انطلقت حملة المليون توقيع الميدانية التي تدعمها جماعة الإخوان المسلمون والجمعية الوطنية للتغيير معًا سنغير، والتي دشنها شباب جمعية التغيير في 12 مدينة مصرية على رأسها القاهرة، حيث قام مئات الشباب، نهاية الأسبوع، بتنسيق مشترك في حملة طرق أبواب المواطنين في منازلهم والشوارع. وبدأت أولاً من القاهرة التي تعجّ بالمواطنين الذين أقبلوا على التوقيع بشكل أدهش القائمين على الحملة. في المقابل، اعتبر الحزب الوطني الحاكم بمصر أن حملة التوقيعات الشعبية على بيان محمد البرادعي يعد محاولة لنشر الفوضى في البلاد جراء ما سماه العبث بالدستور. وكان قيادي بارز بالحزب الحاكم قد قال في وقت سابق إنه في حال تمكن البرادعي من الحصول على مليون تفويض من المصريين بتعديل الدستور فإنه سيكون لمطالبه حيثية وجدوى، وذلك في وقت ينظر فيه القضاء قضية أقامها نشطاء لإلزام مكاتب التوثيق الرسمية بقبول توكيلات المواطنين للبرادعي. وانتشر ناشطو الجمعية ومنهم شباب من الإخوان في القاهرة، طالبين من المواطنين التوقيع على الحملة ورغم تردّد عدد يسير إلا أن نسوة ورجالًا مسنين يقولون إنّهم لا يستطيعون العثور على فرصة للعلاج أو لتوظيف أبنائهم العاطلين. وقالت جماعة الاخوان المسلمين في مصر إنها تمكنت من جمع 60 ألف توقيع ضمن الحملة التي يقودها المدير العام السابق لمنظمة الطاقة النووية محمد البرادعي للتغيير والإصلاح والتي تدعمها الجماعة. ووصفت الجماعة على موقعها على الانترنت العدد بأنه تطور سريع يثبت مدى تفاعل المصريين مع حملة التوقيعات على المطالب التي باشرت بها الجماعة منذ عشرة أيام من خلال الشبكة العنكبوتية. في الوقت نفسه، نقلت صحيفة الشروق عن منظمي حملة جمع التوقيعات أنهم تمكنوا من جمع 4000 توقيع من خلال حملة على المساكن في بعض المدن المصرية. ونقلت عن ناصر عبد الحميد منسق الحملة أن المشاركين تمكنوا من جمع هذا العدد خلال الأيام الثلاثة الأولى من بدء حملة طرق الأبواب التى تستهدف جمع مليون توقيع على بيان التغيير خلال 3 أشهر تنتهى فى أكتوبر المقبل. وأضاف عبدالحميد الحملة تستهدف جمع 10 آلاف توقيع فى اليوم الواحد للوصول إلى المليون. وتطالب حركة جمع التوقيعات بإنهاء حالة الطوارئ وتمكين القضاء المصري من الإشراف الكامل على العملية الانتخابية برمَتها، والرقابة على الانتخابات من قِبل منظمات المجتمع المدني المحلي والدولي وتوفير فرص متكافئة في وسائل الإعلام لجميع المرشحين، وخاصة في الانتخابات الرئاسية. كما تطالب بتمكين المصريين في الخارج من ممارسة حقِّهم في التصويت وكفالة حق الترشُّح في الانتخابات الرئاسية دون قيود تعسفية وقصر حق الترشُّح للرئاسة على فترتين، وإقامة الانتخابات عن طريق الرقم القومي، وتحقيق بعض تلك الإجراءات والضمانات بتعديل بعض مواد الدستور. وقال أبو العز الحريري القيادي في التجمع: إنّ الأيام الماضية كشفت عن رغبة ملحة في صدور المصريين الراغبين في إزاحة