شكلت مضامين ومستجدات مدونة السير الجديدة موضوعا للدرس والتحليل خلال ندوة علمية نظمت مساء أمس الخميس بمقر محكمة الاستئناف بورزازات والتي تميزت بمشاركة نخبة من القضاة والمستشارين التابعين لنفوذ لدائرة القضائية لهذه المحكمة. وتناولت العروض التي ألقيت خلال هذا اللقاء العلمي ،الذي أطره كل من الرئيس الأول لاستئنافية ورزازات الأستاذ المهدي اليوسفي والوكيل العام للملك بها الأستاذ الحنفي الصالحي ،السياق العام الذي قاد إلى التفكير في إصدار مدونة للسير، حيث تم الوقوف في هذا الصدد على هول المآسي التي تخلفها حوادث السير بالمغرب سواء من حيث عدد الوفيات والجرحى والمعطوبين، أو من حيث الخسارات المادية التي تتجاوز 11 مليار درهم سنويا. واعتبر المتدخلون أن إصدار هذه المدونة يشكل "طفرة تشريعية" على اعتبار أنها جاءت بمجموعة من القوانين التي تعد غاية في التطور، كما هو الحال مثلا بالنسبة لرخصة السياقة بالتنقيط، إضافة إلى إلزامية التحقيق الإعدادي في جميع الحوادث المميتة، فضلا عن كون المدونة تتميز بتنظيم دقيق للجنح المرتكبة بفعل حوادث السير،والعقوبات المترتبة عليها. كما أوردت المداخلات بعض الجوانب التقنية الدقيقة التي يمكن أن تنتج عنها بعض الصعوبات أثناء عرض أصناف معينة من قضايا حوادث السير على القضاء، ومن ضمنها على سبيل المثال لا الحصر بعض الجوانب المتعلقة بإجراء الخبرات الطبية، ونقل ملكية السيارات بين الأشخاص، ومسطرة التبليغ. وسجلت المداخلات أهمية إصدار عقوبات زجرية في قضايا حوادث السير باعتبارها وسيلة ردعية تترك أثرا نفسيا على مرتكبي المخالفات والجنح، حيث تم الاستشهاد في هذا الصدد بكون العقوبات الصارمة، خاصة الصادرة منها في حق مرتكبين المخالفات الجسيمة، يكون لها أثر إيجابي في الحيلولة دون تسجيل حالة العود، وهذا ما ثبت، على الأقل، من خلال قضايا حوادث السير التي نظرت فيها المحاكم التابعة للدائرة القضائية لمحكمة الاستئناف بورزازات. ودعا المشاركون في هذه الندوة إلى ضرورة توفير مجموعة من الوسائل والإمكانيات الضرورية المصاحبة من أجل توفير أفضل الشروط لإنجاح تطبيق مدونة السير الجديدة، والتمكن بالتالي من حماية أرواح المواطنين، وضمان الاستعمال السليم لفضاءات السير الطرقي العمومية. ومن جملة هذه الإمكانيات أشار المتدخلون إلى تنفيذ إستراتيجية وطنية محكمة في مجال التوعية،وسد الخصاص الحاصل على مستوى الموارد البشرية واللوجستيكية الموضوعة رهن إشارة رجال الشرطة والدرك والمراقبة الطرقية، وتطوير المجهود المبذول في مجال التشوير الطرقي، وإعادة النظر في نوعية الحظيرة الوطنية من السيارات، والرفع من المجودات المبذولة لتحسين البنيات التحتية الطرقية. للإشارة فإن هذه الندوة المنظمة بمبادرة من محكمة الاستئناف بورزازات تميزت بحضور ممثلين عن وزارة التجهيز والنقل، والدرك الملكي، والأمن الوطني، والمجلس العلمي المحلي، وبعض الجمعيات المهنية.