بايتاس: عملية التسوية الجبائية تفوق التوقعات بأكثر من 127 مليار درهم    كواليس قرار ال UMT بشأن "الإضراب"    البرلمان يستمع لتقرير "الحسابات"    المغرب يستقبل 17,4 ملايين سائح    لقجع: معدل المديونية يبلغ 69 %    الشرطة الفرنسية تعتقل يوتوبرز جزائرية بتهم التحريض على القتل    عون: اليوم تبدأ لبنان "مرحلة جديدة"    إسرائيل تتجاوز 46 ألف قتيل بغزة    الجموع العامة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والعصب الوطنية في 13 مارس المقبل (بلاغ للجامعة)    الأهلي يعلن غياب داري 10 أيام    أمن ولاية فاس…توقيف شخص ذوي السوابق القضائية للاشتباه في تورطه في قضية تتعلق بحيازة السلاح الابيض و تعريض حياة المواطنين للخطر    طرامواي الرباط-سلا.. توقف مؤقت للخدمة بين محطتي "قنطرة الحسن الثاني" و"ساحة 16 نونبر"    تفاصيل مثول مبدع أمام المحكمة    الفنان محمد بن عبد السلام في ذمة الله    تحليل: تصاعد التوتر بين المغرب وأوروبا يفتح الباب أمام نفوذ روسيا والصين    تعيينات جديدة في مناصب عليا بوزارات التعليم العالي وإعداد التراب والاستثمار    الحكومة تؤجل تدارس مشروع قانون إحداث وتنظيم مؤسسة الأعمال الاجتماعية لموظفي إدارة السجون    حصيلة التسوية الجبائية الطوعية تتجاوز 127 مليار درهم    وفاة الفنان محمد بن عبد السلام    أخبار الساحة    أما زال للجزائر دور تقوم به، حتى لا تزرع الفوضى؟    مارلاسكا: دعم المغرب إثر فيضانات إسبانيا يعكس "عمق العلاقات" بين البلدين    الذهب يتراجع بعد أن وصل لأعلى مستوياته في نحو أربعة أسابيع    حوض ملوية.. الإنتاج المرتقب للحوامض يفوق 192 ألف طن    وست هام يُعيّن غراهام بوتر مدربا للفريق    إقبال جماهيري غير مسبوق على تذاكر مباراة الجيش الملكي والرجاء الرياضي في دوري أبطال إفريقيا    عبد السلام الكلاعي يحكي الحب في "سوناتا ليلية"    وزير الداخلية الإسباني: دعم المغرب لنا في فيضانات فالنسيا يعكس "عمق العلاقات" بين البلدين    يربط إسبانيا بجنوب المملكة.. شركة ريان إير تدشن خطًا جويًا جديدًا بين مدريد والداخلة    بسبب حملة مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل.. كارفور تعلن إغلاق فروعها في سلطنة عُمان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    جواز السفر المغربي يسجل قفزة في التصنيف العالمي لعام 2025    وادي "السلسيون": كوميديا الفشل في زمن النيوليبرالية    أخذنا على حين ′′غزة′′!    "بوحمرون" يغزو أسوار السجون ويفتك بالنزلاء    وفاة الموسيقار محمد بنعبد السلام    مندوبية: رصد ما مجموعه 41 حالة إصابة بداء الحصبة بعدد من المؤسسات السجنية    533 عاماً على سقوط غرناطة آخر معاقل الإسلام فى الأندلس    حول الآخر في زمن المغرب ..    تايلور سويفت تتصدر مبيعات بريطانية قياسية للموسيقى    طوفان الأقصى: أوهام الصهيونية    أسعار النفط تواصل خسائرها وسط ارتفاع مخزونات الوقود الأمريكية    أتليتيكو يستغل غياب البارصا والريال    تعيين مهدي بنعطية مديرًا رياضيًا لأولمبيك مارسيليا    مشروع قانون الإضراب.. السكوري: الحكومة مستعدة للقيام ب "تعديلات جوهرية" استجابة لمطالب الشغيلة    حصيلة حرائق لوس أنجليس ترتفع إلى خمسة قتلى    كيوسك الأربعاء | هيئات سيارات الأجرة تدعو لمناظرة وطنية للحسم في جدل تطبيقات النقل    المغرب إلى نصف النهائي في"دوري الملوك"    طنجة: ثلاث سنوات حبسا لطبيب وشريكه يتاجران في أدوية باهظة الثمن للمرضى    ترامب يقف أمام نعش الراحل كارتر    قريباً شرطة النظافة بشوارع العاصمة الإقتصادية    لقاء يجمع مسؤولين لاتخاذ تدابير لمنع انتشار "بوحمرون" في مدارس الحسيمة    السجن المحلي لطنجة يتصدر وطنيا.. رصد 23 حالة إصابة بداء "بوحمرون"    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    منظة الصحة العالمية توضح بشأن مخاطر انتشار الفيروسات التنفسية    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام -3-    









الأضاحي عبر القروض الربوية.. إفراغ للعبادات من مضامينها- بقلم مولاي عمر بن حماد
نشر في التجديد يوم 17 - 11 - 2009

مع اقتراب عيد الأضحى المبارك تنتشر في أغلب شوارع المدن إعلانات عن تسهيلات بنكية لتوفير الأضحية، ضمن سلسلة من الإعلانات لا تنتهسي: هذه لتوفير السكن، وهذه لتجهيز البيت، وهذه لعطلة الصيف، وأخرى للدخول المدرسي... وهكذا . والمتتبعون للظاهرة يؤكدون أن كثيرا من المواطنين يقترضون لتسديد القروض السابقة، مما يجعلهم أسرى قروض مغرية تعدهم بالمتعة وتوقعهم في الضيق. وفي تقديري، وبغض النظر عن مقاصد المؤسسات المالية التي أعلنت عن هذه القروض الخاصة بالأضاحي، فإنها تسهم في إفراغ العبادات من مضامينها.
