سائر الحواضر والبوادي خاضعين لحكم الشريعة الإسلامية.
3 تنظيم المحاكم الشريفة وإصلاحها وتولية الأكفاء فيها سواء الشرعية منها أو محاكم الباشوات والقواد والمحتسبين وتعميمها في سائر القطر المغربي لا فرق بين حواضره وبواديه.
4 توحيد برنامج التعليم في سائر المدارس التي تؤسس لتعليم الأهالي سواء في المدن أو القبائل وتعميم اللغة العربية التي هي لغة القرآن فيها وتعميم تعليم الدين الإسلامي.
5 احترام اللغة العربية لغة البلاد الدينية والرسمية في الإدارات كلها بالإيالة الشريفة وكذلك سائر المحاكم وعدم إعطاء أي لهجة من اللهجات البربرية أي صفة رسمية، ومن ذلك عدم كتابتها بالحروف اللاتينية.
6 إيقاف حركة المبشرين على اختلاف جنسياتهم ومذاهبهم ومنعهم من التجول بالقبائل والحضور في الأسواق والمواسم ونشر أي شيء يمس بكرامة الإسلام وحرمة النبي صلى الله عليه وسلم بأي نوع من أنواع النشر.
7 لا تعطى إعانة من ميزانية الدولة الشريفة أو ملك من أملاك المخزن للجمعيات التبشيرية من الساعين في تشييد الكنائس ومنتديات التبشير في أطراف البلاد المغربية.
8 عدم السماح للمبشرين بإحداث ملاجئ للأيتام واللقطاء ومدارس صناعية وعلمية بالبنين والبنات والإنفاق عليها من المال المعد للمصالح العامة وأموال جماعة المسلمين، كما هو مقرر في الشريعة الإسلامية، أما ما سبق تأسيسه، فإما تقوم به الحكومة الشريفة، وإما أن يقفل، وعلى أي حال، لا ينبغي أن تبقى هذه الأوضاع تحت نفوذ المبشرين.
9 لا يعين الرهبان والمبشرون للتدريس في مدارس الحكومة أو في إداراتها.
10 عدم التعرض لفقهاء المكاتب والمشارطين في القبائل وإعطاء الحرية للوعاظ والعلماء وشيوخ الطرق الوفية للتجول في الأنحاء المغربية لقصد تعليم الناس أحكام دينهم وحثهم على إفشاء شعائره.
11 إسقاط جوازات السفر داخل الإيالة التي يحصل بها بعد الحضري عن البدوي ويتعذر بذلك تفقيه الأمة من الدين والاكتفاء عند التنقل بورقة التعريف الشخصية.
12 اعتبار جميع السكان الموجودين بالبلاد المغربية ما عدا الأجانب، تحت رعاية مولانا السلطان وسلطته، خاضعين للمحاكم الشرعية والمخزنية التي تؤسس باسمه الشريف، وكذلك اعتبار جميع المغاربة ما عدا اليهود، مسلمين بمعنى أنه لا توجد ملة ثالثة للمغاربة
13 منح العفو العام عن جميع المسجونين والمنتفيين في هذه النهضة، وعدم التعرض لكل من خاض فيها. (المصدر: الحركة الوطنية والظهير البربري: الحاج الحسن بوعياد ص259) وقد جندتهم سلطات الحماية على يد الباشا ابن البغدادي، ومما جاء على لسان علال الفاسي في الحركات الاستقلالية في المغرب العربي: أن النواب المغاربة فيما كان يسمى بمجلس شورى الحكومة طالبوا بفرض اللغة العربية في المدارس التي تؤسسها الدولة للأجانب ثم يصف الحالة التي كانت قائمة في فاس على إثر صدور الظهير البربري قائلا:واشتدت الحركات الاحتجاجية بفاس، وامتلا مسجد القرويين بالآلاف واعتقل العديد من العلماء والوجهاء، واجتمع الجمهور بالمجلس البلدي، حيث وقع انتخاب وفد مكون من 24 عضوا(من بينهم علال الفاسي) يمثلون سائر الأوساط الشعبية، نحضر مطالب أيدتها عرائض شعبية من كل جهة ص .146 أما المطالب التي قدمت للسلطان، فكانت ثلاثة عشر مطلبا. وعبثا حاول المقري أن يقنع موقعي الوثيقة بعدم إرسالها إلى الملك، ولكن الكل أصروا على إلغاء الظهير البربري، وذهب الوفد إلى الرباط لتقديم المطالب إلى الملك الذي كان ميالا إلى إلغائه، ولكن معارضة المقري، ومن وراءه من سلطات الحماية، جعلت الملك يكتفي بتوجيه رسالة لتقرأ في المساجد، يدعو فيها إلى الهدوء والسكينة، وبدل الإلغاء ارتأى السلطان إسعاف رغبة شعبه بثلاثة أشياء:
1 أن من طلب القضاء الشرعيين من القبائل البربرية يجاب طلبه إليها.
