يسجل عبد الواحد سهيل في الجزء الثاني من هذا الحوار ملاحظة مهمة بخصوص عدم استقرار النظام الانتخابي في المغرب، إذ يرى أن المغرب منذ دخوله المسلسلات الانتخابية لم تتم عمليتان انتخابيتان متتاليتان على نفس القاعدة الانتخابية، واعتبر أن ذلك يشكل خطرا لأنه حسب وجهة نظره يعطي الانطباع بأن شيئا غير سوي في العملية الانتخابية، ويلاحظ المناضل التقدمي أن اطراد نتيجة عدم حصول أي حزب على الأغلبية في كل الانتخابات، كما التقطيع الانتخابي الذي يعطي للبادية أكثر من حجمها الديمغرافي والاقتصادي يؤشر بأن النظام الانتخابي يخضع لحسابات سياسية. ويجدد سهيل الدعوة إلى حوار وطني حول الإصلاحات السياسية الشاملة التي ينبغي للمغرب أن يدشنها، ويدعو إلى تعميم نظام اللائحة حتى يتم حسم مشكل التقطيع من جهة،ونقل الوعي السياسي للمواطنين من الولاء للشخص إلى التعاقد على أساس مشروع مجتمعي وبرنامج سياسي. وبخصوص موقفه من الحركة الإسلامية يثمن سهيل الجهد الذي قامت به الحركة الإسلامية في التمايز بين الحركة والحزب، ويعتبر ذلك مؤشرا إيجابيا دالا على تطورها، ويعتبر أن مرجع الحملات التي تشن على العدالة والتنمية هو الترسبات التي مايزال يحتفظ بها البعض من ماضي الحركة الإسلامية والصدامات في المرحلة الجامعية، ويرى أن الحوار الهادئ كفيل بتغيير هذا الوضع، وتغيير الشروط التي تنتج مثل تلك المواقف. هناك تقريبا اتفاق عام داخل الأحزاب السياسية على إعطاء الأولوية للإصلاح السياسي والانتخابي، في حين أن اتفاقا مقابلا على أن الإصلاح الدستوري ينبغي أن يكون بتوافق مع الملك. في نظركم لماذا وصل تشخيص الأحزاب السياسية إلى أن الإصلاح السياسي والانتخابي هو المدخل الأساسي لعقلنة العمل السياسي وترشيده والقضاء على البلقنة وإعادة المعنى للسياسة والمصداقية والثقة للمؤسسات السياسية؟ المتتبع للشأن السياسي ببلادنا يلاحظ أنه منذ دخولنا في المسلسلات الانتخابية، منذ أكثر من خمسين سنة، لم تتم عمليتان انتخابيتان متتاليتان على نفس القاعدة الانتخابية. وهذا في حد ذاته خطير لأنه يعطي انطباعا على أن هناك شيئا غير سوي في هذه العملية، فإما يحصل تغيير في النظام الانتخابي، وإما يتغير الدستور، أو يتغير التقطيع، وإما تتغير العتبة. ومعنى هذا أننا لا نعرف استقرارا على مستوى العملية الانتخابية، هذا فضلا عن كون العملية الانتخابية نفسها تكتسي صفة التعقيد. أظن أننا اليوم محتاجون إلى نوع من التريث، ونوع من الإصلاح الذي يجعلنا ندخل في التطبيع السياسي في بعده الانتخابي. هذه مسألة، أما المسألة الثانية، فيخطئ من يعتبر أن المشهد السياسي يمكن تغييره بالقوانين وحدها. هذا غير ممكن، فتغيير المشهد السياسي هو عملية بيداغوجية تتطلب إصلاحات لها مغزى سياسي، وتتطلب تغييرا على مستوى القناعات الفكرية والسياسية، وتتطلب أيضا امتدادا في الزمن. وبدون شك، فنحن مقبلون في المرحلة القادمة على إصلاحات سياسية مهمة على الأقل من ناحية الجهوية الموسعة، فهناك حالة جديدة ستدخل إليها البلاد، تستدعي إعادة ترتيب الأمور من جديد على توزيع السلط بين الدولة والجهات. وأعتقد أن عمق الإصلاح السياسي هو أن تصير العملية الانتخابية معبرة حقيقة عن إرادة الشعب، وأن من يتم انتخابه هو مسؤول ومحاسب، وعليه أن يدفع الحساب، وهذا هو العنصر الأساسي في أي عمل سياسي في إطار