لم تمض سوى ساعات معدودة على تصريحات الوزير الأول عباس الفاسي أمام مجلس النواب مساء يوم الاثنين 17 ماي 2010 بخصوص مغربية سبتة ومليلية وتجديد دعوة المغرب إسبانيا للحوار حولهما، حتى سارعت الخارجية الإسبانية وعدد من المسؤولين الإسبان إلى استنكار تصريح الفاسي . ونقلت وكالة الأنباء الإسبانية إفي عن مصادر في الخارجية الإسبانية قولهم إن هذه الأخيرة تؤكد على أن سبتة ومليلية إسبانيتان على الإطلاق، مضيفة أن الخارجية تعتقد أن التصريح الذي أدلى به عباس الفاسي في مجلس النواب هو استجابة للموقف التقليدي للمملكة حول سبتة ومليلية ولا تمثل شيئا جديدا. من جهته أكد خالد الناصري الناطق الرسمي باسم الحكومة في تصريح لالتجديد على أن الحكومة المغربية في تناغم تام مع مشاعر الشعب المغربي وتؤكد على أن سبتة ومليلية مغربيتان ولا أحد يمكنه أن يجادل في مغربيتهما. وأوضح الدكتور محمد العمراني بوخبزة، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة عبد المالك السعدي لالتجديد أن إسبانيا تعيش أزمة اقتصادية قوية جدا، ولذلك استغلت هذا التصريح الحكومي للوزير الأول المغربي من أجل تصدير أزمتها الداخلية إلى الخارج، مشيرا إلى أن المغرب يشكل دائما موضوعا للحملة الانتخابية الإسبانية، خاصة وأن الاستعدادات حاليا تجري للانتخابات المقبلة والتنافس بين الحزبين الرئيسيين الاشتراكي والشعبي على أشده. وشدد العمراني على أن المغرب ينبغي أن يتعامل بحرص مع موضوع احتلال سبتة مليلية وأن يختار التوقيت المناسب لعرض مطالبه بهذا الخصوص. وكان عباس الفاسي قد دعا إسبانيا أول أمس الإثنين إلى الحوار لإنهاء احتلال مدينتي سبتة ومليلية، وقال الوزير الأول خلال تقديمه حصيلة عمل الحكومة التي يترأسها منذ 2007 أمام مجلس النواب ندعو الصديقة إسبانيا إلى الحوار مع المغرب من أجل إنهاء احتلال هاتين المدينتين المغربيتين والجزر السليبة المجاورة لهما، وفق منظور مستقبلي. وأضاف الفاسي يتعين أن يأخذ هذا المنظور بعين الاعتبار المصالح المشتركة للبلدين والحقائق الاستراتيجية والجيو -سياسية الجديدة، التي تجعل تجاهل حق المغرب في استرجاع المدينتين لا يساير روح العصر، وعلاقات حسن الجوار والشراكة الاستراتيجية بين المملكتين المغربية والإسبانية. من جهتها قالت نائبة رئيس الوزراء ماريا تيريزا فرنانديز دي لا فيغا، أمس الثلاثاء إن سيادة سبتة ومليلية وإسبانيتها ليستا موضوع مساءلة بأي شكل من الأشكال، وأشارت إلى أن هذا الموقف يعرفه المغرب، وهو البلد الذي تجمعنا معه علاقة جيدة جدا. أما رئيسة حكومة مدريد وهي من الحزب الشعبي، إسبيرانزا أغيري ، فقد صرحت لإذاعة بونتو بأن سبتة ومليلية لم تكونا أبدا عبر التاريخ مغربيين ولكنهما كانتا دائما إسبانيتين، ولهذا فالمغرب لا يمكنه استردادها. هذا زعمت صحيفة أ بي ثي ذات التوجه اليمين، إلى نية المغرب إثارة نزاع مجاني مع إسبانيا بعد الأزمة التي تسبب فيها إضراب أميناتو حيدر عن الطعام في مطار لانثاروتي أواخر سنة .2009 وذكرت أبي ثي بالدعم الذي حظي به المغرب من قبل إسبانيا في مختلف الملفات، خاصة منها تحصيله للوضعية المتقدمة قي علاقته مع الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن إسبانيا كانت مدافعا كبيرا عن مصالح المغرب في الاتحاد وخاصة في قمة غرناطة شهر مارس الماضي. في الوقت الذي اعتبرت فيه صحيفة إلبيريوديكو دي أراغون أن المغرب تعمد اختيار هذا التوقيت بالذات، على اعتبار أن العلاقات بين الطرفين توجد في أحسن حالاتها، خاصة بعد لقاء القمة بين الاتحاد الأوربي والمغرب تحت الرئاسة الإسبانية للاتحاد. أما صحيفة إلباييس فقد أشارت إلى أن دعوة عباس الفاسي جاءت شهرا بعد قرار الجمارك المغربية تعليق لافتة على الحدود مع مليلية وصفت فيها المدينة بكونها محتلة مما جعل الديبلوماسية الإسبانية تتحرك وتنقل إلى الرباط استياءها من هذا الإجراء، لكنها لم تتوصل بأي تفسير من المغرب.وكانت العلاقات المغربية الإسبانية قد عرفت توترا كبيرا بعد الزيارة التي قام بها الملك الإسباني خوان كارلوس وعقيلته لمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين سنة ,2007 ما أثار استياء مغربيا واسعا وأعاد إلى الأذهان أزمة جزيرة المعدنوس في صيف عام ,2002 عندما أقدمت الحكومة اليمينية آنذاك على احتلال تلك الجزيرة مما كاد يضع البلدين في مواجهة عسكرية لولا التدخل الأمريكي آنذاك.