تظاهر ما يقرب من نصف مليون شخص بقيادة أساقفة بالكنيسة الكاثوليكية وقيادات المعارضة المحافظين في العاصمة الأسبانية مدريد أول أمس السبت؛ احتجاجا على مشروع قانون جديد يسمح بزواج المثليين (الشواذ جنسيا) وتبنيهم أطفالا. ورفع المتظاهرون الذين ساروا في وسط مدريد بقيادة 20 أسقفا كاثوليكيا شعارات تقول: الأسرة = رجل+ امرأة، وأب وأم لكل طفل، تعبيرا عن معارضتهم لمشروع القانون الذي مررته لجنة بالبرلمان الأسباني أخيرا ويسمح بزواج المثليين، كما يعطي لهم الحق في تبني أطفال. وتعد هذه المظاهرة بحسب الأسوشيتد برس أكبر تحرك شعبي تقوده الكنيسة ضد الحكومة منذ أكثر من 20 عاما. ويرى المراقبون أن هذه المظاهرة تدل على النفوذ القوي الذي تتمتع به الكنيسة في أسبانيا ذات الأغلبية الكاثوليكية. وقال الأسقف خوسيه رامون فيلاسكو -أحد المعارضين للقانون الجديد: إذا تركنا هذا القانون لبعض الوقت فإنه سيدمر النسيج الأخلاقي لإسبانيا والغرب. وساندت الكنسية الكاثوليكية الإسبانية المظاهرة التي نظمها الملتقى الإسباني للأسرة، وهو منظمة مسيحية محافظة. وقال بيان الأسقفية إن القضية عادلة، والمؤمنون الأوفياء يستجيبون بطريقة مناسبة للتحدي المطروح عندما يستثمرون حقوقهم الديمقراطية للتعبير عن رفضهم بالتظاهر السلمي. وكانت الأسقفية الإسبانية قد دعت في مطلع شهر ماي الماضي الكاثوليكيين لمعارضة واضحة وحاسمة لزواج الشواذ الجنسيين. زواج يشكل، حسب قول الاسقفية، رجوعا إلى الوراء عن طريق المدنية وهو ضد العقل والمنطق. وكان البرلمان الإسباني الذي يسيطر عليه الاشتراكيون قد صوت على إباحة زواج الشاذين وفتح المجال أمامهم لتكوين أسرة في 22 من شهر أبريل ,2005 وينتظر أن يناقشه مجلس الشيوخ قبل أن يصبح ساري المفعول ابتداء من هذا الصيف. وكان البابا الجديد بنديكت السادس عشر (الكاردينال راتزينغر سابقا) قد دعا الأمة الكاثوليكية الإسبانية يوم 23 ماي 2005 إلى مقاومة التوجهات اللائيكية التي تهدد البلد، وطلب من الكنيسة الاإسبانية أن تكون حازمة في هذا الأمر. ولا يتوقف الخلاف بين الكنسية الإسبانية والحكومة الاشتراكية الإسبانية في إباحة زواج قوم لوط فحسب، بل يتعداه إلى الطلاق البحث العلمي حول الأجنة والاستنساخ والتعليم الديني في المدارس الحكومية.وحسب استطلاع أجراه معهد أوبينا يقر 82 بالمئة من الإسبانيين بأنهم كاثوليكيون، و47 بالمئة متدينون ملتزمون. تصوت الأغلبية الساحقة منهم للحزب الشعبي اليميني، غير أن ثلثي الإسبانيين يعتبرون أن الكنيسة بعيدة عن الواقع الاجتماعي. وفي إيطاليا حققت الكنسية انتصارا تاريخيا بدعوة أتباعها لمقاطعة التصويت حول قوانين الإخصاب الطبي المتحكم فيه والبحث العلمي لأغراض علاجية انطلاقا من خلايا الأجنة، وذلك ما اعتبره الأسقف الإيطالي أنجيلو سكولا، أسقف مدينة البندقية (فينيز) في مقال نشره بصحيفة لاريبوبليكا يوم 23 ماي ,2005 استهواء فاوست. وهذه الحملة الكنسية تشبه الحملة التي خاضتها الكنيسة وخسرتها في سبعينيات القرن العشرين ضد الطلاق والإجهاض، لكن في ذلك الوقت أمر، واليوم أمر آخر. ولم تتجاوز نسبة المشاركين في الاستفتاء يومي الأحد والاثنين 30 بالمئة مما يعني فشل الاستفتاء، والتوجه نحو تعديل النص المقترح أو استبداله. وكان العديد من الساسة الإيطاليين الكاثوليك، من بينهم الرئيس كارلو تشيامبي، قد تحدوا الدعوة التي وجهها الفاتيكان لمقاطعة الاستفتاء. فشل الاستفتاء، يعتبر حسب عديد من المراقبين انتصارا كبيرا للكنيسة الكاثوليكية، وللبابا الجديد الذي ألقى بثقله في المعركة، ويعد هذا الانتصار أيضا دليلا على وزن الكنيسة السياسي وبدء منعطف جديد في مسيرتها واسترجاعها لقوتها. حسن السرات