2 أن تدرج اللغة العربية في التعليم الديني في برامج التعليم البربرية.
3 أن يمتع المبشرون من التجول في القبائل البربرية.
إلا أن المعتمد الفرنسي عارض هذا البند بدعوى أن حرية الأديان والتبشير بها من الاتفاقات الدولية التي تنص عليها مواثيق جمعية الأمم.
وحينما قرئ المكتوب السلطاني على منابر مساجد المدن والحواضر، قوبل باستنكار شديد وبمزيد من الاحتجاجات والعرائض الموجهة للسلطان وللسلطات الفرنسية، وأرسلت نداءات إلى العالم الإسلامي للاستنجاد الأمر الذي دفع بعض الجهات فيه إلى إرسال احتجاجات إلى عصبة ألأمم بجنيف، كما أن ممثلي دول المغرب العربي الأربعة وجهوا احتجاجا رسميا لرئيس الوزراء الفرنسي.
ارتباك السياسة الاستعمارية
ولما ضاقت السياسة الفرنسية درعا بمقاومة المغاربة وأصبحت تصلها الأنباء من سفاراتها بالعالم الإسلامي أعلنت عن عزمها على تعديل سياستها التنصيرية معلنة ذلك على لسان ممثليها في الخارج وعن طريق بعض صحفها. ولكن الدعم السياسي والصحفي للمغرب ضد فرنسا كان قد انتشر في سائر البلاد الإسلامية حتى الهند وأندونيسيا، وتركز في مصر وفلسطين عن طريق الجمعيات والصحافة وذلك برفع الاحتجاجات للمفوضيات الفرنسية في هذه البلدان، بل وإلى عصبة ألأمم، على ظلم فرنسا بإجبار مسلمي البربر على اعتناق الدين المسيحي.
وقامت من جهة أخرى، ردود فعل في الداخل لتثبيت اللغة العربية والتعليم الإسلامي، فأحدثت العديد من المدارس الحرة المزدوجة اللغة عربية وفرنسية، وتضاعف تحفيظ القرآن الكريم وتدريس العلوم الإسلامية في المساجد والزوايا في مختلف المناطق المغربية رغم التعسفات وتزايد الاهتمام بالصحافة العربية، وانكب رجال الحركة الوطنية على استغلال الصحف العربية والفرنسية خارج المملكة، بل وأنشأوا صحفا بالفرنسية أشهرها صحيفة مغرب في باريس و عمل الشعب بالمغرب. ومن أهم الأحداث التي كان لها صدى كبير، انعقاد المؤتمر الإسلامي العام بالقدس تحت رئاسة محمد أمين الحسيني رئيس اللجنة التنفيذية للمؤتمر بتاريخ 17 دجنبر 1931 والذي وجه رسالة احتجاج لعصبة الأمم يقول فيها: قابل المؤتمر ذلك- يقصد السياسة البربرية- بأشد الاستنكار ورأى فيه عدوانا صارخا على الحرية الدينية وكرامة الدين الإسلامي وأحكامه، مما لا تجيزه شريعة سماوية ولا قانون مدني، وطالب المؤتمر في الأخير إلغاء الظهير البربري والكف عن أساليب التبشيرية الفرنسية الخطيرة، وقد مثل المغرب في المؤتمر الأستاذان المكي الناصري والحاج محمد بنونة وحضره ممثلة اثنين وعشرين قطرا إسلاميا.
وبالإضافة إلى المجهودات المبذولة من المغاربة في الداخل والخارج وإلى الحركة المغربية الإسلامية التضامنية، ومساهمة شخصيات إسلامية هامة في مساندة الجهاد المغربي، وبصفة خاصة الأكير شكيب أرسلان ومحب الدين الخطيب ورشيد رضا، نجد أيضا بعض الأحرار الفرنسيين في فرنسا، بل حتى من بعض من كانوا في المغرب آنذاك، وسنكتفي فيما نشره هؤلاء في الصحافة الفرنسية بالإشارة إلى بعض الفقرات مما نشره الكابتان دانييل غيران وإيميلي ديرمانغام.
