اعتذار على ورق الزبدة .. أبيدار تمد يدها لبنكيران وسط عاصفة أزمة مالية    وزير الشؤون الخارجية للنيجر: المغرب شريك أساسي بالنسبة لبلدان الساحل    بدء مراسم تشييع البابا فرنسيس في الفاتيكان    ولاية أمن الدار البيضاء توضح حقيقة فيديو أربعة تلاميذ مصحوب بتعليقات غير صحيحة    ماذا يحدث في بن أحمد؟ جريمة جديدة تثير الرعب وسط الساكنة    انطلاق المؤتمر الوطني التاسع ل"البيجيدي" وسط شعارات تطالب بإسقاط التطبيع    العالم يودع البابا فرنسيس في جنازة مهيبة بساحة القديس بطرس    مناظرة تحدد ملامح جمهور المستقبل    بنكيران: لا أرشح نفسي لقيادة "العدالة والتنمية" .. والقرار بيد المؤتمرين    المرتبة 123 عالميا.. الرباط تتعثر في سباق المدن الذكية تحت وطأة أزمة السكن    الشافعي: الافتتان بالأسماء الكبرى إشكالٌ بحثيّ.. والعربية مفتاح التجديد    المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة يبدأ تحضيراته الأخيرة لكأس إفريقيا بمصر    فليك: الريال قادر على إيذائنا.. وثنائي برشلونة مطالب بالتأقلم    سيرخيو فرانسيسكو مدربا جديدا لريال سوسييداد    شوكي: "التجمع" ينصت إلى المواطنين وأساسه الوفاء ببرنامجه الانتخابي    مؤتمر البيجيدي: مراجعات بطعم الانتكاسة    توقعات أحوال الطقس لليوم السبت    مصدر أمني ينفي اعتقال شرطيين بمراكش على خلفية تسريب فيديو تدخل أمني    كيوسك السبت | القطب المالي للدار البيضاء الأول إفريقيا وال 50 عالميا    منتخب الجيدو يحصد 5 ميداليات في اليوم الأول من البطولة الإفريقية    الصين تخصص 6,54 مليار دولار لدعم مشاريع الحفاظ على المياه    فعاليات ترصد انتشار "البوفا" والمخدرات المذابة في مدن سوس (فيديو)    الهلال السعودي يبلغ نصف نهائي نخبة آسيا    وثائق سرية تكشف تورط البوليساريو في حرب سوريا بتنسيق إيراني جزائري    تصفية حسابات للسيطرة على "موانئ المخدرات" بالناظور    الجهات تبصِم "سيام 2025" .. منتجات مجالية تعكس تنوّع الفلاحة المغربية    من فرانكفورت إلى عكاشة .. نهاية مفاجئة لمحمد بودريقة    أخنوش يمثل جلالة الملك في جنازة البابا فرانسوا    جريمة مكتملة الأركان قرب واد مرتيل أبطالها منتخبون    مجلس جهة طنجة يشارك في المعرض الدولي للفلاحة لتسليط الضوء على تحديات الماء والتنمية    مؤتمر "بيجيدي".. غياب شخصيات وازنة وسط حضور "طيف بنكيران"    أخنوش يصل إلى روما لتمثيل جلالة الملك في مراسم جنازة البابا فرانسوا    بسبب التحكيم.. توتر جديد بين ريال مدريد ورابطة الليغا قبل نهائي كأس الملك    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    قطار التعاون ينطلق بسرعة فائقة بين الرباط وباريس: ماكرون يحتفي بثمرة الشراكة مع المغرب    العالم والخبير في علم المناعة منصف السلاوي يقدم بالرباط سيرته الذاتية "الأفق المفتوح.. مسار حياة"    متدخلون: الفن والإبداع آخر حصن أمام انهيار الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي والحروب    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    افتتاح مركز لتدريب القوات الخاصة بجماعة القصر الصغير بتعاون مغربي أمريكي    إحصاء الخدمة العسكرية ينطلق وأبناء الجالية مدعوون للتسجيل    مذكرة السبت والأحد 26/27 أبريل    مهرجان "كوميديا بلانكا" يعود في نسخته الثانية بالدار البيضاء    أرباح اتصالات المغرب تتراجع 5.9% خلال الربع الأول من 2025    "أمنستي" تدين تصاعد القمع بالجزائر    على حمار أعْرَج يزُفّون ثقافتنا في هودج !    كاتبة الدولة الدريوش تؤكد من أبيدجان إلتزام المملكة المغربية الراسخ بدعم التعاون الإفريقي في مجال الصيد البحري    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المدعوين والمشاركين في الدورة ال 17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    "الإيسيسكو" تقدم الدبلوماسية الحضارية كمفهوم جديد في معرض الكتاب    أكاديمية المملكة المغربية تسلّم شارات أربعة أعضاء جدد دوليّين    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف السبيل إلى تدين صحيح وسليم؟
نشر في التجديد يوم 14 - 06 - 2010

بغض النظر عن إمكانية تعدد أشكال التدين، وإمكانية صوابها وصحتها، فإن التدين الصحيح هو الذي استجمع الأبعاد الثلاثة المؤثرة في علاقة الإنسان بالدين: البعد الروحي، البعد الفكري، والبعد العملي السلوكي.. من غير فصل بينها.
فهذه دوائر ثلاثة يرتبط فيها الإنسان بربه، ينتقل من خلالها في منازل السير إلى الله، ويعتلي مقامات السمو الروحي، ويرتقي مدارج الكمال البشري، وبيانها فيما يلي:
1 إصلاح القلب
إنه تلك العاطفة الدينية، وذلك الارتباط الروحي الوجداني بالله تعالى، إنه ذلك التدين الذي ينطلق مما اصطلح عليه العلماء بالإخلاص وتجريد القصد لله عز وجل، حتى يتجرد العبد من داعية هواه فيكون عبدا لله اختيارا كما هو عبد له اضطرارا.
