مازال سكان منطقة سيدي سليمان والغرب يعانون مشكل تدفق مياه وادي سبو وبهت... رفض السكان المتضررون إيواءهم بالمؤسسات التعليمية والمستودعات وفضلوا قضاء لياليهم في الخيام البلاستيكية وهم يئنون من شدة البرد، إذ صرح أغلبهم أنه في السنة الماضية تعرضت النساء والفتيات داخل فضاء مشترك للتحرش الجنسي وعدد من السلوكات التي وصفوها باللاأخلاقية والحاطة من كرامة الإنسان، إضافة إلى انعدام المرافق الصحية بها (المراحيض)...تاريخ 8 فبراير 2009، هو ذكرى مؤلمة بالنسبة لسكان تلك الدواوير وغيرها مثل القليعة والخنيشات والمساعدة، حيث تكبدوا خسائر مادية كبيرة تمثلت في انهيار المنازل ونفوق رؤوس الأغنام، وإتلاف المحاصيل الفلاحية، وانقطاع التلاميذ عن الدراسة... "هاحنا ماداها فينا حد، الما راه غرّقنا وقتل بهايمنا، أولادنا ضاعو في القرايا"، هذا ما قاله محمد، أحد المتضررين بجماعة أولاد حساين، فضرب أسداسا في أخماس وردد بصوت عال "واش حنا ماشي بشر حتى حد من المسؤولين ما جا يطل علينا". وقبل أن يتمم محمد كلامه قاطعه بعض المتضررين جازمين بأنه جاد في ما قاله وأن انتظارهم طال لرؤية مسؤول يخفف عنهم معاناتهم ويساعدهم على إيجاد أماكن للإيواء، تليق بكرامتهم كآدميين. "نطالب أيضا بإيجاد إسطبلات مؤقتة للقطيع المهدد بالنفوق"، هذا ما قاله فلاح متضرر من الفيضانات الأخيرة، ذلك أن أغلب الفلاحين يطالبون بالتدخل الفوري للدولة. "دابا راه بانت الشميشة وخا ضعنا في ديورنا ومنازلنا، ولكن اللي جاي في الشهر الجاي هو الخطير"، هذه عبارة رددتها مسنة من دوار أولاد عبو، بعدها قالت بصوت حنق "ياربي تحنن قلب المحسنين راه الما اللي جاي غاذي يدين". هذه المرأة ليست الوحيدة التي تنتابها حالة من الرعب نتيجة قرب موعد التساقطات المطرية المقبلة بل سكان كل من دوار البحارة والعزابة وأولاد عبو وأولاد كزولي بجماعة أولاد حساين بمنطقة سيدي سليمان، المتضررين من فيضانات السنة الماضية والحالية يعيشون حالة من الهلع، خوفا من التساقطات المطرية التي ستعرفها المنطقة، خلال شهر فبراير المقبل. فتاريخ 8 فبراير 2009 هو ذكرى مؤلمة بالنسبة لسكان تلك الدواوير وغيرها مثل القليعة والخنيشات والمساعدة، حيث تكبدوا خسائر مادية كبيرة تمثلت في انهيار المنازل ونفوق رؤوس الأغنام وإتلاف المحاصيل الفلاحية وانقطاع التلاميذ عن الدراسة. رحلة عذاب زارت "المغربية" منطقة سيدي سليمان وتصادفت مع استئناف التلاميذ دراستهم واجتياز تلاميذ السنة التاسعة أساسي للامتحان الموحد الخاص بالدورة الأولى، إذ سردت التلميذات معاناتهن اليومية خلال مرحلة الفيضان، بقطع أغلبهن مسافات طويلة للوصول إلى الإعدادية. تقول حسنة الكوملي (14 سنة، تلميذة بالسنة التاسعة أساسي) إنها تقطع يوميا مسافة 25 كيلومترا ذهابا وإيابا من دوار بكارة إلى المؤسسة، فعلامات العياء كانت بادية على وجوه التلميذات اللواتي يقطعن مسافات طوال من أجل طلب العلم. أما مريم