ففي مقال نشره في إحدى الصحف الفرنسية قال السيد غيران: ومع أن البربر قد حافظوا على ذكرى لغتهم وعاداتهم القديمة، فإن الإسلام قد تأصل في صميم قلوبهم، وقد اشتهر يوسف تاشفين أحد ملوك البربر في القرن التسع بشدة تمسكه بالقرآن الذي أتم تعميم تعاليمه ونفوذه ليس في مراكش المغرب ، بل وفي ملحقاتها في الأندلس وشمال إفريقيا، وإن أسر البربر الكبيرة من الموحدين والمرينيين وعلى الأخص الملك العظيم عبد المومن .. هي التي أيدت الدين الإسلامي ويضيف أن المستعمرين لا يخشون شيئا أكثر مما يخشون الوحدة الدينية والوحدة القضائية للشعوب التي يحكمونها، فلا بد لهم على أي حال، وبأي ثمن، أن يفرقوا لكي يسودوا ويحكموا ويذكر في نفس المقال حقائق عملت الصحافة الفرنسية، كما يقول، على إخفائها:وبمجرد صدور الظهير البربري أقفلت المحاكم الشرعية التي أنشئت منذ عدة قرون كما أقفلت المدارس التي يعلم فيها القرآن وكذلك عزل قضاة القبائل البربرية وحظر على الوعاظ التجوال بين القبائل ويضيف في نفس المقال: وهذا المشروع العظيم لتنصير المسلمين قد لاقى كما هو منتظر أكبر وأسرع المساعدات من جانب الكنيسة... ويضيف دائما وفي نفس الوقت التي طرد فيه القضاة الشرعيون وأغلقت المدارس الإسلامية، زيدت قوات المبشرين المسيحيين في بلاد البربر كما ولو كان الأمر عن طريق المصادفة، وأنشئت مدارس سيدريها الفرنسيكان وتلك المنشآت ينفق عليها سخاء من الميزانية المراكشية ويقول عن موقف البربر وقد كان البربر أول من احتج على ذلك الإصلاح وقد أرسلت قبائل مختلفة عدة وفود للسلطان في الرباط للاحتجاج على القرار الذي اتخذ، وقد أجابتهم الحكومة بالقوة وقبض على ثلاثين من أي تيوسي وعشرين من ايت سغروشن عند عودتهم من الرباط... وفي نفس الوقت حظر التنقل فيما بين القبائل بدون جواز سفر خاص وختم كلامه قائلا: وقد حاول المستعمرون في مراكش عبثا أن يرجعوا القهقرى ليؤكدوا أن ظهير 16 ماي فسر تفسيرا خاطئا، وعبثا أعلن رئيس الجمهورية الذي استدعي على جناح السرعة في كل المدن أنه يحترم جميع العقائد وقد قوبل بفتور في جميع البلاد.
أما المستشرق إيميل ديرمانغام، فقد نشر في مجلة أوربا مقالا جاء فيه:إنه من العار أن يقع ما وقع تحت أنظار فرنسا. إنهم أرادوا أن يتسرعوا فأثاروا عاصفة قوية داخل البلاد وخارجها. فلا يجمل بفرنسا التي وعدت باحترام الإسلام أن تنسى وعدها، فالقرآن يقول :لا إكراه في الدين وقد نشرت له مجلة لاغريف مقالا مما جاء فيه: والمسلمون في جميع أطراف العالم ينسبون إلى فرنسا إشهار حرب صليبية على الإسلام، ولقد أظهرت هذه القضية وحدة العالم الإسلامي وتضامنه العجيب رغم زوال الخلافة وبعد الديار واختلاف الأجناس وفي محاولة تنصير البربر يقول: وبالفعل في بحر سنة ,1930 رأينا عددا عظيما من الآباء البيض والفرنسيكان يهرعون إلى المغرب، ورأينا مدارس دينية تبشيرية تفتح وكنائس تؤسس، ورأينا كتب العقيدة المسيحية تطبع بلغة البلاد وتوزع، مع أن كثيرا من المطبوعات الإسلامية التي لا ضرر فيها يمنع إرسالها من مصر والشام إلى المغرب
ومن جهة أخرى، صدر عن جمعية حقوق الإنسان بالدار البيضاء قرار جاء فيه: نظرا للاستياء من أعمال الرهبان الكاثوليك بالمغرب التي لا تزيد إلا غلوا واتساعا، وبما أن حركتهم واقعة داخل بلاد تمكنت الديانة الإسلامية من قلوب أهلها... لذلك نحتج بشدة على الأعمال المذكورة، ونطلب بإلحاح من سعادة المقيم العام أن يستعمل سلطته الكبرى فيقيم في أقرب وقت ممكن سدا دون حركة المبشرين
فشل الحماية الفرنسية
في سياستها البربرية
خلال السنوات الأولى بعد الظهير البربري، خاصة إبان الجنرال نوغيس، قامت السلطات الاستعمارية بضغوط متعددة، منها منع البربر من الحج، ومنها إبطال العمل بعقود البيع الشرعية، ومنها التضييق على القضاة والأئمة، ومنها إحداث بعض المدارس الفرنسية البربرية، ومنها بناء الكنائس في المدن والقرى، ومنها أيضا اعتبار الدارجة المغربية لغة حتى في امتحان الباكلوريا، على أمل التضييق على العربية الفصحى وحمولتها الثقافية الإسلامية، وفي نفس الوقت، أحدثت في معهد الدراسات العليا بالرباط دراسة اللغة البربرية على أساس تحضير شهادات، فضلا عن مواصلة البحث في أصولها ولهجاتها.