نظام الحكم الذي أذل المصريين وقذف بهم إلى قاع العالم. وأشار إلى أنّ الحزب الحاكم لن يتنازل بسهولة عن سدة الحكم لكن الشعب سينتصر في النهاية، بحسب صحيفة القدس العربي اللندنية. ومن جانبه، أشار الدكتور حسن نافعة إلى أنّ المصريين يرغبون أكثر من غيرهم من باقي شعوب المنطقة على الأقل في التغيير بسبب الظروف السيئة التي يعيشونها على أيدي الحزب الحاكم. وقال الدكتور إسماعيل عبد الرحمن أستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة وأحد الموقعين على بيان التغيير: إن سبب توقيعه يعود لرغبته في التغيير الذي أصبح أمرًا حتميًا في ظل الأوضاع السيئة التي تمر بها البلاد، موضحًا أنه لا يعنيه ترشح الدكتور البرادعي أو غيره من رموز التغيير والمعارضة إنما يعنيه التغيير فقط. وقال ناصر عبد الحميد، منسق الحملة: إن الانطلاقة تمثل قياسًا لمعدل تفاعل الشعب المصري مع بيان التغيير، لذا استهدفت عينة عشوائية من المواطنين. وأضاف أنّ استجابة المحافظات المبدئية للحملة وصلت إلى 90% في كل من طنطا والمحلة، والتي تمكن فيها الشباب من حصد العديد من التوقيعات بعد التفاعل مع المطالب التي تنص عليها، بجانب الانطلاقة الموازية بعين شمس والتي وصلت فيها نسبة الاستجابة نحو 80%. وفي سياق متصل أكّد النائب الدكتور محمد البلتاجي الأمين العام المساعد للكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين وعضو الجمعية الوطنية للتغيير، أنّ هناك مطالب سبعة للتغيير، وُضعت لضمان الحد الأدنى لنزاهة الانتخابات، مشيرًا إلى أن توقيع الآلاف من الجماهير يوضح أن الشعب بدأ يتحرك نحو مفاتيح الإصلاح ولن يتوقف. وأضاف أنّ الحملة المليونية إذا لم تتعقبها الأجهزة الأمنية سوف تؤتي ثمارها في فترة وجيزة لأن الشعب كفر بالنظام الراهن. وأكّد أن الإخوان والقوى الوطنية ستفرض منع تزوير الانتخابات، وسنناقش كيفية منع الحزب الوطني من خطف الوطن وسرقة أصوات الشعب، وأن هناك مطالب سبعة للتغيير، وُضعت لضمان الحد الأدنى لنزاهة الانتخابات، مشيرًا إلى أن توقيع الآلاف من الجماهير يوضح أن الشعب بدأ يتحرك نحو مفاتيح الإصلاح. إقبال على حقبة جديدة في سياق متصل، قال ماكس رودينبيك في تقرير نشره بمجلة ذي إيكونومست البريطانية إنّ رياح التغيير في مصر ربما بدأت تلوح في الأفق، وإنّ المرارة بدأت تتسلل إلى أحاديث الناس الذين يعانون منذ وصول الرئيس المصري حسني مبارك إلى سدة الحكم قبل 29 عامًا. وأضاف الكاتب تحت عنوان: الانتظار الطويل أنّ الزائرين إلى القاهرة ربما يجدون صعوبة في معرفة ما إذا كانت الأوقات التي تمر بها البلاد والعاصمة المصرية هي الفضلى أم أنّ الحقيقة هي العكس. وبينما أشار رودينبيك إلى علامات الدهشة والاستغراب الّتي قد تعلو وجوه المصريين العائدين من الغربة الطويلة إزاء ما تعانيه بلادهم من ازدحام مروري وفوضى وضوضاء، قال إنّ انطباع الزائرين ربما يكون عكس ذلك في ظل جمال المكان ولطف