قدم علال الفاسي عدة انتقادات حول طبيعة الحكم الذي سار عليه المغرب، وعبر في العديد من المناسبات عن ضرورة اعتماد النظام الديموقراطي، ففي كتابه النقد الذاتي، يعتبر بأن المغرب ما يزال لحد الآن في أنظمته العتيقة، وعلى الرغم من رغبة الملك وطموح أمته لنيل الحياة النيابية التي تيسر لها سبيل الإعراب عن وجهة نظرها والمراقبة على سير شؤونها فإن البلاد ما تزال ترزح تحت ثقل نظام من العصور الوسطى تدعمه إقطاعية جديدة يأبى بعض الناس إلا دوامها. وبالنسبة له فإن المصلحة العامة تتطلب اعتماد النظام النيابي الذي يسمح بإشراك المواطن/الفرد في تدبير الشأن العام فليس في الأمة فرد لا يمكن أن تستفيد منه البلاد، بل إن في كل عضو من الجماعة سلطة معنوية تعطيه الحق في حراسة سير السلطة ومراقبتها. ويؤمن علال الفاسي بأن للفرد مسؤولية كبرى في إقرار النظام الديموقراطي ولذلك لا يصح أبدا أن يتخلى فرد من أفراد الأمة عن العمل السياسي، أي عن مراقبة السلطة وأعمالها، والذين يغيبون في الانتخابات مثلا (لأنها مظهر من مظاهر أداء هذا الحق والواجب)، يعتبرون أخلاقيا مقصرين في أداء ما فرض عليهم، وبالتالي مسؤولين عما يترتب على تقصيرهم من عبث أواستغلال أوخيانة كبرى. بل إن كل شعب لا يناضل من أجل العدل والحرية ولا يكافح لتعلو سيطرة الصالح العام فهو إلى فناء. إن البعد الديموقراطي في الفكر السياسي لدى علال الفاسي يتجلى أكثر في دفاعه عن النظام البرلماني وعن فكرة المجمع الشعبي المنتخبلصياغة الدستور، وهي أدوات إجرائية ملموسة تعتبر ترجمة حقيقية للديموقراطية التمثيلية. يعتبر علال الفاسي بأن وجود حكومة ديموقراطية وانتخابات حرة نزيهة رهين بوجود أحزاب حقيقية، كما يؤكد على دور الحزب كديناميكية بديلة لدينامية القبيلة، بل إنه يرى بأن على الحزب أن يلعب دورا وسيطا بين البرلمان والحكومة، كما يمكن أن يلعب دورا بديلا عن هيئة أهل الحل والعقد وهي الصيغة التي يتم اللجوء إليها لفض النزاعات. وبخصوص المسألة الحزبية فإن علال يربطها بالاختيار الشعبي، ولا يهم في نظره أن يكون هنالك حزب واحد أم أحزاب متعددة، لأن لكل جماعة الحق في أن تصطلح على النظام الذي تريده لنفسها. إن الأمة إذا اختارت أن يكون لها حزب واحد برضاها لا بالإكراه بمعنى أنها انخرطت كلها في حزب واحد فذلك من سعادتها وليس لأحد أن يكرهها على أن يخلق خلقا اصطناعيا أحزابا أخرى مع العلم أنه يعلن رفضه لنظام الحزب الواحد، لأنه يؤدي إلى تكديس السلطة في يد فئة واحدة. كما يشدد علال الفاسي على الحريات العامة كإحدى ضرورات العمل الحزبي لأن الأحزاب الحقيقية ذات النظام الديموقراطي لا تعيش في هناءة إلا في بلاد تتمتع بالحريات العامة. وهي خلاصة ينتهي إليها بعد استعراضه للتجارب الحزبية الموجودة في فرنسا وفي إنجلترا وفي أوربا الوسطى وفي تركيا وكذا في المشرق العربي وفي المغرب العربي. وفي الوقت الذي يبدي إعجابه بالنموذج الإنجليزي إلى درجة أن الحزبية السياسية خفي نظره- لم تزدهر في بلد بقدر ما ازدهرت في إنجلترا، لأن للأحزاب في هذا البلد تقاليد متينة وخططا واضحة وتاريخا مسايرا للتطورات الديموقراطية فيها، لا يتردد في القول بأن الأحزاب الفرنسية تقدم المثل الأعلى للتنظيم والمتابعة، ويرجع ذلك إلى عوامل الكثرة والفردية التي يتصف بها الفرنسيون وكذلك إلى عدم الاستقرار الحكومي الذي ابتليت به فرنسا مند سقوط الملكية إلى الفترة التي كتب فيها النقد الذاتي وهي فترة بداية الخمسينات. وينتقد علال الفاسي الواقع السياسي لتركيا (بعد ثورة أتاتورك) لأنها اعتمدت عند نشأتها نظام الحزب الواحد المسيطر على الحكم (..) الذي سلب الحريات السياسية والاجتماعية والدينية للشعب. ويرفض علال الفاسي نظام الثورة التركية (يقصد ثورة كمال أتاتورك) الذي لم يزد على أن يكون نسخة مشوهة من بعض المناهج الفرنسية،وهو نظام هدم اجتماعي أكثر منه نظام بناء (..) وليس في الأسلوب التركي شيئا خاصا يستحق أن يقتبس أو يستمد منه لأن أحسن ما فيه منقول نقلا كليا من بلاد الغرب وكذلك أسوأ ما فيه.