فكانت عيناه الزرقاوتان تتحدثان عن المعاناة دون أن تنطق بكلمة واحدة، الشيء ذاته بالنسبة إلى سعاد التي اختارت ركنا منزويا وهي تنظر تارة إلى الطاقم الصحفي، وتارة أخرى تمعن النظر في كراستها. تلميذات أعمارهن تتراوح بين الثالثة عشرة والخامسة عشرة سنة جلسن فوق حجر مبلل بالماء والتراب ينتظرن أن يدق الجرس لاستئناف الامتحان الموحد، وما أن دق الجرس حتى قفزن من فوق الحجر ونفضن الغبار ودخلن الواحد تلو الآخر، إلى حجرات الدرس. ومن جهته أكد أحد أولياء التلاميذ أنه، خلال فصل الشتاء، يعاني فلذات أكبادهم مشكل انقطاع الطريق، لأن أغلبهم يأتون من جماعة المساعدة التي لا توجد بها ثانوية إلى جماعة أولاد حساين، مضيفا أن تلاميذ يقطعون يوميا مسافة ما بين 15 و 20 كيلومترا يوميا (دواوير سيدي عبد العزيز وأولا عقبة القليعة وأولاد الكزولي...). ما يوازي 50 دوارا متضررا ويتضح من المعطيات الأولية المتوفرة أن فيضانات كل من واد سبو بمنطقة سيدي قاسم-بلقصيري وسوق الثلاثاء-لالة ميمونة وواد بهت بمنطقة المكرن وواد الفكرون بمنطقة المناصرة-بنمنصور عمت أكثر من 50 دوارا ووصلت المساحات المتضررة إلى أكثر من 90 ألف هكتار مخلفة خسائر مادية وكوارث اجتماعية خطيرة، نذكر منها نزوح عدد كبير من السكان، وتوقف الدراسة المتدهورة أصلا في عدد غير قليل من المدارس وحركة السير في عدد من الطرق والمسالك، وإتلاف أراضي شاسعة من المزروعات، وضياع جزء من الماشية التي تضل مهددة بالأمراض، في غياب وسائل الوقاية وندرة الأعلاف، ويبدو أن الوضعية مرشحة للتفاقم أكثر خاصة مع استمرار الإطلاق المتكرر لمياه سد الوحدة، الشيء الذي يمنع الفلاحين من استئناف الموسم الفلاحي، حتى في حالة توقف الأمطار وتحسن الأحوال الجوية. وأكد عبد الرزاق غفار، كاتب عام نقابة صغار الفلاحين، أن الفيضانات الأخيرة تسببت في عدة خسائر، تمثلت في إتلاف المنتوجات الفلاحية (الفصة والقوق والشمندر وأشجار الفواكه والزرع...). وأضاف غفار أن المتضررين من فيضانات السنة الجديدة لم يتلقوا أي دعم سواء من المسؤولين أو المحسنين، مشيرا إلى أن الإجراءات التي اتخذت بخصوص الفياضات كانت موسمية فقط. وطالب غفار بمنح الدولة الدعم مباشرة للفلاحين وانتزاعه من المضاربين، الذين يستغلون الفرصة من أجل الزيادة في ثمن العلف وبيعه للفلاح بالثمن الأصلي، دون الاستفادة من نسبة الدعم. أما على مستوى البنايات فأفاد غفار أن حجم الأضرار التي خلفتها فيضانات السنة الماضية هي نفسها التي سجلت خلال هذه السنة، مشيرا إلى أن المنازل أغلبها تتخللها شروخ وشقوق ومهددة بالانهيار في أي لحظة. ورفض السكان المتضررون إيواءهم بالمؤسسات التعليمية والمستودعات، وفضلوا قضاء لياليهم في الخيام البلاستيكية وهم يئنون من شدة البرد، إذ صرح أغلبهم أنه في السنة الماضية تعرض النساء والفتيات داخل فضاء مشترك للتحرش الجنسي وعدد من السلوكات التي وصفوها باللا أخلاقية، والحاطة من كرامة