شكلت مضامين ومستجدات مدونة السير الجديدة موضوعا للدرس والتحليل خلال ندوة علمية نظمت أخيرا بمقر محكمة الاستئناف بأكادير تميزت بمشاركة نخبة من القضاة والمستشارين من إنزكان أكاديرتزنيتتارودانت وضباط من الشرطة والدرك الملكي التابعين لنفوذ لدائرة القضائية لهذه المحكمة، وكذلك محكمة كلميم. وتناولت العروض التي ألقيت خلال هذا اللقاء العلمي الذي أطره كل من الرئيس الأول لاستئنافية بأكادير والوكيل العام للملك بها، السياق العام الذي قاد إلى التفكير في إصدار مدونة للسير، ووقف المتدخلون عند هول المآسي التي تخلفها حوادث السير، خاصة بالجهة وعلى التراب الوطني على حد سواء من حيث عدد الوفيات والجرحى والمعطوبين، أو من حيث الخسارات المادية التي تتجاوز 11 مليار درهم سنويا. واعتبر المتدخلون أن إصدار هذه المدونة يشكل طفرة تشريعية على اعتبار أنها جاءت بمجموعة من القوانين التي تعد غاية في التطور، كما هو الحال مثلا بالنسبة لرخصة السياقة بالتنقيط، إضافة إلى إلزامية التحقيق الإعدادي في جميع الحوادث المميتة، فضلا عن كون المدونة تتميز بتنظيم دقيق للجنح المرتكبة بفعل حوادث السير، والعقوبات المترتبة عليها. كما أوردت المداخلات بعض الجوانب التقنية الدقيقة التي يمكن أن تنتج عنها بعض الصعوبات أثناء عرض أصناف معينة من قضايا حوادث السير على القضاء، ومن ضمنها على سبيل المثال بعض الجوانب المتعلقة بإجراء الخبرات الطبية، وتحديد مسؤولية الدولة في إطار حوادث السير التي ترتكب من قبل أحد مرافق الدولة والبلديات طبقا للفصل 79 من قانون إلتزام العقود، ونقل ملكية السيارات بين الأشخاص، ومسطرة التبليغ. وأكدت إحدى المداخلات أهمية إصدار عقوبات زجرية في قضايا حوادث السير باعتبارها وسيلة ردعية تترك أثرا نفسيا على مرتكبي المخالفات والجنح، إذ تم الاستشهاد في هذا الصدد بكون العقوبات الصارمة، خاصة الصادرة منها في حق مرتكبي المخالفات الجسيمة، يكون لها أثر إيجابي في الحيلولة دون تسجيل حالة العود، وهذا ما ثبت، على الأقل، من خلال قضايا حوادث السير التي نظرت فيها المحاكم التابعة للدائرة القضائية لمحكمة الاستئناف بأكادير. ودعا المشاركون في ختام هذه الندوة إلى ضرورة توفير معاينين بصفة الضبطية في تحديد المخالفات، وكذلك مجموعة من الوسائل والإمكانيات الضرورية المصاحبة من أجل توفير أفضل الشروط لإنجاح تطبيق مدونة السير الجديدة.