فلا يرتبط الإنسان بالدين من أجل نفع أو مصلحة أو قضاء حاجة، ولا يرتبط به من باب الترف الفكري أو المتعة المعرفية.. أو غير ذلك، ولكن يرتبط الإنسان بالدين إيمانا منه أنه لا معبود بحق إلا الله، ولا إله يستحق أن يذل له الإنسان ويخضع إلا الله تعالى، فيعتقد ألوهيته واستحقاقه للعبادة، ويستقر ذلك في قلبه، فترى ينابيع الذلة والمحبة تسيل من بين جوانحه، ومياه التعظيم والتقديس تتفجر من قلبه الذي في جوفه.. فتظهر آثار ذلك في لذة يحسها، وحلاوة يجدها في قلبه أولا، ثم في ثمار ترخي بظلالها على خلقه وعلى سلوكه وعلى عمله كله... وهل العبادة في حقيقتها وروحها إلا ذلة ومحبة؟ ومن هنا نفهم حديث النبيصلى الله عليه وسلم: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما...
فالتدين ابتداء تعلق بالله تعالى ورسوله الكريم، وحب لهما، وتعظيم لأمرهما.. وكل مخالفة لهذه السبيل، هي في عمقها مجانبة لطريق السلامة في الارتباط بالدين، ولطريق الصحة في التدين، قال تعالى: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها، وتجارة تخشون كسادها، ومساكن ترضونها، أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين} ومن هنا نفهم ضرورة إصلاح القلب في الإخلاص لله وحبه، حتى يبقى القلب حيا، يقظا، خاشعا، سليما، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ..ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ، فالصلاح والفساد مرتبطان بالقلب، والموت الحقيقي هو موت القلوب، كما قال الشاعر:
ليس من مات فاستراح بميت üüüü إنما الميت ميت الأحياء
وموت القلب يعني توقفه عن الإحساس بوخز الذنوب والمعاصي، {بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون }.
2 إصلاح الفهم
قطعا لا يمكن للعاطفة الدينية أن تثمر وحدها، ولا ينبغي الاقتصار عليها وحدها، ولا الوقوف عندها، صحيح أنها أصل الأصول كما بينا ولكن ما لم يتبعها عمل، ولم تتأسس بفهم، فلن تعدو أن تكون عبارة عن مهدئات ومسكنات لا تستطيع أن تحقق أي إقلاع حضاري للأمة، إن لم تنقلب موانع وعوائق في طريق أي إقلاع.
إن التدين اليوم يحتاج ليترشد فهما سليما وفقها سديدا، للنص أولا، ثم للواقع محل التنزل ثانيا، وما لم يتصدر طريقَ التدين العلماءُ وأهلُ الفقه بالدين والواقع بمختلف مجالاته وتخصصاته، والذين يشكلون عقل الأمة، ويمثلون وعيها.. إذ بهم تتم قيادة الأمة، ويكون التحقق بالشهود الحضاري المطلوب شرعا، تتيه الأمة وتفقد موقعها الريادي لباقي الأمم.
ولهذا كان أول ما نزل من الوحي اقرأ، وامتدح القرآن والسنة العلم وأهله في غير موضع من مثل قول تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}، وقوله سبحانه: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} وفي الحديث: فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء.. وقال عليه السلام: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وقد انتبه علماء الأمة إلى أهمية العلم والفهم قبل العمل والتطبيق، فوجدنا الإمام البخاري مثلا يترجم لباب العلم بقوله: باب العلم قبل القول والعمل..
فالعلم إذن هو صمام الأمان لكل تدين سليم وصحيح، كما قال الشيخ الطاهر بن عاشور في تفسيره: وإصلاح التفكير مقدم على إصلاح العمل، إذ لا يشاق العقل إلى طلب الصالحات إلا إذا كان صالحا ، ولكن ما ينبغي التنبيه على خطورته أن ينحصر التدين في دائرة العلم والفهم والمعرفة دون أن يتعداه إلى سلوك وعمل، ومن غير أن تكون له روح وحياة، وقلب حي نابض يضخ دماء الحيوية في الجسم كله.
3 إصلاح العمل
يقول الإمام سفيان الثوري رحمه الله: العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل.
وبقدر ما نبهنا على خطورة أن يقتصر التدين على الأعمال الظاهرة وينحصر في العبادات خاصة، بقدر ما ينبغي التأكيد على أن التدين الصحيح لا يقبل تجريده عن العمل والعبادة الظاهرة، فلا تكفي العاطفة الدينية الجياشة، ولا الفهم السليم السديد، بل لابد من عمل وسلوك قويم... وإن القرآن الكريم زاخر بالنصوص التي يقترن فيها الإيمان بالعمل الصالح، كما في قوله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويوتوا الزكاة وذلك دين القيمة} فلم يفصل النص القرآني بين عمل القلب وعمل الجوارح، بين الجانب الروحي الوجداني والجانب السلوكي العملي..، فكل ذلك من العبادة لله، بل ولا تتم العبادة إلا به، ولا يكتمل مفهومها إلا باستجماعه..
ومن هنا نخلص إلى أن التدين الصحيح هو الذي تتداخل فيه العاطفة الدينية، بالفهم السليم، والعمل والسلوك القويم.. وهو ما يمكن صياغته في هذه المعادلة.
والحمد لله رب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.