الإنسان، إضافة إلى انعدام المرافق الصحية بها (المراحيض). خطر واد سبو تسببت التساقطات المطرية التي هطلت يومي السبت والأحد الماضيين في ارتفاع حقينة مياه واد سبو وبهت اللذين تسببا بدورهما في انقطاع الطريق بجماعة سوق الجمعة بمنطقة سيدي سليمان. وأكدت مصادر "المغربية" أن تنفيس مياه سد الوحدة ثمانية متر مكعب في الثانية زاد في ارتفاع حقينة المياه، فأصبح السكان مغمورين بالمياه ولم يجدوا منفذا من أجل الحراك، ما اضطر التلاميذ من جديد إلى الانقطاع عن الدراسة. وأضافت المصادر أن السكان الذين يقطنون منازل من طوب أسكنوا معهم الأغنام في الطوابق المرتفعة، خوفا من أن تجرفها سيول الوادي، بينما الذين يقطنون البراريك والأكواخ باتوا في العراء. وأفادت المصادر أن السكان لم يتلقوا أية مساعدات من الجهات المسؤولة رغم خطورة الفيضانات، ما اضطرهم إلى الاعتماد على وسائلهم الخاصة (البدائية) من أجل بناء ممرات وحفر تسهل عملية مرور السيول. وقالت مصادر متطابقة أن السكان ينتظرون مساعدات وزيارات ميدانية من المسؤولين للوقوف على حجم الأضرار وتعويض المتضررين وأطفالهم المهددين بالغرق. أما في ما يتعلق بالمحصول الزراعي، فأوضحت المصادر أن أغلبه تعرض للإتلاف حيث تكبد الفلاحون خسائر مادية كبيرة، مشيرة إلى أن الغرف الفلاحية حاولت تقييم حجم الخسارة، لكنها لم تعتمد على مقاييس دقيقة. وكانت "المغربية" زارت أخيرا منكوبي فيضانات منطقة الغرب، ووقفت على حجم الأضرار، واستمعت إلى المتضررين، الذين مازال بكاء أطفالهم صداه يتردد في آذاننا. المعاناة مستمرة رغم مرور سنة كاملة على الفيضانات، التي اجتاحت جهة الغرب الشراردة بني حسن والخنيشات وسيدي يحيى الغرب، مازالت معاناة السكان مستمرة، شيوخ تحولوا إلى متسولين بعد فقدانهم لمورد الرزق الوحيد، المتمثل في تربية رؤوس الأغنام والمواشي وبيعها، ففي رمشة عين فقدوا كل شيء ولم يعوضوا، نساء يقطعن مسافات طويلة بحثا عن لقمة الخبز في حقول بعيدة. نساء وشيوخ وشباب وأطفال تكدسوا في خيم بلاستيكية تفتقر لأدنى شروط العيش الكريم، ازدحام وعيون حائرة تبحث عن منقذ، وبكاء وأنين أطفال تسلل البرد إلى أجسادهم النحيفة، وسعال شيوخ يسمع خارج الخيام، ونساء يقبلن ويضمن فلذات أكبادهم علهن يستطعن إبعاد البرد والمرض عنهم. الجوع والحرمان وعدم اهتمام الدولة بالمتضررين دفع شباب تلك الدواوير إلى التفكير في الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا، فمنهم من يجهل مصيرهم، وآخرون فضلوا النزوح إلى مدن الدارالبيضاء وطنجة وتطوان من أجل العمل. حتى لا ننسى.. في السنة الماضية انهارت عدة منازل بجماعة زيرارة، منهم 120 مسكنا بدوار اترابنة، وكذلك تحطم 6 مساكن بدوار أتيوسا، وتهدم 16 مسكنا بدوار أولاد سعيد الواد و13 مسكنا بدوار أولاد صالح، بينما كان مصير دواوير أخرى الغرق في سيول واد سبو، كما شمل الإتلاف أزيد من 3000 هكتار من المزروعات، في حين قدر عدد