تناولنا في الحلقة السابقة أهمية إدماج مفهوم البيئة التربوية في مقاربة موضوع عمارة الدار، وعرضنا نماذج من شبكة مكونات تلك البيئة. وبقي، قبل الحديث عن أهم تلك المكونات، أن نشير إلى مجموعة من القضايا نعتبر أن من المفيد التذكير بها قبل كل شيء. وأول هذه القضايا هو أن إدماج مفهوم البيئة التربوي يساعد على إشراك وإدماج الجميع في تحقيق رسالة عمارة الدار وبالجهد اليسير. ذلك أن الأفراد يدركون من خلال ذلك المفهوم أبعاد سلوكهم على الأسرة كلها، ما ييسر عملية التوجيه والتربية. الثاني هو أن عناصر شبكة مكونات البيئة التربوية التي ذكرناها لا يمكن اعتبارها جزءا من تلك البيئة من الناحية الواقعية إلا حين يكون لها تأثير مباشر أو غير مباشر في أحد أفراد الأسرة على الأقل. ومثال ذلك أن وجود مكتبة منزلية في أحد أركان البيت لا يجعل منها بالضرورة عنصرا في البيئة التربوية إلا بالقدر الذي يتعامل معها أفراد الأسرة وتؤثر فيهم. الأمر الثالث هو أن البيئة التربوية تؤثر في الأشخاص بشكل مستمر لكن ليس بالشكل المباشر والواعي دائما، فسوء تنظيم البيت مثلا، قد يكون من أهم عوامل تعويد الأطفال على الفوضى أو إشعار أفراد الأسرة بعدم الارتياح والتشويش. الأمر الرابع يتعلق، وانطلاقا مما سبق، بأهمية النظر في شبكة العناصر المشكلة للبيئة التربوية والحرص على أن تكون متوازنة، فجهاز التلفزة كثيرا ما يتحول إلى عنصر مؤطر قوي يضعف معه دور باقي العناصر، وضمنهم الآباء، هذا إن لم ينتف. ح.ب