أهله وجودة بضائعه وخدماته، مضيفًا أن كلا الانطباعين ربما يكون صحيحًا. وأما في الشأن السياسي، فقال الكاتب إنّ المرارة ربما تسللت إلى حديث الناس بعد أن كان يتصف بالسخرية وبشكل لاذع، وذلك في ظل عدم حدوث أي تطور في سياسات البلاد منذ وصول الرئيس المصري حسني مبارك إلى سدة الحكم قبل 29 عامًا. وأوضح رودينبيك أنّ حالة المزاج المتعكر التي يعيشها المصريون ما هي إلا انعكاس للتناقض بين التطلعات المتزايدة للصعاب التي لا تنتهي، وسط الشعور المتزايد بالاغتراب عن الدولة والانتظار المتعب والترقب لما وصفها بالنهاية الحتمية التي تلوح في الأفق القريب لعصر معين. وعزا الكاتب التوقعات بحدوث تغيير سياسي يكاد يكون ملموسًا في مصر بكونها لا تعود للأنباء المتعلقة بالحالة الصحية للرئيس المصري، ولكن لأن المصريين الجدد قد تغيروا ولم يعودوا سلبيين كسالف عهدهم في ظل قدوم جيل من الشباب وصفه بأنّه يختلف بشكلٍ كبير عن حال أسلافه من حيث الثقافة والتعليم والاطلاع على العالم الخارجي، وأضاف أنّ الجيل الجديد من المصريين أيضا لا يتصف بالقدرة على الصبر لفترة طويلة. وبينما تساءل رودينبيك عن إمكانية وقدرة الجيل الجديد من المصريين على إحداث التغيير، أشار إلى الفساد المستشري في الأوساط الحكومية، وإلى القسوة وعدم المسؤولية التي تتصف بها الأجهزة الأمنية، وإلى فشل النظام المصري في القدرة على توفير الخدمات الاجتماعية الضرورية كالمدارس والرعاية الصحية وصيانة حقوق الإنسان، وغير ذلك مما يتطلع إليه الشعب المصري. وأشار الكاتب إلى أنّ مراقبين وكتابًا مصريين طالما عقدوا مقارنات في أوجه الشبه بين ما تشهده مصر في الآونة الراهنة وما كانت تعيشه في الفترة التي سبقت الإطاحة بالملك فاروق، والتي قال إنها أتت بنظام الحزب الحاكم الأوحد الذي يتقدمه رجل قوي وتحيط به أجهزة أمنيّة سرية وترعاه دبابات في الجوار. كما انتقد رودينبيك حال المدارس والمستشفيات والأوضاع الاقتصادية في مصر عامة، وقال إنّه بينما يتاح للمصريين دخول المدارس والمستشفيات مجانًا، تبقى تتصف بأنها قاحلة ومزدحمة، وأضاف أنّ الفقراء ما انفكوا يصطفون في طوابير طويلة انتظارًا لدورهم في الحصول على خبز بدعم حكومي، وأنّه يتوجب عليهم التقتير والتقشف من أجل توفير ثمن زوج من الأحذية. وقال الكاتب إنّ الحكومة المصرية تسعى لتخليد نفسها عبر الانتخابات التقليدية التي وصفها بأنها هراء، وأضاف أنه طالما ثبت بطلان التوقعات الماضية بحدوث التغيير، باستثناء التوقعات الراهنة التي وصفها بأنها مختلفة. واختتم بالقول إنّ مصر متجهة إلى إحدى ثلاث طرق من حيث نظامها السياسي، وأضح أنها إما أن تتبع النهج الروسي فيحكمها رجل قوي آخر من داخل الحزب الحاكم الأوحد، أو أنها تتبع طريقة إيران فيتولى أمرها نظام رغم الغضب الشعبي العارم، أو أن تنضوي تحت ما يشبه النظام في تركيا بحيث يكون نظامًا أقل هشاشة، ويثير الابتهاج في نفوس جميع المعنيين في البلاد.