المكوبين ب 1500 هكتار. أما في يتعلق بجماعة الخنيشات (دوار الكبارة وأولاد صابون وأولاد بوعظة ودوار الشبيرات والصنيدقات والكميحات وأولاد سلام وبرحيل وأولاد الحاج وأولاد بوعزة) فانهار حوالي 600 مسكن، بينما قدرت المساحة التي جرفت وغمرت بما يفوق 5000 هكتار تضررت عن آخرها، وبات حوالي 2000 شخص دون مأوى. وأسفر احتجاج السكان المتضررين عن تلك الأوضاع باعتقال 56 شخصا من شباب القرى. نكبة جديدة أكد إدريس عدة، كاتب عام الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، أن الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تتضامن مع منكوبي جهة الغرب، وتدعو الحكومة إلى تحمل مسؤولياتها بإطلاق مخطط جذري لإنقاذ بوادي الجهة، مشيرا إلى أن الجامعة تتابع بقلق شديد آثار الفيضانات، التي تضرب جهة الغرب الشراردة بني حساين للسنة الثانية على التوالي. وأشار عدة إلى أن ما يقارب الشهر تعيش الجهة نكبة جديدة أضرت مرة أخرى باستقرار آلالاف من أسر الفلاحين الكادحين، وهددت مصادر قوتهم، موضحا أنه مرة أخرى يتأكد الدور المحدود لسياسة السدود، التي أقيمت كخزانات للمياه لا كواقيات من الكوارث و ما تشهد به الوقائع. وقال عدة أن الفيضانات كشفت عن انتشار السكن العشوائي المرخص على ضفاف الوديان والأنهار، وفي المرجات أمام مرأى وبتواطؤ من السلطات المحلية، وهو ما يضع المئات من المواطنين في مركز الخطر الدائم. ومن جديد يقول، تواصلت خرجات السلطات المحلية والجهوية لوزارة الفلاحة لتؤكد أنه لا وجود لسياسة بديلة تهم المنطقة وليس هناك سوى تدابير لحظية ذات صبغة أمنية، مسجلا استمرار التعاطي الأمني مع المنكوبين والنظر إليهم كعبء، لا كضحايا لسياسات التفقير واللامبالاة التي استهدفت المنطقة من عقود. المطالبة بحماية السكان سجلت الكتابة الجهوية لجهة الرباط–سلا-تمارة-الخميسات-تيفلت-القنيطرة-سيدي قاسم-سيدي سليمان للنهج الديمقراطي تضامنها الكامل مع ضحايا هذه الفيضانات، كما دعت مناضلي النهج الديمقراطي وكل القوى السياسية والنقابية والجمعوية المرتبطة بالعمال والفلاحين الكادحين إلى الاستعداد لتجسيد هذا التضامن المبدئي والضروري. وطالبت الكتابة بحماية السكان النازحين، وتوفير مأوى لائق لهم والإسراع بتقديم الدعم لهم من تغذية وأغطية وأدوية وإسعافات، وإصلاح البنيات التحتية المتضررة وإلغاء الديون على الفلاحين الصغار والكادحين المتضررين، وتخليف القطيع الضائع منهم وتوزيع العلف لحماية القطيع المتبقي، ووضع حد لكل أشكال المضاربات، مع إطلاق مخطط جهوي عاجل لاستعادة وإصلاح وتوسيع شبكة صرف مياه الأمطار، أخذا بعين الاعتبار انخفاض أغلب أراضي الجهة دون مستوى البحر. كما طالبت أيضا بتوفير سكن بديل في مناطق آمنة في شكل قرى نموذجية تقام على أساس تصميم تهيئة قروي لتفادي البناء في النقط السوداء، ويأخذ بعين الاعتبار تكرار الفيضانات كمعطى بنيوي، بعدما تأكدت محدودية سياسة السدود في حماية المنطقة.