اغتنى الرصيد العلمي الاجتهادي الدعوي لمجلة المجلس - التي يصدرها المجلس العلمي الأعلى - بصدور العدد الخامس في حلة جذّابة، وبمساهمة ثلة من العلماء والمهتمين بالشأن الديني، والدعوة الإسلامية. يحمل العدد الجديد للقارئ مجموعة قيمة من الدراسات والأبحاث والمقالات التي تتوزّعها اهتمامات وقضايا تشكل - بمجملها - أسئلة الحاضر الإسلامي في المغرب، وتطلعات المستقبل، في إطار استلهام ثوابت الإسلام، والاستفادة من تراثه الزّاخر. ملف هذا العدد عن «الإسلام وحوار الحضارات» ويشتمل على هذه المقالات «حوار الحضارات، الضرورة والواقع والآفاق» للدكتور مصطفى بن حمزة، و«لمحة في فقه الحوار» لمحمد بالوالي، و«حوار الحضارات من خلال الرؤية الإسلامية» لعبد القادر الإدريسي. وتتصدر مواد العدد كلمته التي دبجها د.محمد يسف بعنوان «إمارة المومنين من منظور شرعي» وكذا الدرس الافتتاحي الذي ألقاه د.أحمد التوفيق في بداية سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية هذا العام، وهو بعنوان «عمل علماء المغرب، ماضياً وحاضراً». وتضمن العدد الجديد جواب المجلس العلمي الأعلى عن سؤال وجهه إليه المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) حول «ظاهرة تكفير أهل القبلة»، بالإضافة إلى المقالات التالية «آفاق التجديد» للدكتور اليزيد الراضي، و«المرونة والسعة في معالجة المستجدات في فقه النوازل على المذهب المالكي» للدكتور عبد الرزاق الوزكيتي، و«مقالات الأشاعرة في الإيمان» للدكتور عبد القادر بطار، و«أبو بكر الباقلاني الإمام المجدد على رأس المائة الرابعة من الهجرة» و«شعيرة الأذان في الإسلام وعناية الملوك العلويين بها» لحسناء داود، و«ملامح عن الحياة المغربية في رمضان» للاستاذ المرحوم محمد المنوني، و«أحداث مغربية في شهر رمضان» للدكتور أحمد حدادي، و«غزوة بدر والبناء الحضاري للأمة الإسلامية» للدكتور محمد أمراني علوي، و«آليات تفعيل الخطاب الديني» للدكتورة ناجية أقجوج، و«القرآن الكريم والدعوة إلى تنمية الحس الجمالي» لسعيد بوعصاب، و«مشروعية الدعاء بعد الصلوات ورفع اليدين فيه ومسح الوجه بهما» لمحمد أبو الخير. ونقرأ في ركن «متابعات»: «في ذكرى رحيل أب الأمة»، و«بلاغ من المجلس العلمي الأعلى»،و«مسؤولان من رئاسة الشؤون الدينية التركية في زيارة للمجلس العلمي الأعلى» و«المجلس العلمي للدار البيضاء يقيم دورة رابعة من الأسبوع الثقافي الإسلامي: القيم وأثرها في إصلاح الفرد والجماعة» و«الملتقى الثاني لأهل الحديث في خنيفرة: السنة النبوية وقضايا التنمية». ونقرأ في ركن إصدارات نبذاً تقديمية لهذه الكتب «مقاصد القرآن المجيد ومعانيه» و«إشراق البدر على الصحابة من أهل بدر» وترجمة فرنسية لكتاب «مرويات الإمام مالك في صحيح البخاري» و«حصيلة دورات المجلس العلمي الأعلى». هذا علاوة على استجلاء لمكنونات معالم مسجد تينمل أول منشآت العمران الديني الموحدي، من خلال دراسة لمحمد بوخنيفي. يقول عبد القادر الإدريسي في مقاله عن «حوار الحضارات من خلال الرؤية الإسلامية»: «لقد تمثلت في الحضارة الإسلامية القيم المثلى والمبادئ السامية التي ينطوي عليها اليوم مفهوم حوار الحضارات والثقافات، إذ كانت الحضارة الإسلامية حضارة حوار متواصل مع الحضارات الأخرى، مماجعل من الحوار مبدأ من مبادئ هذه الحضارة التي كانت منفتحة على آفاق المعرفة الإنسانية، تأخذ وتعطي، تتمازج وتتلاقح مع الحضارات التي كانت سائدة، ومع الثقافات التي كانت رائجة. والجدير بالذكر، في هذا السياق أنّ المسلمين هم أوّل من عرف علم مقارنة الأديان، وهم أول من صنف المؤلفات الكبرى الرائدة في هذا العلم الذي لم تعرفه أوروبا إلا في مطالع القرن العشرين نقلاً عن الحضارة الإسلامية. ومغزى ذلك أن الإسلام يعترف بالأديان والملل والنحل ولا يلغيها إلغاء، كما هو الشأن مع غير المسلمين الذين لايعترفون بالإسلام ولايُدرجونه ضمن الأديان السماوية التي يدرسونها، ولم يكن غير المسلمين في العصور الوسطى يسمحون بأن يعيش بين ظهرانيهم من لايدين بدينهم».