لم أشهد مثل هذه الكارثة خلال عمري كله " ، " ضاع بيتي وكل ممتلكاتي وأغراضي و شردت مع اولادي "هذا ملخص تصريح لشيخ من منكوبي فيضانات سيدي سليمان وهو يعطي صورة لواقع المنطقة منذ يوم الثلاثاء الأخير،خلال ذلك اليوم ارتفع منسوب نهر بهت وتجاوز السبعة أمتار في حالة لم تسجل من قبل نتيجة الأمطار الكثيرة التي عرفتها منطقة الغرب ، ولم يعد سد الكنزرة الذي شيد على الواد في الثلاثينيات من القرن الماضي قادرا على التحكم في جريانه، فاجتاحت الفيضانات مدينة سيدي سليمان الذي يمر من وسطها مغرقا عددا من الأحياء المحادية له، واجتاحت جماعات أحواز مدينة سيدي سليمان كجماعة الصفافعة ، جماعة القصيبية ، جماعة بومعيز وهي التي تضررت أكثر بحكم موقعها في أراضي منخفضة ، وحسب المعلومات التي أفادنا بها باشا مدينة سيدي سليمان فانه الى حدود أول أمس الخميس صباحا بلغ عدد الدور التي اجتاحتها مياه واد بهت 305 منها 134 تهدمت كليا أو جزئيا ،أما في أحواز المدينة فان رئيس الدائرة لم يقدم أرقاما عن البيوت التي تضررت من الفيضان ، ما يطرح السؤال حول كيفية تقديم المساعدة وتقييم الحاجيات إذا كان عدد المتضررين غير معروف ، وبرر ذلك بان قائد القصيبية نفسه مع أعوان السلطة محاصرين بالمياه ، لكن الأخبارتتحدث عن محاصرة أكثر من 2000 مسكن بالمياه ، والمعلومات الوحيدة التي أدلى بها تفيد انه تم إجلاء حوالي 400 منكوب من جماعة بومعيز وإيوائها، وفي نفس السياق أوضح باشا مدينة سيدي سليمان ان السلطة قامت بأيواء 215 منكوب بفضاء الكنيسة و 283 آخرين بمعمل تلفيف الحوامض ، وتم توفير الأغطية والتغدية الضرورية ، وتوقع ان يزداد أعداد البيوت والمواطنين المتضررين من الفيضان إذا ما استمرت الأمطار، ولأجل ذلك يضيف نفس المصدر سخرت السلطات تحت اشراف والي الجهة فرق الوقاية من مدينة سيدي سليمان والقيادة الجهوية بالقنيطرة ، وتم استقدام وسائل اللوجستيك من شاحنات وآليات وقوارب من مدينة سلا، وكما تمت تعبئة 250 من عناصر المخزن المتنقل والامن الوطني للحفاظ على الأمن ومساعدة السكان ، و تم تخصيص جناح خاص بمنكوبي الفيضانات بالمستشفى المحلي ، وقد استقبل هذا الجناح 23 شخص من المصابين في هذه الكارثة، كما وفرت وزارة الصحة وحدة طبية متنقلة وشاحنة من الأدوية . ووفق السلطة المحلية فان خلية تدبير المخاطرالتي تكونت عقب الفيضان جندت الشاحنات لنقل المنكوبين والآليات لمحاصرة المياه في نقط تدفقها بالأكياس الرملية والحواجز . وأكد نفس المتحدث ان الإنذار المبكرحول خطر الفيضانات الذي أصدره تقنيون ومهندسون كانوا يتتبعون تطور منسوب واد بهت مكن من تجنب الكارثة إذ تم إخطار الساكنة قبل يوم الثلاثاء بحيث كانت عملية التحسيس حاسمة في تفادي أضرار كبيرة ، وهو ما يفسر عدم تسجيل أية خسائر في الأرواح أو الماشية حسب معطيات مقدمة من طرف الوقاية المدنية ، غير ان معاينة المناطق المنكوبة بينت حجم الخسائر التي مست بيوت الساكنة خاصة المبنية بالطين وأفسدت محتوياتها و أدت الى إتلاف 15 ألف هكتار في دائرة سيدي سليمان وفق مصدر من المكتب الجهوي للإستثمار الفلاحي لدائرة الغرب . لكن مشاعر القلق والخوف والأسى لمسناها لدى الساكنة، فقد صرح لنا حسن كراب وهومنكوب من دوار اولاد الغازي تم أيواؤه ببناية قديمة جوار الكنيسة بما يلي " طلع علينا الواد جانا على غفلة ، ضعنا في حوايجنا وفلوسنا لقينا المساعدة هنا لكن شوية البرد " أم بشرى من دوار لهجورة فقد أكدت «الواد داك علينا حيث جينا في هبطة ودالينا حوايجنا الله كثر خير السلطة والمحسنين اللي جابونا هنا ومهليين فينا " .أما في معمل تلفيف الحوامض وهو معمل مهجور فان المنكوبين لم يخفوا غضبهم من مسؤولي المجلس البلدي مستنكرين عدم القيا م بزيارتهم وأكدوا أنهم لا يريدون الخبز بل حلولا عاجلة لمآساتهم لأنهم لن يتحملوا بقاءهم طويلا في المأوى . والجدير بالذكر ان المركزين المشار اليهما واللذين يأويان المنكوبين عبارة عن بنايتين مهجورتين تمت تهيئتهما على عجل لحل المشكل ، ورفضت السلطة إيواء السكان في المؤسسات التعليمية حتى لا ينقطع التلاميذ عن الدراسة ، لكن ظروف الإيواء تظهر الحاجة الى التفكير في توفير مآوي مناسبة لإستخدامها في حالة الكوارث ، ونشير ان عددا من المنكوبين رفضوا أيواءهم في ظل الشروط التي ذكرنا ، وفسرت السلطات هذا الموقف بكون هؤلاء متشبتين بالأرض ، ولا يريدون التخلي عن مواشيهم كما حصل في دوار الدوميات ..ومن جانب آخرفان ما يمكن للمرء ان يسجله بفخر واعتزاز هو سلوك التضامن والتعاطف الذي أبداه المواطنون اتجاه المنكوبين ، إذ بفضل التكافل الاجتماعي الذي ساد المناطق المتضررة أمكن توفير الغذاء والإيواء وتخفيف المعاناة ، ولعل نادي الكرة الحديدية بمدينة سيدي سليمان مثال حي صالح لكي يكون نموذجا للمجتمع المدني ،فقد تحول هذا النادي الى فضاء لإعداد الوجبات والاغطية لفائدة المتضررين ، ونظرا للدور الذي يقوم بها فقد أغدق عليه المحسنون مايفوق حاجيات المنكوبين بالكنيسة ..