لكن، بعد المقاومة الشديدة للظهير البربري، اشتد الوعي لدى المغاربة وانتشرت الروح الوطنية، فأصبحت سلطات الحماية تواجه قوة وطنية عمت سائر البلاد، رغم المضايقات والسجون والمنافي، والتي توجهت حركتها بالمطالبة بالاستقلال سنة ,1944 واشتغلت فرنسا بالحرب العالمية حيث سنحت الفرصة للحركة الوطنية باستغلالها للمطالبة بالاستقلال وتوسيع نفوذها في المدن والبوادي، بموافقة تامة من ملك المغرب.
يقول الأستاذ عبد الكريم غلاب في هذا الصدد: ولم يكد الفرنسيون يعربون عن تحديهم لحركة الوطنية حينما زعموا أنها حركة سلبية..دون أن يكون بديل. حتى حددت كتلة العمل الوطني أهدافها وأفكارها في مطالب الشعب المغربي التي أعطى لأول مرة مفهوما واضحا للوطنية المغربية، بعيدا عن المفهوم العاطفي المجرد، فأصبحت تعني إقامة مجتمع متطور في التعليم والاقتصاد والفلاحة والصناعة يتمكن منه أبناؤه من المشاركة في تسيير حياتهم مع الاحتفاظ بشخصيتهم الكاملة وبلادهم المستقلة عن البلاد الحامية، ورفض الهيكل القديم المتمثل في تداخل السلط وتفسخ الإدارة ثم يضيف: فقد شعرت الإدارة الفرنسية بأن هناك مقاومة سياسية منظمة تستطيع أن تجابه الحماية بمطالب منطقية.
ما بعد الاستقلال؟
وحصلنا على استقلالنا وحريتنا في التصرف، فهل وضعنا استراتيجية محكمة لتوضيح معالم مشروع مجتمعي يضع أسسا لبلورة العوية المغربية المناضلة منذ قرون عدة، تكون مبنية على منظومة تربوية وثقافية وإعلامية مناسبة مع التفتح على اثلقافات والحضارات الأخرى دون استلاب لمقوماتنا اللغوية والثقافية والدينية؟
لكننا للأسف، صرنا نتخبط في مسيرتنا التنموية، بما فيها التربوية واللغوية والإدارية والاقتصادية على حساب لغتنا العربية الرسمية والتراثية، وحتى أقدم بعض المثقفين والإعلاميين المغاربة يتحدثون عن إحلال الدارجة المغربية بدل اللغة العربية، وتقزيم الثقافة الإسلامية، وحتى تشجع بعض الصليبيين المتعصبين وهم يطمعون من جديد في تنصير المغاربة أسوة بأسلافهم وقت الحماية الفرنسية، وفي هذا المسعى ما فيه من وسيلة إضافية لتثبيت اللغة والثقافة الفرنسية في المغرب، ولاسيما بعد حضورها القوي في المجالين الاقتصادي والثقافي.
فسبحان الله، كيف أن التاريخ يكاد يعيد نفسه، إذ أغفل عن الثوابت والمقومات، ولكن الأمل في أن يسايقظ الوعي الشعبي والنخبوي الوطني من جديد ليحول دون استلاب هويتنا العربية الإسلامية بفضل العناية الرسمية بالشأن الديني في بنيته الفوقية البشرية والمؤسساتية، بفضل انتشار الأعمال الاجتماعية والإحسانية، والسهر على أن تحترم سيادة المغرب ومعتقداته. وتجدر الإشارة إلى أنه في إطار الحفاظ على هويتنا الكاملة وتنميتها، وقعت العناية بالثقافة الأمازيغية التي كان الاستعمار، وبعض منظريه يستغلونها ليفرق بين المغاربة ويكسر التلاحم العربي الإسلامي الذي ينتسب إليه المغرب، ولكن الشعب المغربي، حكومة ومكونات جمعوية وطنية، انطلق ليؤكد على أن الأمازيغية مكون أساسي لهويتنا المغربية الأصلية، بالإضافة إلى اللغة والثقافة العربية، والتي هي بدورها في حاجة إلى حمايتها وترقيتها لتسهم في التنمية البشرية، وتقوى الروابط مع العالم العربي والإسلامي الذي يجمعنا معه تراث ثقافي حضاري دام قرونا متعددة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.