عرضنا في الحلقة السابقة نماذج من المخاطر التي يمثلها سوء التعامل مع التلفزيون من خلال دراستين علميتين، وننتقل في هذه الحلقة إلى استعراض بعض التوجيهات الصحية من خلال الدراستين نفسهما. ويمكن إجمال تلك التوجيهات في مستويين. المستوى الأول يتعلق بعمر المتعامل مع التلفزيون وبحصة المشاهدة اليومية السليمة. وفي هذا الصدد أكدت الباحثة مانجانيلو وفريقها من جامعة تولين للصحة العامة والطب المداري بأمريكا التي أشرفت على الدراسة (شملت 3128 امرأة من 20 مدينة أمريكية كان لديهن طفل بين عام 1998 و2000) إلى أن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال توصي بعدم مشاهدة الأطفال للتلفزيون في سن الثانية ودونها وتوصي بساعتين أو أقل يوميا للأطفال الأكبر سنا. المستوى الثاني يتعلق بكيفية تدبير فترة المشاهدة، ذلك أن من الجوانب السلبية في مشاهدة التلفزيون هي قلة الحركة. وفي هذا الصدد، قال المعد الرئيسي للدراسة الأسترالية، التي سبقت الإشارة إليها في الحلقة السابقة، ديفيد دانستان إنه تم تصميم الجسم البشري ليتحرك وليس ليجلس لفترات طويلة من الوقت، موضحا أن الجلوس لفترات طويلة من الوقت سيئ لمعدل السكري في الدم وللدهون حتى لو كان الشخص يتمتع بصحة جيدة. وكان الباحثون قد راقبوا عادات 8800 راشد في مشاهدة التلفزيون خلال فترة 6 سنوات قبل نشر النتائج. ويمكن القول إنه بغض النظر عن مضمون البرامج المعروضة في التلفزيون ومدى فائدتها وتناسبها مع المتلقي، وعن الخسارة في الوقت التي تنتج عن المبالغة في المشاهدة، وعن مرض الإدمان الذي يكتسبه المشاهد للتلفزيون، بغض النظر عن كل هذا، فإن المشاهدة التلفزيونية لها أضرار عضوية خطيرة على الجسم لا يمكن تبرير التعرض لها بما يحصله المرء من متعة آنية واستفادة معرفية محدودة.(يتبع)