اعتبر مراقبون أن أزمة براسري دي ماروك وما صاحبها من حملة إعلامية هدفها الضغط للتراجع على الزيادة في الضريبة على الخمور التي أقرها قانون المالية لسنة ,2010 والتي أدت إلى تراجع ملحوظ في مبيعات الخمور في المغرب. وسجل مكتب الصرف تراجعا كبيرا في واردات الخمور والمشروبات الكحولية، حيث انتقلت كمية تلك الواردات، مقارنة بين السبعة أشهر الأولى من سنة 2010 ومثيلتها لسنة ,2009 من 13 ألف و763 طن والتي تمثل قيمتها 261 ملون و 689 ألف درهما سنة2009 ، إلى 7 آلاف و157 طن سنة 2010 بقيمة 203 مليون و654 ألف درهما، وهو ما يمثل تراجعا بنسبة حوالي 48 في المائة. وترجع تفاصيل الأزمة التي أوصلت الشركة المنتجة للخمور في المغرب إلى القضاء، حسب مصادر إعلامية، إلى يونيو الماضي، حين امتنعت براسري دي ماروك عن أداء واجبات رسم علامة الترويج لشركة سيكبا التي تمثل إدارة الجمارك، والتي بلغت قيمتها 5 مليون درهم، بينما عمدت براسري دي ماروك، حسب ذات المصادر، إلى تسليم الشركة المذكورة شيكا بمبلغ 100 ألف درهم فقط، بناء على أن قيمة الرسم لا تتجاوز واحد سنتيم لكل لتر من الجعة، خلافا لما ينض عليه قانون المالية، أي 20 سنتيم لكل لتر من الجعة. وهو ما دفع سيكبا إلى رفع دعوى قضائية ضد براسري دي ماروك. وقال نجيب بوليف، خبير اقتصادي ونائب برلماني، إن الإشكال قائم بين براسري دي ماروك وشركة سيكبا، حيث تمتنع الأولى عن دفع التزاماتها المالية للثانية، وبالتالي -يضيف بوليف- لا يمكن إثارة تغيير القانون مرة أخرى، كما لا يمكنها أن تطالب بتغيير القانون الآن، بل على براسري دي ماروك أن تدفع ما عليها للشركة المدينة من مستحقات. وبينما تدعي براسري دي ماروك أن جوهر الخلاف هو تجاري بينها وبين سيكبا، قال المدير العام لإدارة الجمارك المباشرة وغير المباشرة، زهير شرفي، أن الخلاف هو مع الإدارة العامة للجمارك وبالتالي مع الدولة المغربية، مؤكدا في حوار نشرته إكونوميست أمس، أن براسري دي ماروك تختبئ وراء مسألة الأسعار، لرفض نظام المراقبة. وأكد شرفي أن المشكل سينتهي فقط عندما تستجيب براسري دي ماروك للقانون، وتدفع ما عليها من واجبات مالية للدولة التي تضيع فيها يوميا. وقال الدكتور مصطفى أكوتي، أستاذ جامعي في الاقتصاد، إن سلوك براسري دي ماروك يعبر عن انقلاب على القواعد المنظمة بين الإدارة والفاعلين الاقتصاديين، مبرزا في تصريح لالتجديد أن المنطق يفرض أن تلتزم براسري دي ماروك بالقانون، ثم بعد ذلك رفع تظلمها للجهات المعنية، لا أن تلتف على القانون. وأضاف أكوتي أن براسري دي ماروك تؤكد بامتناعها عن دفع الضرائب، أنها فاعل اقتصادي فوق القانون، وتستند على القوة لتكريس اقتصاد الريع، وتمارس استغلال النفوذ للالتواء على التوجه نحو الشفافية وتطبيق القانون، هو ما يتعارض مع كل الاصلاحات الإقتصادية التي شرع فيها المغرب منذ التسعينات. وتسعى براسري دي ماروك التي تحتكر إنتاج الكحوليات بنسبة 97 في المائة، إلى الالتفاف على دفع الضرائب لشركة سيكبا التي تمثل إدارة الجمارك، بالترويج إعلاميا أن المغاربة محرومون من الجعة في أفق 20 شتنبر فقط، كما نقلت ذلك أسبوعية لافي إكونوميك في عددها الأخير، بعدما أعلنت أنها توقفت عن إنتاجها منذ 4 شتنبر الجاري، وذلك لأن سيكبا تطالب بمستحقاتها المالية حتى يمكنها أن تضع علامة الترويج على منتوجات براسري دي ماروك من جديد. وتزعم الأخيرة أن الخمر بات جزء من الحياة اليومية للمغاربة، وأنه يدر على الدولة فوائد مالية كبيرة، بفعل الضريبة على الاستهلاك. هذا، وتزعم براسري دي ماروك أن المغاربة يستهلكون 130 مليون لتر من الخمور سنويا، تأتي الجعة في مقدمتها ب90 مليون لتر، أي ما يعادل 1,1 قنينة من حجم ربع لتر يوميا خلال 11 شهرا باستثناء رمضان، ويأتي الخمر في المرتبة الثانية ب38 مليون قنينة خلال السنة، ثم الويسكي ب 3,1 مليون قنينة، تليه الفودكا بمليون قنينة، وتأتي الشامبانيا في آخر الترتيب ب140 ألف قنينة خلال السنة.