الديمقراطية. نحن في إطار نظام ملكي دستوري، تتمتع فيه الملكية بسلطات تنفيذية، لكن المنتخبين يظلون مسؤولين أمام جلالة الملك. ولذلك، فالإصلاحات الدستورية لا يمكن أن تتم إلا بتوافق مع جلالة الملك لاعتبارين: لأن الدستور أولا لا يسمح بإصلاحه إلا بمساهمة من الملك، ثم ثانيا لأنه لا توجد في المغرب قوة سياسية وازنة ذات نفوذ إلا وتعتبر أن دور الملكية مركزي وأنه ينبغي أن يستمر كذلك. وعلى هذا الأساس، ربما نحن مطالبون بفتح حوار وطني حول الإصلاحات الدستورية، ليس بالضرورة قبل ,2012 ولكن نحن مطالبون بفتح هذا الحوار للنظر في مدى هذا الإصلاح في شموليته، وليس في تجزيئيته. إنه من العبث أن ننظر مرة في العتبة ومرة في النظام الانتخابي، ومرة نتحدث عن السلط والصلاحيات. أعتقد أننا مطالبون بأن نفتح حوارا عن الإصلاح في شموليته، إذ يتمحور السؤال أساسا حول: كيف يمكن أن نتفادى جوانب النقص في تجربتنا الديمقراطية التي حققت جملة من المكاسب؟ وكيف نرسم السبل التي تؤدي بنا إلى دمقرطة المجتمع؟ أشرتم في استقرائكم للعمليات الانتخابية التي مرت في تاريخ المغرب السياسي إلى أن المغرب لم يعرف استقرارا في نظامه الانتخابي في محطتين انتخابيتين متتاليتين، لكن هناك قاعدة مستقرة في نتائج الانتخابات التي عرفها المغرب، هي أنه لا أحد من الأحزاب ينال الأغلبية لوحده. هل مرجع ذلك في نظركم إلى أن هذه الآليات الانتخابية غير المستقرة تستعمل أداة للتحكم في الخريطة السياسية؟ بدون شك هذا صحيح. فالأنظمة الانتخابية ليست محايدة. وحتى في البلدان الديمقراطية تستعمل النظم الانتخابية لصالح من يحكم. وهذا رأيناه في فرنسا. فالمرور إلى نظام النسبية في فترة حكم ميتران كان بقصد التوجه لضرب اليمين، وهي النظم التي أدت إلى أن تحتل الجبهة الوطنية موقعا كبيرا في المشهد السياسي الذي لا يسمح به النظام السياسي الحالي بالرغم من أنه يمكن له أن يكون حاضرا في بعض البلديات أو الجهات. الحاصل، أنه لا حياد للأنظمة الانتخابية، إضافة إلى أن الخريطة السياسية قائمة أساسا على بلقنة الأحزاب السياسية. فإذا نظرت إلى الأحزاب التي تشارك في الانتخابات في المغرب ستجد ثلاثين حزبا أو أكثر، وهو الأمر الذي تكرر في العمليات الانتخابية السابقة، مما يعني أن الخريطة السياسية قائمة أصلا على تفريخ هذه الأحزاب. وهذا طبعا له تفسيره في السوسيولوجيا، لأن المغرب، بالإضافة إلى الخريطة السياسية التي توجد فيه، هناك خريطة أخرى هي خريطة الأعيان، وخريطة القبائل والجذور القبيلة لبلادنا، والتي تنعكس حتى في المدن. وهو ما يفسر تغيير مجموعة من البرلمانيين لانتماءاتهم الحزبية، ومع ذلك يتم انتخابهم مرة أخرى من قبل الناخبين. منذ كتب ريني لوفو كتابه الفلاح المدافع عن العرش يعتبر فيه أن قاعدة التحكم في الخريطة الانتخابية تتم من خلال العالم القوي. ألا ترى أنه في كل الأنظمة الانتخابية التي عرفها المغرب، وفي كل التقطيعات الانتخابية، الخريطة السياسية في البادية هي التي تصنع الخريطة السياسية في بالبلاد؟ ألا يعطي هذا الانطباع بأن الديمقراطية في المغرب ستبقى مدة طويلة معاقة؟ بدون شك ستبقى معاقة، لأن الديمقراطية المغربية لا تقوم على أصل المساواة بين المدينة والبادية. فالبادية ممثلة بأكثر من حجمها الترابي وبأكثر من حجمها الاقتصادي خلافا للمدن. فساكنة المدن على الرغم من أنها تبلغ 54 في المائة، إلا أن هذه النسبة لا تنعكس على مستوى ممثلي الشعب في البرلمان، فأغلبية البرلمانيين يمثلون الوسط القروي. والمشكلة أن التقطيع ونظام الانتخاب يقوم على هذا الأساس وهو لا علاقة له بالعدل والإنصاف، وإنما له علاقة بحسابات سياسية. في حزب التقدم والاشتراكية ما هي مطالبكم على هذا المستوى؟ كنا طلبنا منذ مدة تعميم نظام اللائحة على المستوى الوطني، واعتبرنا أن هذا المطلب ربما يمكن أن يعطي خريطة سياسية مبلقنة، ولكن على كل حال، سيكون تصويت المواطنين على أساس اللائحة، وليس على أساس الشخص، وسيكون نظام الانتخاب موحدا، وإذ ذاك سيرتفع مشكل التقطيع. وكان تقديرنا أن هذا النظام سيضمن للأحزاب أن تفوز في مناطق نفوذها بأصوات كبيرة. وكما هو معروف فالتقطيع تدخل فيه اعتبارات إثنية ديمغرافية وسياسية واقتصادية... ولذلك، دائما يكون هناك نوع من الإجحاف فيه. فإذا كنت مرشحا في البيضاء، فيلزمك أربعة أضعاف الأصوات التي تحصل عليها في البيضاء لتنال مقعدا في السمارة أو كلميم وهذا في حد ذاته يطرح مشكلة كبيرة. ألا يمكن أن يكون اعتماد التقطيع بقانون حلا لهذه المشلكة؟ من الأفضل للتقطيع أن يكون بقانون. لكن، في نظري، سواء كان بقانون أم بمرسوم، فهذا لا يبعده عن العيوب والنقائص التي يمكن أن تكون فيه. فهذا القانون ستصوت عليه الأغلبية سواء كان جائرا أو عادلا. لأن عملية التقطيع عملية تقنية دقيقة. بالنسبة إلي يصعب علي أن أعرف أين ينبغي أن نوقف التقطيع في دكالة مثلا مع أنها أصلي القبلي. هل ستبقى وحدها أم تنضم إلى الجديدة، وهل نعتبر سيدي بنور مدينة أم بادية؟ ولكن في التجارب الديمقراطية المفترض أن المعطيات التي يبنى عليها التقطيع، سواء كانت إثنية أو ديمغرافية أو اقتصادية، يفترض أن تعمم وأن تكون بين يدي الأحزاب السياسية؟ وألا تبقى الإدارة الترابية محتكرة هذه المعطيات وتستثمرها في حسابات سياسية وانتخابية؟ ولذلك، قلت لا بد لنا من حوار وطني حول هذه القضايا بكل هدوء، ولا بد أن يحضر هذا الحوار، إلى جانب السياسيين، خبراء في الإدارة، ويتواصلوا معنا ويفسروا لنا المعايير التي يعتمدونها في التقطيع وربما يقنعوننا في ذلك. ولا بد أن نناقش في هذا الحوار تجارب البلدان الديمقراطية، وكيف يدبرون هذه القضايا. ليس بالضرورة أن نتوجه إلى تجربة فرنسا أو إسبانيا أو السويد، ولكن على الأقل، يمكن أن نستفيد من تجارب البلدان التي دشنت تجربتها الديمقراطية في إفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية لنستفيد من طريقتها في حل بعض الإشكالات التي نواجهها اليوم على هذا المستوى، وذلك حتى نتمكن من إنتاج نظام انتخابي مستقر لا يخضع عند كل محطة انتخابية إلى التبديل والتغيير. فالهدف ليس هو أن نصوغ خريطة سياسية على المقاس، ولكن هو أن نجعل قواعد اللعبة السياسية مستقرة، حتى يكون اختيار المواطنين للأحزاب السياسية قائما على مشاريع مجتمعية وبرامح سياسية، وحتى تصير الأحزاب قادرة على أداء الدور التأطيري الذي أناطها به الدستور. هناك اختلاف في التقدير بين مكونات النخبة السياسية وكذا المحللين والمراقبين السياسيين حول وضعية المغرب اليوم، وهل يشهد تقدما أم تراجعا، خاصة في مجال الحريات والديمقراطية والإصلاحات السياسية، في نظركم هل ترون أن الديمقراطية في المغرب تقدمت أم تراجعت؟ المتتبع لتطورات التحولات التي شهدها المغرب في العقد الأخير يشهد بأن المغرب يعرف تقدما على عدة مستويات، هذا يظهر على الأقل بالنسبة إلى الجيل الذي عشته. إلى مدة، وأظن حتى الحركة الإسلامية عاشت نفس الحالة، كنا ندافع أن يكون لنا مجرد الحق في الوجود الشرعي حتى يمكن لنا أن نتواصل مع الناس من غير أن يطالنا ما يمس حريتنا. يبدو لي أننا تجاوزنا هذه المرحلة، وصارت لنا مكتسبات في مجال الحريات العامة. لكن لا ننكر أنه قد حصلت في بعض المجالات بعض التراجعات. في مجال الصحافة هناك جدل واسع في الموضوع، وهل الصحافة معصومة من الخطأ، وهل يجب أن تتمتع بالحصانة التي تمنعها من مواجهة نتائج أخطائها، أم أنها يجب أن تخضع للقانون وأن تدفع الثمن عند ارتكاب الخطأ؟ أظن أن النقاش الآن يأخذ مساره في هذا الاتجاه. ومهما كانت هناك من تراجعات في بعض المجالات، فأظن أن التوجه العام هو أن المغرب في تقدم. في اعتقادي أن المشكلة الأكثر إلحاحية، والتي يمكن أن تكون مؤشرا على التراجع، هي الخصاص الكبير فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية. ربما تطورنا في المجال السياسي وفي مجال الحريات، لكن ربما لم نفعل شيئا كثيرا على مستوى اقتسام الثروات والعدالة والاجتماعية. ففي الوثائق الاقتصادية التي عرضت في مؤتمرنا، تشير الأرقام التي قدمتها المندوبية السامية للتخطيط، إلى أن الفرق بين الأغنياء والفقراء في المغرب ارتفع، إذ مر معدل الفرق من 10 إلى ,11 في الوقت الذي تطورت فيه البلاد وتراجع فيه الفقر، وفي الوقت الذي برزت فيه سياسات اجتماعية، بينما كان المفترض أن يستفيد من النمو الاقتصادي الذي شهده المغرب في السنوات الأخيرة الفقراء والأغنياء معا. الواقع أن هناك أغلبية من المواطنين لم يستفيدوا أو استفادوا قليلا. وهذا مؤشر غير سوي، لأنه لا يمكن أن نبني الديمقراطية بناء على التطور في الجانب السياسي فقط، فلا بد أن تكون الديمقراطية أيضا مبنية على الشق الاقتصادي والاجتماعي الذي يقوم أساسا على العدالة الاجتماعية والتضامن ثم محاربة الفقر ومحاربة الإقصاء والتهميش. وأعتقد أن هذا الجانب يلزمه اهتمام كبير، لكن مع الأسف بالرغم من الجهود التي تبذل في هذا الاتجاه إلا أن النتائج غير مرضية ولا تساير التطور الحاصل على المستوى السياسي. في موضوع الموقف من الحركة الإسلامية هناك عدة مدارس يقيم كل منها موقفه من الحركة الإسلامية بشكل مختلف، فهناك من يرى أن الحركة الإسلامية لها دور مهم في دعم الديمقراطية والاستقرار وتحقيق الإصلاح السياسي ومواجهة التطرف، وهناك من يرى أن الحركة الإسلامية تهدد الاستقرار وتقوض أركان الديمقراطية وتهدد المصالح الوطنية والخارجية. إلى أي مدرية تنتمون؟ يبدو لي أنه من غير الممكن أن نتحدث عن الحركة الإسلامية في عموميتها، ولكن يمكن أن نتحدث عن الحركة الإسلامية في المغرب، وبشكل خاص الحركة الإسلامية المشاركة في العملية السياسية. بالنسبة إلى حزب العدالة والتنمية، فهو حزب له جذور وسط الشعب، لا ينازع في ذلك إلا الجاحدون، وهو يملك امتدادا جماهيريا. أنا أرى أن حزب العدالة والتنمية تطور كثيرا، فعلى مستوى علاقته بحركة التوحيد والإصلاح، لا شك أن فك الارتباط الذي تم الشروع فيه، وضح أن هناك توجها داخل الحزب، ربما هو توجه الأغلبية، يركز على ممارسة السياسية بالأدوات