يقول الشيخ زروق رحمه الله - في قواعده - في شأن العبادة: كمال العبادة بحفظها والمحافظة عليها، وذلك بإقامة حدودها الظاهرة والباطنة ومن غير غلو ولا تفريط فالمفرط مضيّع، والغالي مبتدع، سيما إن اعتقد القربة في زيادته، وقد رأينا في الحلقة الماضية ضرورة العناية بفرائض الصيام: من نية وكف عن المفطرات، فيفهم أن مبطلات الصيام تتعلق بهذين الأصلين الكبيرين، وإن تلك المبطلات منها ما يوجب القضاء وحده، ومنها ما يوجب القضاء والكفارة معا. أما ما يوجب القضاء وحده - أي صيام يوم آخر مكان اليوم الذي بطل فيه الصيام - فقاعدته: من أفطر في رمضان غير قاصد انتهاك حرمة الشهر، كالناسي والمكره ومن عنده عذر شرعي، أو كان جاهلا بمفطر فأفطر،أو من تأول تأويلا قريبا؛ كاعتقاده فساد صومه أو إباحة الفطر لسبب غير موجب فأفطر، قال ابن أبي زيد في الرسالة: ومن سافر أقل من أربعة برد ( 88 كيلو متر تقريباً ) فظن أن الفطر مباح له فأفطر فلا كفارة عليه وعليه القضاء. ومن أكل ناسيا فعليه القضاء عند المالكية، وأما حديث: من نسي خ وهو صائم - فأكل أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه فخصه الإمام مالك بصوم التطوع. قال ابن أبي زيد في الرسالة، في شأن من أفطر في صيام التطوع سهوا: وإن أفطر ساهيا فلا قضاء عليه، بخلاف الفريضة ، وقال المالكية إن الحديث جاء لرفع الحرج والإثم عن المفطر ناسيا، وسكوت الحديث عن القضاء لا يوجب سقوطه. وممن يجب عليه القضاء عندهم: المكره على تناول المفطر، وكذا أصحاب الأعذار؛ كالمريض والمسافر والحائض والنفساء، وحدوث الشك عند الصائم بالإفطار في وقت لا يتبينه، وكذا شك الحائض والنفساء أكان الطهر قبل الفجر أم بعده، ووصول مائع إلى الحلق أو المعدة، وإخراج المني بمجرد النظر أو التفكر دون استدامتهما، وكذا خروج المذي بسبب مقدمات الجماع، وكذا حدوث الجنون والإغماء مع الفجر، ومن ذرعه القيء في رمضان فلا قضاء عليه، وإن استقاء فقاء فعليه القضاء. وقال ابن أبي زيد القيرواني في الرسالة: ومن أصبح فلم يأكل ولم يشرب ثم تبين له أن ذلك اليوم من رمضان لم يجزه، وليمسك عن الأكل في بقيته ويقضيه. ويرى المالكية أن من بطل صومه وكان عليه القضاء يمسك بقية يومه، إلا ذوي الأعذار كالمريض والمسافر والحائض والنفساء والمجنون؛ فلا يلزمهم الإمساك إذا زالت أعذارهم. ويستثنى المكره، إذ يلزمه الإمساك إذا زال عنه الإكراه.