والشعائر التعبدية تعرضت عبر التاريخ لكثير من عمليات التشويه والإفراغ ضمن حلقات يقود بعضها إلى بعض، فيكون الهدف الأول هو الحيلولة بين الناس وبين العبادة أو صرف الناس عنها، فإن أتوها فلا أقل من التضييق عليهم، فإن تجاوزوا العقبة الثانية واجهوا العقبة الثالثة وهي الإفراغ من المضمون ليسهل التخلص منها بعد ذلك. ولتكون أشبه بالحاضر الغائب. والمتأمل في كثير من مظاهر التعبد في واقع المسلمين يراها ضعيفة الأثر بعيدة عن تحقيق مقاصدها . لقد اتجه المسلمون إلى تحقيق أحكام العبادات والسؤال عنها والحرص على عدم مخالفتها، وكل ذلك جيد ومطلوب، ولكن المطلوب الأسمى هو تحقيق المقاصد، ولذلك وجدنا الشرع يمنح المكلف صورا متعددة لأداء العبادة؛ لكن مع وحدة المقصد: فهذا الحج مثلا بالإفراد والتمتع والقران، لكن في إطار مقصد واحد. وعليه فإن المفسدة عظيمة حين تتجه إلى هدم مقاصد العبادة وإفراغها.
وفي تقديري فإن الفتنة التي أثارتها جماعة وكالين رمضان تأتي في نفس السياق، وهو تجريء الناس على الجهر بالمخالفة في استفزاز وتصادم مع ثوابت الأمة واختياراتها، ونحن نسمع الآن حديثا وإن كان خافتا عن التحريض على الامتناع عن الأضحية في أحد المواقع الإلكترونية، وقد سبق شيء من ذلك في بعض وسائل الإعلام تحت عنوان ٌم ٍفََّّفكْم ، بل وصلت الجرأة أن كتب أحد شيوخ الحداثة العلمانية هل المغاربة كلهم مسلمون؟، وهكذا تتوالى الهجمات المستهدفة لقيم المجتمع وثوابته.
والنازلة التي تفرض نفسها هذه الأيام تتعلق بقضية القروض الربوية التي يتم إغراء الناس بأنها الحل الأسهل لتوفير الأضحية. وهي الإعلانات التي يتفنن مبدعوها في اختيار صورها وعباراتها، ومن آخر صور التضليل والتشويه استدعاء مصارعة الثيران في إقناع الراغبين في مصارعة أضاحيهم بأن القروض الربوية تسهل عليهم المهمة.
وشتان بين آداب وأحكام الأضحية وبين وحشية وهمجية مصارعة الثيران، فالأضاحي عندنا مقرونة بالصلاة كما في قوله تعالى : إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ، وحمل كثير من العلماء الآية على أن المراد صلاة العيد ونحر الأضحية. ومثله قوله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ( الأنعام 163) وحمل النسك على أن من معانيه الأضحية وما في حكمها. ونحرها يجب أن يكون مع غاية الإحسان كما في الحديث: إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ.
وماذا بقي من معاني التكافل والتضامن الذي ترشد إليه الآية الكريمة من مثل قوله تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ( الحج28)
ثم ما الداعي إلى كل هذه التعبئة الاستثنائية لتوفير الأضاحي إلى الدرجة التي تدعو إلى الاقتراض الربوي، وهي كما يعلم الجميع لمن استطاع إليها سبيلا؟ بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خفف عن الجميع وذبح نيابة عنهم كما في الحديث عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلى بالناس يوم النحر فلما فرغ من خطبته وصلاته دعا بكبش فذبحه هو بنفسه وقال: باسم الله، الله أكبر اللهم عني وعمَّن لم يضح من أمتي...
إنها مسؤولية العلماء مرة أخرى في البيان والنصح، وهو خلاصة الميثاق المشار إليه في قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ (آل عمران187)
فهل نطمع بأن نسمع بيانا صريحا لا لبس فيه بأن الأضاحي لا يجوز الاقتراض بالربا لتوفيرها تحت أي ضغط أو إكراه مزعوم. وإنها سنة من وجد لها سبيلا أحياها ومن لم يجد فلا تجب عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.