السياسية، ولا يقوم بالدعوة كما تمارسه الحركة الدعوية. وبدون شك، فأنصار هذا التوجه داخل الحزب يعتبرون أنفسهم مغاربة يقومون بدورهم في العمل السياسي. وأعتقد أن هذا الاتجاه إيجابي. الذي يقع في بعض الأحيان، ويجعل الناس تحتار في حزب العدالة والتنمية، هو أنه في الوقت الذي يصرف فيه مسؤول سياسي في الحزب موقفا سياسيا، في الوقت الذي يخرج فيه أيضا بموقف له صفة تفسير الدين أو الإسهام في العمل الدعوي. علال الفاسي رحمه الله كان يقوم بهذا العمل. لكنه كان يلبس العمامة ويصرف مواقفه الدينية والدعوية في المسجد باعتباره فقيها من فقهاء القرويين، لكن عندما يدخل الساحة السياسية كان يطرح فكرة التعادلية. وبشكل عام، داخل حزب العدالة والتنمية، هناك مغاربة ككل المغاربة، فيهم متفوقون وفيهم أيضا متوسطو الذكاء، وشخصيا عندما أنظر إلى الإنتاج السياسي لهذا الحزب، يمكن أن أجد نفسي في تقاطع مع بعضه، ويمكن ألا أجد نفسي في البعض الآخر ، لكن حينما يحال النقاش إلى المعتقدات، حينذاك لا أعود أفهم شيئا. وربما التطورات المقبلة ستجعل هذا الحزب يسير صوب تحقيق أهدافه في تحقيق دولة ديمقراطية تضمن العدالة والتنمية. لكن كيف تفسرون الحملات التي توجه ضد العدالة والتنمية؟ لا ينبغي أن ننسى أن هناك جذورا تاريخية، فهناك الشبيبة الإسلامية، والجراحات التي تركتها، فهذه الأمور لا تزال تترك تداعياتها، ثم دعني أقول لك بأن النقاش الذي يكون متشنجا لا يسمح بتوفير مناخ من الثقة وسماع الآخر. شخصيا، اشتغلت مع الإخوة مناضلي العدالة والتنمية في مكتب مجلس مدينة الدارالبيضاء، وعرفتهم عن قرب، واشتغلنا جميعا بكل وضوح وتعاون وتلقائية، ووجدت نفسي مرتاحا في العمل إلى جانبهم، وبدون شك هم يتبادلون معي الشعور نفسه، وعلى الأقل هذا ما صارحني به أغلبهم. بكلمة، هناك إمكانية لكي نعيش في هذه البلاد في تعايش، ويمكن أن نشتغل جميعا لمصلحة البلاد، يمكن ألا نلتقي اليوم، لكن بقيت هناك أشياء، لا بد أن ننضج الظروف الموضوعية ونمحي رصيد الماضي لاسيما صدامات الجامعة. فهذه الأمور تترك رواسبها، لكن ما هو مهم هو ألا يكون لنا بقايا فكر الإقصاء وإلغاء الآخر وإلغاء دوره في المشهد السياسي. ما هي توقعاتكم لتموقع حزبكم السياسي في الخريطة السياسية بعد تجديد القيادة؟ عندنا هدف هو الرفع من أداء الحزب وتطويره، وسنعمل على أن نحقق تقدما. في الحقيقة حزب التقدم والاشتراكية لعب دورا مهما في التطور السياسي لبلادنا، لكن وزنه الانتخابي لا يوازي إمكانياته ولا يعكس ما يمكن أن يطلب منه. وأعتقد أن التطور الذي سار فيه المؤتمر كله يؤشر على أننا نسير في اتجاه أن ندفع في تقدم الحزب وتطويره حتى يحتل المكانة التي تناسب حجمه وإمكاناته. فقد عرف المؤتمر إفراز قيادة جديدة انتخبت بطرق جديدة بالنسبة إلى الحزب (الاقتراع السري)، والترشيح كان حرا ومفتوحا. الحقيقة أن النتائج لم تكن مفاجئة، فقد تبلورت هذه النتيجة بفضل التشبيب الذي عرفه الحزب. إذ إن 42 في المائة توجد اليوم في مواقع قيادية لأول مرة، طبعا هناك عناصر قديمة، وقد أصبحت شيخهم، إذ أعتبر اليوم أقدم قيادة في الديوان السياسي منذ أن دخلته سنة 1975 ونتمنى أن يكون من ثمرة هذا التشبيب أن ينعكس ذلك على نتائج الحزب في انتخابات 2012 ويتقدم موقع الحزب. ما هو سقف تطلعاتكم؟ نتمنى أن نحصل على 25 مقعدا فما فوق.