سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ناجية أقجوج عضو مركز الدراسات والأبحاث في مجال تصحيح صورة الإسلام :الإعلام الغربي يقدم المسلمين كإرهابيين ومتخلفين وشهوانيين.. ومواجهة ذلك تحتاج لاستراتيجية متكاملة
قالت الدكتورة ناجية أقجوج عضو مركز الدراسات والأبحاث في مجال تصحيح صورة الإسلام في فاس، إن الغرب اختزل الإسلام في منظومة فكرية ثلاثية الأركان وهي الإرهاب والتخلف والشبق، وأكدت أقجوج في حوار مع التجديد أن ردود فعل بعض المسلمين تجاه ما ينشر عن الإسلام وما يتعرض له الرسول عليه الصلاة والسلام من إساءة وهجوم في غالبها اندفاعات عاطفية وجدانية تعكس صورة سلبية عن الإسلام ومبادئه السمحة. وأوضحت أن دور المثقفين والمفكرين وعلماء الدين المغاربة في كسر هذه الصورة مطلوب على مستويين حيث يكون دورهم الأولي والرئيس من باب التبليغ ومن باب هداية الدلالة والإرشاد...ثم المرحلة الثانية تتمثل في تحقيق التميز في العطاء الفكري والأداء الثقافي والإعداد العلمي. من خلال أبحاثكم ومتابعاتكم، ما هي أبرز معالم الصورة النمطية التي يحملها الغرب عن الإسلام والمسلمين وكيف تشكلت هذه الصورة في المتخيل الغربي؟ بعد الدراسة والتتبع يمكن القول إن الغرب اختزل الإسلام في منظومة فكرية ثلاثية الأركان وهي الإرهاب والتخلف والشبق؛ فالمسلمون تبعا لذلك عدوانيون وإرهابيون ومتخلفون وشهوانيون..! وهذه الصورة إنما تشكلت نتيجة إرث مرضي وترسخت في المتخيل الغربي بواسطة كتب التراث والكتب المدرسية المشحونة بالافتراءات والأحقاد التاريخية المتجذرة والمفاهيم القروسطية، وأذكتها وسائل الإعلام والروايات الشعبية بتمريره المعلومات الخاطئة والمفاهيم المغلوطة، وبلورها الوعي والمتخيل المسيحي عن الإسلام والمسلمين. ألا ترين أن المسلمين يتحملون بشكل ما المسؤولية في انتشار أفكار سلبية عن الإسلام في أذهان الغرب؟ للأسف هذا أمر حادث، وعلى مستويات عدة؛ فردود فعل بعض المسلمين - داخل العالم الإسلامي أو في الغرب- تجاه ما ينشر عن الإسلام وما يتعرض له الرسول عليه الصلاة والسلام من إساءة وهجوم في غالبها اندفاعات عاطفية وجدانية تعكس صورة سلبية عن الإسلام ومبادئه السمحة، وما يحدث من صراعات داخلية بين مختلف الطوائف له أثره في التشويه وفي ترسخ تلكم الصورة، أضف إلى هذا التقصير الواقع في مجال التعريف بالإسلام شريعة وحضارة، وعدم تمثل مبادئ الإسلام وأخلاقيات الرسول عليه الصلاة والسلام... بل الأكثر من هذا كله أنه حين يتم العدول عن نصوص الشرع الإسلامي إلى مواد معينة... وحين تطالب بعض الجمعيات النسائية في الدول الإسلامية بالمساواة المطلقة استجابة لاتفاقية ما غير مراعية لخصوصية دينية ولا ثقافية ولا عرقية...وحين يستجيب المسلمون لحضور مؤتمر دولي يهاجم الدين الإسلامي علنا...فإننا نعتقد أن ذلك أكبر إسهام في تشويه صورة الإسلام...ولذلك صدق فينا قول الله تعالى: (قل هو من عند أنفسكم) آل عمران، آية .165 ولكن للأسف أن الغرب هو السبب في كل ذلك أولا، وهو رافض لفكرة التمييز بين الإسلام وسلوكيات بعض المسلمين ثانيا. كيف يمكن عمليا تجاوز هذا الواقع وتغيير هذه الصورة النمطية المترسخة في ذهنية الآخر؟ المطلوب استراتيجية شاملة من أجل تحقيق تكامل نوعي لتصحيح صورة الإسلام، ولابد من تظافر الجهود، وهذه الاستراتيجية تتطلب انخراط العالم والإعلامي ورجل المال والأعمال... فالمسؤولية مشتركة والواجب واجب ديني كفائي، والضرورة الثقافية تستوجب العمل على وجهات متعددة ومختلفة، وعلى مستويات، لأننا نحتاج لإزالة ما علق بأذهان الغربيين وتنقية التراث الغربي والكتب المدرسية من القنابل الموقوتة التي تفجر بين الشرق والغرب بين الحين والآخر أزمة معينة...