السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مشكلتي تتمثل في الفراغ العاطفي والوحدة والانتظار. أعيش كثيرا في الماضي، دائمة الحنين إلى ما كان سيكون لو أنه ولو ولو....ثم لم يكن. أعيش وحيدة بالرغم من وجود عائلة، لكن التواصل بيننا منعدم. أعيش في انتظار زوج يخرجني مما أنا فيه. الحمد لله أنا صابرة ولا أظهر عذابي الداخلي، لكن نفسيتي متعبة وأخشى أن تسوء. تقدم لخطبتي شخصان فرفضت الاثنين، وذلك لأن الأول كان يدخن ويشرب الخمر من حين لآخر. أما الثاني ففيه كل ما تمنيت باستثناء أمر هام (على الأقل بالنسبة لي) أن عمله قائم على التزوير. المهم أنني وإلى اليوم تتناوب أفكار واحدة متكررة، وهي لماذا رفضت الثاني ومن أكون أنا حتى أرفض مثل ذاك الشخص؛ خاصة أن كل العائلة وافقت عليه واعتبرت التزوير أمرا عاديا؛ علما أنه لا يضيع أي صلاة في المسجد. فهل أخطأت في قراري؟ أما بخصوص الأول فهو لبق في الكلام ومنحت نفسي عدة فرص، وأخبرني أنه بعد الزواج سيتغير. تركت الأمر بيد الله وكانت مشيئته سبحانه وتعالى أنه لم يتصل بي. أخشى أن يغلبني الفراغ والوحدة وشيء آخر فأتصل أنا به كما فعلت مرات عديدة. والشيء الآخر هو عنوستي 33 سنة، يضاف إلى ذلك ألفاظ تتكرر طوال اليوم أن غيري تزوج وأنجب والكل بخير إلا أنا التي لا تزال في بيت أبيها. إحساس مرير جدا أن تنهضي في الصباح وأول ما تفكرين به أن بقاءك مع عائلتك قد طال ولم يعد مرغوبا بك، وأنه عليك أن تجدي زوجا. ومن أين لي بهذا الزوج. هل أشتريه أم ماذا أفعل؟ هكذا أبدأ يومي وهكذا أنهيه. مند عشر سنوات تقريبا تعرفت على شخص في الدراسة ولم نوفق، وزاد رفض العائلة له صعوبة الأمر، فتزوج وبقيت أنا مع الجراح لأنني بالرغم من كل شيء أحببته. المهم، وبالرغم من معاناتي، قررت وأنا أكتب هذه السطور أن أسامحه، وأرجو من العلي القدير أن يأجرني في مصيبتي ويبدلني خيرا منها. أنا موظفة متوسطة الجمال ولله الحمد، خجولة ولا أثق في نفسي مطلقا. أخاف كثيرا. أخاف من الرجال، أخاف من الرؤساء، من الزملاء، لا أستطيع أن أتواصل مع زميل في العمل أكثر من دقيقتين ويكون في إطار العمل. حاولت إتمام دراستي إلا أنني لم أكمل؛ دائما لخوفي من الأساتذة المكلفين أن يصرخوا في وجهي. باختصار سؤالي هو ما الشيء الذي أعوض به دور الزواج؛ فأحس بقوة أكثر وبثقة أكبر وبقدرة على النظر في عيون من كتب الله لهم الزواج والإنجاب، وينظرون إلي قائلين أنت من اختار مصيرك فتحملي. ولا حول ولا قوة الا بالله. والسلام عليكم ورحمة الله. كوني متسامحة مع نفسك فيما يجب ذلك ولا تجلديها وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، ابنتي الكريمة؛ أرى أنك تجلدين نفسك أكثر مما تستحق، وأنك تلومين نفسك على قرارات كنت في فيها محقة وعلى صواب.. وأخشى أن اختلاط الأولويات لديك قد يجرك إلى متاهات لا أحد يعرف خاتمتها.. فمشكلتك فعلا هي الفراغ والانتظار.. والزواج لا ننتظره، وأيضا ليس هو كل شيء لكي تكتمل صورتنا الاجتماعية، فهناك عظماء في تاريخ الإسلام لم يتزوجوا وتركوا من ورائهم إرثا علميا وإنتاجا غزيرا لازالت الأمة الإسلامية المتعاقبة تنهل من معينه .. فهل كان عدم الزواج محطما لهم؟؟ ابنتي دعيني أرجع معك إلى بداية سؤالك، وبالخصوص إلى ماذا لو؟، ودعيني أخبرك بها من زاوية أخرى: ماذا لو تزوجت الشاب المخمر أو المزور ووجدت نفسك في جحيم يومي من الممارسات والسلوكات التي لا يمكنك أن تغييرها فيهم، فالخمر والزور من الكبائر التي حرمها الله تعالى لأنها صفات لا تستقيم مع الإيمان، وعندما يغيب الإيمان من القلب لا يمكنك أن تتصوري ماذا سيحل فيه.. إذن اطرحي على نفسك نفس السؤال ماذا لو كنت متزوجة ومتعايشة مع هذا الجحيم اليومي من تلك الممارسات؟ وماذا لو كنت مطلقة من مخمر ومزور، لأنك قد لا تطيقين ذلك العيش وتختارين الطلاق على البقاء معه، هل كنت سترضين بالطلاق؟؟ ضغوط المجتمع والأسرة ينبغي ألا تفقدك التقدير الموضوعي للأشياء.. الزواج ليس مظهرا اجتماعيا، بل هو مؤسسة مبنية على ركائز قوية، وإلا فإنها تنقلب على أصحابها لا قدر الله. ثقي في نفسك وقبلها ثقي في قضاء وقدر الله تعالى وهو سيختار لك، وإذا اختار لك فكوني مطمئنة بأنه اختيار خير ولن تندمي عليه.. وكثير من الأمور لا تظهر بشكل ملموس؛ ولكن الله تعالى يؤخرها أو يسترها ليختبر إيماننا الحقيقي. كوني متسامحة مع نفسك فيما يجب ذلك، ولا تجلديها إلى درجة قتل روح الإبداع فيها والطموح .. وأكملي دراستك واملئي وقتك بأمور كثيرة اجتماعية وثقافية وعلمية، وحينها فقط ستكتشفين كم كنت مخطئة في طمر نفسك في وحل الانتظار للزوج.