حذر الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، الطيب حمضي، من أن التدابير التي أقرتها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في المدارس، رغم أهميتها، لا تزال غير كافية لمواجهة انتشار داء الحصبة "بوحمرون". كما نبه إلى مخاطر ظهور أمراض طفولية أخرى بسبب ضعف مراقبة الأوبئة، وانخفاض معدلات التطعيم، وتردد بعض الأسر في تلقيح أطفالها. وأوضح حمضي، في بلاغ توصلت "رسالة 24" بنسخة منه، أن العطلة المدرسية الأخيرة وما صاحبها من تنقلات وسفر بين جهات المغرب، زادت من احتمالية انتشار الحصبة. وشدد على أن تفشي هذا المرض لا يشكل فقط خطرا على الصحة العامة بل يؤثر أيضا على الحياة المدرسية والاجتماعية والاقتصادية مما يزيد من التحديات التي تواجهها البلاد. وأشار إلى أن المناعة الجماعية ضرورية لاحتواء المرض، لافتا إلى أنه بعد نحو عشرة أيام من توقف الدراسة، سيحدث تباطؤ مؤقت في انتشار العدوى يستمر أسبوعين أو ثلاثة قبل أن تعود الحالات للارتفاع مجددا نتيجة انخفاض المناعة الجماعية. وأكد حمضي أن التفاعل الاجتماعي الكثيف خلال العطلة، من سفر واجتماعات عائلية، يسهم في إعادة تنشيط انتشار الفيروس، مما يجعل التلاميذ وسيلة لنقل العدوى إلى أسرهم والمجتمع بأكمله. وأضاف أنه طالما لم تصل معدلات التطعيم ضد الحصبة إلى نسبة 95بالمائة، فإن المرض سيظل ينتشر في موجات وبائية متكررة. وأوضح أن المناعة الجماعية يمكن تحقيقها إما عبر التلقيح، الذي يحمي الأرواح، أو من خلال الإصابة بالمرض، وهو ما قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة ووفاة بعض الحالات، فضلًا عن اضطرابات في النظام التعليمي والاجتماعي والاقتصادي. في هذا السياق، شدد حمضي على أهمية الحفاظ على معدلات تغطية لقاحية مرتفعة عبر الالتزام بالجدول الوطني للتطعيم وعدم الاكتفاء بحملات استدراكية متفرقة. كما دعا إلى تسريع استئناف التطعيم ضد باقي أمراض الطفولة، مثل السعال الديكي والدفتيريا وشلل الأطفال، لتجنب موجات وبائية أخرى. وأشار أيضا إلى ضرورة رفع الوعي لدى البالغين المولودين بعد سنة 1980، الذين لم يتلقوا اللقاح أو لم يصابوا بالحصبة من قبل، وحثهم على التطعيم، خاصة الفئات الأكثر عرضة للخطر كما طالب بجعل التلقيح ضد أمراض الطفولة القاتلة إلزاميا نظرا لفعالية اللقاحات العالية في الوقاية من هذه الأمراض. ومن بين التوصيات التي قدمها، دعا حمضي إلى إجراء تحقيق شامل داخل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لفهم أسباب التراجع في تقديم اللقاحات سواء على مستوى المراكز الصحية أو العاملين في القطاع مع تقييم العوامل المؤثرة مثل نقص الموارد البشرية، الإضرابات المتكررة، أو غياب التحفيزات للأطر الصحية. كما أكد على أهمية تعزيز أنظمة المراقبة الوبائية، خاصة بعد ظهور حالات الحصبة على نطاق واسع دون اكتشافها مبكرا وتساؤل عن كيفية انخفاض معدلات التلقيح بهذا الشكل دون تدخل استباقي من الجهات المختصة، مشددا على ضرورة تطوير آليات فعالة للمراقبة والإنذار المبكر. وفي ختام تصريحاته، طالب بإجراء دراسة عاجلة لتحليل أسباب تردد بعض الأسر في تلقيح أطفالها، بهدف تحسين حملات التوعية وتعزيز نجاح برامج التلقيح الاستدراكية. وأشار إلى أن المغرب كان رائدًا عالميًا في مجال تلقيح الأطفال، وينبغي عليه استعادة هذا الدور الريادي. في هذا السياق، أعلنت وزارة التربية الوطنية عن إجراءات جديدة لمواجهة تفشي الحصبة، من بينها استبعاد التلاميذ غير الملقحين من المدارس التي تظهر فيها حالات إصابة، وذلك لحمايتهم من العدوى. كما قررت إغلاق المؤسسات التعليمية التي تتحول إلى بؤر وبائية، بناءً على توصيات وزارة الصحة. وأوضحت الوزارة أنه في حالات الإصابة الفردية التي لا تشكل بؤرًا وبائية، يجب استبعاد التلاميذ المصابين حتى يتماثلوا للشفاء، مع إبلاغ أولياء الأمور لضمان التزامهم بإجراءات العزل المنزلي. ولتفادي انقطاع الدراسة، أكدت الوزارة على ضرورة تفعيل التعلم عن بعد بالنسبة للتلاميذ المستبعدين أو المؤسسات المغلقة، بالتنسيق مع الجهات المختصة في المجال التربوي والرقمي.