ثم رصد كل ما يقال وينشر عن الإسلام والرد عليه بالحكمة والحسنى؛ وهذا أمر يتطلب وجود علماء أكفاء على مستوى عال من الثقافة الإسلامية، وخبراء متخصصين في مجالات متعددة لعل أهمها اللغات الحية... ومن جهة أخرى نحتاج إلى إعلام إسلامي كفيل بعرض قيم ومبادئ الإسلام السمحة بلغة الآخر من أجل تصحيح المفاهيم الخاطئة التي ترسخت في ذهنية الغربي إثر سلوكيات بعض المسلمين... وأخيرا نحن ملزمون بمقتضى الخطاب الإلهي بدعوة الآخر لحوار هادئ وكلمة سواء بعد التخطيط والدراسة والإعداد والاستعداد: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله) سورة سبأ، آية ,64 لأن الخطاب موجه للمسلم، وموجه لأمة الشهود والحضارة لتحقيق الخيرية، خير أمة أخرجت للناس. ما هو دور المثقفين والمفكرين وعلماء الدين المغاربة في كسر هذه الصورة ؟ هو دور مطلوب على مستويين أو على وجهتين، فلاشك أن عملية تصحيح صورة الإسلام ينبغي أن تنطلق من الداخل، وهذا أمر لا يختلف فيه اثنان، وهنا يندرج دور العلماء ويكون دورهم الأولي والرئيس من باب التبليغ ومن باب هداية الدلالة والإرشاد...ثم المرحلة الثانية تتمثل في تحقيق التميز في العطاء الفكري والأداء الثقافي والإعداد العلمي؛ إعداد الكوادر العلمية المؤهلة للخطاب في أبناء الجالية المغربية في الغرب، وإعداد البعثات الإرشادية القادرة على ترشيد فكر الأجيال الصاعدة في الغرب، وإعداد جيل قادر على مخاطبة الآخر بلغته... ثم ما دمت ذكرت تخصيصا في سؤالك بالمثقفين وعلماء الدين المغاربة فالجدير بالذكر أنه لا بد من تنسيق متكامل مع مغاربة الخارج من أجل الاضطلاع بالدور المطلوب في كسر تلك الصورة النمطية، من خلال إعادة ربط الخيوط المقطوعة بين الكفاءات المهاجرة، وربط جسور التواصل مع الأجيال المتلاحقة الفاعلة، وتفعيل التنسيق بين المؤسسات الثقافية والعلمية، ونعتقد أن الأمور ستسير إلى الأحسن في هذا الإطار خصوصا بعدما تم إحداث المجلس العلمي المغربي لأوربا بأمر من أمير المومنين محمد السادس نصره الله بتاريخ 27 شتنبر 2008م، والذي من بين مهامه النبيلة إقامة علاقات التعاون العلمي مع الدول الأوربية والمؤسسات والمنظمات الإسلامية من أجل فهم صحيح للإسلام، وتقديم الدين الإسلامي في بلاد المهجر في بهائه وصفائه والعمل على تصحيح الصورة المغلوطة التي تكونت لدى الآخر عن الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم، انطلاقا من سلوكيات خاطئة لا تعكس أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام. وهذا إضافة إلى مؤسسة مجلس الجالية المغربية بالخارج و مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج... وغيرها من المؤسسات العلمية ذات الأهداف المشتركة. كيف نواجه تحيز وسائل الإعلام الغربية ضد الإسلام ؟ قبل التفكير في سبل المواجهة لابد من معرفة أمرين اثنين هما في نظرنا الأساس والمدخل بل من أولويات نجاح العمل في هذا الإطار، أولهما أن هذا التحيز الإعلامي يرتبط بدون شك بتلك الصورة النمطية أو إنتاجها والعمل على تحريف المعلومات وتنميط الحقائق، وسياسة التحيز هذه التي تنتهجها وسائل الإعلام الغربية تعتمد في أصلها على معلومات ناقصة أو خاطئة مع إجحاف في عرضها، وهذا بالطبع أمر يوسع دائرة ترسخ الصورة النمطية وتأثيرها في العقول...والأمر الثاني وهو خطير كذلك ذلكم أن قطاعا من الإعلام الغربي وراءه شركات كبرى معروفة بتأييدها لإسرائيل ، ويعمل في إطار تحالف وتكامل تام، ووفق استراتيجية متناسقة يدعمها كبار الساسة والقيادات الدينية والمؤسسات العسكرية...من هذا المنطلق فإن سبيلنا الأول هو إيجاد استراتيجية متكاملة ومتناسقة بالتطلع إلى إعلام إسلامي محترف ومستقل، هادف و عقلاني، نوعي وقوي، وإحداث رابطة إسلامية للصحافة الالكترونية تقوم بمهمة الرصد والرد عن كل ما ينشر عن الإسلام والمسلمين من شبهات وافتراءات...