رأى محللون وسياسيون عراقيون أمس أن عملية البرق التي تعبئ 40 ألف جندي لمحاولة القضاء على المقاومة العراقية، والتي بدأ تطبيقها بالعاصمة بغداد، ستزكي نيران فصائل المقاومة العراقية. وقالوا إنها تنذر بتعطيل الوساطات واللقاءات الهادفة إلى إشراك العرب السنّة في الحياة السياسية وصوغ الدستور العراقي؛ فالحزب الإسلامي يعتبرها حربا عليهم، والحركة السلفية ترى فيها مؤامرة لمنع السنّة من العمل السياسي. ويرى الدكتور حسين الفلوجي أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد، أن الأمن لا يتحقق بإقامة الأطواق والمداهمات العشوائية، ولكن يتأتى من مصادر توفر معلومات دقيقة وسلطة لديها أجهزة أمنية. وفي تصريح لإسلام أون لاين أمس قال الفلوجي: إن فرض مثل هذا الطوق على المواطن العراقي لا يشعره بالأمن، وكان الأجدر بأفراد الحكومة أن يلاحقوا ويتعقبوا مئات من عصابات الخطف والسلب التي تفشت لدرجة أن أحدنا إذا خرج من بيته لا يعرف إن كان سيعود سالما أم لا. واعتبر أن الأمن هو إحساس نفسي عند الناس، وإذا تحول تحقيقه إلى عمليات ترويع وإخافة للناس فإنه سيكون كالإرهاب. وتساءل الفلوجي: كيف يتسنى للحكومة بفرض مثل هذا الطوق، أن تعرف أن فلانا إرهابيا أو ليس إرهابيا؟!، معتبرا أن الحكومة غير جادة في عمل شيء حقيقي يحقق الأمن في العراق. واتفق مواطنون عراقيون مع رؤية الدكتور الفلوجي بشأن النتائج العكسية التي ستجنيها الحكومة العراقية من عملية البرق، معتبرين أن فرض مثل هذا الطوق سوف يزيد من عمليات القتل الجماعي لأفراد الجيش والشرطة العراقيين. وقال رجل طلب عدم نشر اسمه: إن وجود مثل هذا الكم البشري من أفراد الجيش والشرطة موزع على نقاط تفتيش محددة، يجعلهم عرضة وصيدا ثمينا لمن يريد أن يفتك بهم. ويرى محمد عبد العزيز أن الاختناقات المرورية الموجودة داخل العاصمة سوف تزداد سوءا بفرض عملية البرق التي تشمل أكثر من 675 نقطة تفتيش. واستنكر الطالب الجامعي عبد العزيز إطلاق اسم البرق على هذه العملية، وقال: هذا التشبه بمسميات عمليات الأمريكان التي يقومون بها ضد أبناء بلدنا غير مقبول بالمرة. كما أن هذه التسمية لا تحسّس العراقيين بالأمن وإنما تشعرهم بالخوف من هذا البرق الذي سيحل عليهم هذه الأيام. وتسمي القوات الأمريكية عمليات الاجتياح لمدن عراقية بمسميات مثل عاصفة الصحراء والعقرب. واعتبر القيادي في الحزب الإسلامي إياد العزاوي العملية حربا طائفية تشنها الدولة الجديدة على العرب السنّة. ونقلت صحيفة الحياة اللندنية أمس قوله إن المشكلة الأمنية تكمن في عدم اعتراف الحكومة بوجود مقاومة وطنية، وتوقع أن هناك فصائل للمقاومة ستتحرك لضرب قوات الأمن إذا أصرت على تنفيذ العملية. وتعتبر عملية البرق هي ثالث عملية اجتياح عسكرية لمدن عراقية يتم الإعلان عنها في شهر ماي ,2005 حيث تأتي في أعقاب بدء القوات الأمريكية عملية تسمى السوق الجديد وهي حملة تمشيط أمنية في مدينة حديثة الواقعة على بعد 200 كيلومتر شمال غرب بغداد شارك فيها نحو ألف من مشاة البحرية الأمريكية مدعومين من القوات العراقية بحثا عن عناصر المقاومة، وارتكبت خلالها القوات الأمريكية عدة جرائم في حق الأبرياء. كما أن جيش الاحتلال الأمريكي كان قد أعلن منتصف الشهر نفسه انتهاء عملية عسكرية واسعة حملت اسم ماتادور أو مصارع الثيران استغرقت أسبوعا. غير أن مصادر الاحتلال نفسها أكدت أن كل تلك العمليات فشلت في تحقيق أهدافها، يدل على ذلك، اشتداد قوة المقاومة، التي ما انفكت عملياتها تزداد في بلاد الرافدين، وتكبد الاحتلال خسائر فادحة.