تعيش منطقة الغرب هذه الأيام أوضاعا استثنائية بفعل التقلبات الجوية وما نجم عنها من فيضانات. ما هي الاستراتيجية التي تواجهون بها هذا الوضع؟ من خلال التتبع المستمر لأوضاع المؤسسات التعليمية في المناطق التي اجتاحتها الفيضانات بجهة الغرب يتضح أن نسبة غير قليلة من المؤسسات التربوية تأثرت بأحجام متفاوتة من قوة وتوالي وعنف هذه الفيضانات، مما أدى إلى توقفات محدودة ومتقطعة للدراسة، سواء خلال الموجة الأولى للتقلبات الجوية أو خلال الموجة الحالية. وقد تمت مواجهة الوضعية بأساليب مختلفة من نيابة القنيطرة إلى نيابة سيدي قاسم، وبلورت اجتهادات مشكورة في هذا المجال، سواء في النيابات أو إدارات المؤسسات أو من قبل الأساتذة أو الآباء والمنتخبين والسلطة. ومن ثم يمكن الجزم بأن التعاون المثمر والمستمر مع كافة الأطراف، كما أن الخطوة الاستباقية التي تم نهجها بتعاون مع السلطات المحلية، ومختلف الفاعلين بالإقليمين مكنت من التغلب على أزمة الفياضانات وتجاوزها دون خسائر تذكر، وضمان أقصى حد ممكن من المحافظة على الزمن المدرسي للتلاميذ. ومما يؤسف له أن كثيرا من المؤسسات المتضررة التي استفادت خلال الآونة الأخيرة من الإصلاحات والتأهيل تضررت من جديد، مما أرجعنا فيها إلى نقطة الصفر. والعزم قوي على الإصلاح وعلى إعادة التأهيل بتعاون تام ومبادرات مختلفة من الوزارة والسلطات المحلية والمجالس المنتخبة ومبادرات رؤساء المؤسسات والنيابتين من أجل مواجهة الوضع. والأمل واسع في التضامن الاجتماعي الشامل لتجاوز الوضع واحتضان المؤسسة التعليمية. ومن هنا نتمنى أن تبادر مختلف الهيئات ومؤسسات المجتمع المدني بمبادرات نموذجية تجاه المؤسسة التعليمية التي نعتبرها بحق قاطرة المجتمع نحو التنمية. ماهي المشاكل والمعيقات التي تواجهونها في هذه الجهة؟ بداية يمكن التأكيد على أن طريق الإصلاح ما كانت يوما مفروشة بالورود، إنها طريق تحتاج إلى قوة نضالية صبورة ومفعمة بالأمل. لذا فإن كل المعيقات التي تقف أمامنا اليوم تهون وتتبدد على صخرة التعبئة الجماعية والشاملة للمجتمع إذا ما آمن حقا بأهمية إصلاح التعليم ودوره كقاطرة أساسية للتنمية الشاملة. فأوضاع المؤسسات في العالم القروي وضرورة تأهيلها، وضعف البنيات الصحية بها معيق حقيقي، ولكنه قابل للإصلاح. ونسبة التعليم الأولي المنخفضة، والتي لا تتجاوز 56 في المائة، تحول دون تحقيق أهداف مدرسة النجاح، وتكسر وتيرة تكافؤ الفرص، وتحول دون انطلاقة الدمقرطة الحقيقية للتعليم، ولكنها وضعية قابلة للتصحيح إذا ما تحمل الجميع مسؤولياته في هذا المجال. هذا علما بأن الكثير من المشاكل والمعيقات الحقيقية التي كانت تقف في وجه التعميم أو السير العادي للمؤسسات قد تم تذليل نسبة كبيرة منها، وفي مقدمتها المجهود الجبار الذي بذل في ملف الدعم الاجتماعي، إذ وصل الغلاف المالي لاقتناء المحفظات واللوازم المدرسية بالجهة00 320 28,326 درهم، كما تعززت قدرات الإطعام المدرسي، إذ بلغ عدد المستفيدين بالتعليم الابتدائي 64680 تلميذا، وبالتعليم الثانوي الإعدادي 1689تلميذا، وتم تخصيص 000 184 4 درهما للنقل المدرسي. كما تم توسيع دائرة المستفيدين من الداخليات إيواء وإطعاما ليصل عددهم حاليا إلى: .4795 ولاشك أن هذه المبادرات وغيرها ستؤتي أكلها قريبا، وستنعكس إيجابا على الأجواء والخدمات المدرسية بالجهة. وكيف يتم تدبير الملفات المرتبطة بالموارد البشرية في ظل الإكراهات السالفة الذكر؟ نحن في هذه الجهة نبوئ الموارد البشرية صدر الاهتمام ونجعلها نقطة ارتكاز أساسية. وهنا ينبغي الإشادة بالدور الكبير الذي يقوم به الشركاء الاجتماعيون في هذا المجال، سواء على صعيد إقليمي القنيطرةوسيدي قاسم، أو على الصعيد الجهوي. وهو ما سمح وسيسمح بمعالجة العديد من المشاكل المتراكمة أو الطارئة. فالأمر يتعلق بتدبير 8020 أستاذا في التعليم الابتدائي، و3503 بالثانوي الإعدادي، و2205 بالثانوي التأهيلي، 1185 من الإداريين. ليصل الرقم الإجمالي للموارد البشرية العاملة بالجهة إلى ,14913 مما يظهر ضخامة المسؤولية وحساسيتها الكبرى، خاصة حين يكون الحرص على إقرار التوازن الضروري بين حقوق التلميذ وحقوق الأستاذ. وجدير بالذكر أن هذه الجهة فتحت ملف التكوين المستمر على مصراعيه، وجندت له كافة الطاقات البشرية المؤطرة التي تزخر بها الجهة، وشحذت له كافة الإمكانيات المادية، ذلك أن العديد من برامج التكوين انطلقت منذ مدة وبرامجها تطبق يوميا في العديد من المناطق عملا بمنهج التكوين المستمر عن قرب. وسننهج في السنة المقبلة أسلوبا مغايرا وطريقة أكثر دينامية وفعلا في الواقع، خاصة وأننا سننطلق في هذه التكوينات على امتداد السنة المالية من يناير 2010 إلى دجنبر، وهو ما لم يتح هذه السنة. كما أن هذه الجهة عرفت احتضان أول تجربة لتشييد الصيغة الجديدة لسكنيات المدرسين بمجموعة مدارس الضريسة (جماعة عرباوة) ويتم حاليا التفكير في صيغة جديدة وفعالة بمبادرة خاصة من السيد الوالي إلى جانب البرنامج الذي تتولاه الوزارة. وتدخل جميعها في إطار توفير الشروط اللازمة والمساعدة على تطوير عمل المدرسين واستقرارهم. وللإشارة فقط فإن هذا الملف سيشهد الكثير من التطورات الإيجابية خلال هذه السنة بعد أن يقدم المجلس الأعلى للتعليم رأيا له في الارتقاء بهيئة ومهنة التدريس، وهو الملف الذي فتح منذ ما يزيد عن سنة.