والاهتمام بالصحافة المكتوبة كَمَاً ونوعا بإنتاج مادة إسلامية مميزة وترجمتها إلى مختلف اللغات الحية، لأننا حقا لنأسف ونحزن حزنا شديدا حين نجد في أسواقنا مجلات وصحفا غربية ملئية بالصور النمطية، وإنتاجنا قد لا يتجاوز الحدود الجغرافية للبلد الواحد...! وكل ماسبق يتطلب عملا جماعيا: (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين) التوبة ، آية .36 وهنا أقف معك أختي لحظة لدعوة الفئة المُدْرِكة من المسلمين في الغرب إلى استثمار ما آتاها الله من المال في بلاد الغرب استثمارا منضبطا من أجل إقامة صناعة إعلامية إسلامية مستقلة ومميزة لمخاطبة الغرب بلغته سواء على مستوى الصحافة المرئية أو المكتوبة أو المسموعة... ولما لا التفكير في تمويل بعض الحملات الجادة والهادفة مثل الحملة الأخيرة التي قادها الشباب المسلم في بريطانيا. انطلقت مجموعة من الحملات في أوربا لكسر الصورة النمطية السائدة عن الإسلام والمسلمين في الغرب كان آخرها الحملة التي أطلقتها مؤسسة استكشاف الإسلام البريطانية، إلى أي حد يمكن لهذه الحملات أن تغير هذه الصورة؟ لا ننكر أن الفئة المُدْرِكة الواعية من المسلمين في الغرب هي القادرة في نظرنا على تصحيح صورة الإسلام، وإبراز الصورة المشرقة لشخصية الرسول عليه الصلاة والسلام؛ سواء بتمثل الأخلاقيات والسلوكيات، أو بالعمل العلمي والإعلامي المنضبط.. ذلكم لأن المسلمين في الغرب هم الأقرب إلى الآخر بحكم التواجد والاندماج والمعرفة باللغة والثقافة... وهذه أمور تعوزنا نحن في البلدان الإسلامية. في الحقيقة نرى أن حملة ألهمني محمد صلى الله عليه وسلم التي أطلقتها مؤخرا مؤسسة استكشاف الإسلام تعكس جانبا من مستوى الوعي والإدراك لدى المسلمين في الغرب، سواء من حيث اختيار القائم بالمهمة وهي فئة من الشباب المحترف- والشباب هم من قاد رحلة التغيير مع الرسول عليه الصلاة والسلام-،أو من حيث الطريقة المتمثلة في عرض ملصقات معبرة الإعلام الغربي إنما نجح في تنميط الحقائق وتشويه المفاهيم وتعبئة الشعوب و تهيئة العقول اعتمادا على الصورة والكلمة القصيرة، ثم أخيرا المادة أو المواضيع المختارة، ونعتقد أن هذه الحملة المباركة سيكون لها عظيم الأثر في مجال تصحيح صورة الإسلام ليس بين أوساط البريطانيين فحسب بل في العالم بأسره خصوصا في إبراز الصورة المشرقة لشخصية الرسول عليه الصلاة والسلام حيث إن الشباب الذي قادوا هذه الحملة اختاروا الحديث عن الرسول الإنسان ورسول الحضارة والفكر والتنمية من خلال محاور مهمة قضايا كبرى التي باتت تسيطر على الرأي العام الدولي؛ وهي حقوق المرأة والعدالة الاجتماعية وحماية البيئة وحقوق الإنسان والرعاية الاجتماعية والرعاية الصحية و التعليم و المساواة والرفق بالحيوان والتعايش السلمي، وهذه هي أبرز الأمور نراها دائما جديرة بإبراز الصورة المشرقة لشخصية الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذه هي أبرز السبل التي نراها ناجعة. ثم إن ثمة أمرا مثيرا في تلك الحملة حيث إن الشباب من خلال تلك الملصقات لهم استراتيجية بعيدة المدى، ذلك أن كل ملصق فيه دعاية للموقع الذي يحمل اسم الحملة ىََِّىْملقٌٍِّّوفٍٍفل.كٍُ وأكيد أن العديد من الغربيين من الدخول سيدفعهم نوع من الفضول أو حب المعرفة الولوج للموقع على الشبكة الكاسحة للقارات حيث سيجد مادة علمية مميزة جدا تتجاوز التعريف إلى الإلهام والاتباع والاقتناع والاقناع... أنتم عضو مؤسس لمركز الدراسات والأبحاث في مجال تصحيح صورة الإسلام بفاس، متى تأسس المركز ؟ و ما هي أهدافكم ؟ ما هي أبرز أنشطتكم في هذا المجال؟ تأسس المركز في العام 2007م ، وكما هو واضح من اسمه فالهدف العام هو العمل في مجال تصحيح صورة الإسلام، ونهدف بذلك رصد وتصحيح ما ينشر عن الإسلام والنبي عليه الصلاة والسلام من افتراءات وأراجيف، وذلك من خلال التنسيق جهود الباحثين في هذا المجال والسعي إلى تكريس العمل الجماعي الهادف إلى إنجاز وتحقيق مشاريع علمية ونشر البحوث والدراسات المتعلقة بمجال اهتمام المركز وربط جسور التواصل والتعاون مع مختلف المراكز والمنظمات والجمعيات الثقافية. وقد سبق للمركز أن نظم خلال هذه السنة ندوة دولية في موضوع: ظاهرة الإسلاموفوبيا وسبل التعامل معها ، إضافة إلى إصدار سلسة تصحيح صورة الإسلام. حاورتها: سناء القويطيُّ