تواصلت الاحتجاجات والانتقادات بالجزائر على إلغاء وزارة التربية تدريس مادة الشريعة الإسلامية بشهادة البكالوريا (الثانوية العامة)، حيث نددت قوى إسلامية حزبية مشاركة بالحكومة بهذه الخطوة واعتبرتها جريمة بحق الثوابت، واستجابة لضغوط خارجية بزعم مواجهة التطرف، بينما تشهد الأوساط الجامعية بالجزائر اعتصامات يومية للطلاب وأساتذة العلوم الشرعية احتجاجا على هذه الخطوة التي تهدد بإلغاء تدريس الشريعة من الجامعات خلال 3 سنوات. وحسب موقع إسلام أون لاين أمس، فقد ندد حزب حركة مجتمع السلم (حمس) الممثل في الحكومة بخمسة وزراء أول أمس بقرار إلغاء مادة الشريعة الإسلامية، وقال: إن أعضاءه في البرلمان أودعوا سؤالا شفويا لدى مكتب المجلس الشعبي الوطني، موجها لوزير التربية أبو بكر بن بوزيد اعتبروا فيه قرار الحكومة تعديا على الدستور الذي ينص في مادته الثانية على أن الإسلام دين الدولة. وتساءل النواب في السؤال عن غلق الطريق أمام المترشحين الأحرار للبكالوريا المتعطشين للدراسات العليا في العلوم الشرعية؟، وأشار السؤال للعجز الذي تعانيه وزارة الشؤون الدينية في دارسي العلوم الشرعية. وأضاف نواب حمس: ثم كيف توفقون بين إجرائكم هذا وبين يمين رئيس الجمهورية الدستوري الذي يقسم فيه صراحة على احترام الدين الإسلامي وتمجيده؟. وأصدر المكتب التنفيذي لحمس بيانا الأربعاء الأخير ندد بإلغاء شعبة الشريعة ومادتي التاريخ والتربية الإسلامية من امتحانات السنتين السادسة والتاسعة من التعليم الأساسي، دون عرضه على الحكومة. ووصف البيان ذلك الإجراء بأنه مشروع فرضته ضغوط خارجية وجدت سندا لها من طرف أقلية فكرية نافذة في الوطن، تريد إبعاد المجتمع عن ثوابته وانتمائه الحضاري. وأوضح حمس أن هذه الخطوة جاءت إرضاء لأطراف خارجية وقوى أجنبية تريد مسخ الهوية الجزائرية المستمدة من الإسلام والعروبة أساسا. وأضاف الموقع نفسه أن الشيخ عبد الرحمن شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين اعتبر من جانبه ما أقدمت عليه الحكومة الجزائرية جريمة في حق الشعب ووحدته في وقت نحتاج فيه إلى التعريف بالإسلام وفضائله. وحذر شيبان في تصريح نشره الموقع ذاته من أن إلغاء شعبة العلوم الإسلامية في التعليم الثانوي سيؤدي لا محالة إلى إلغائها من التدريس بالجامعة، فخلال 3 سنوات سينقطع الرافد الذي يزود المعاهد الإسلامية والمساجد بالأطر الشرعية، مع أن الحكومة تدرك أننا في حاجة إلى أئمة واعين بالإسلام. وحول ما أعلنه وزير التربية من أن سبب إلغاء مادة الشريعة الإسلامية يرجع لحرص الدولة على تحقيق التقدم، قال شيبان: التقدم والحداثة عندهم هو الانسلاخ من ذاتيتنا وأصولنا وأمجادنا. وكان وزير التربية نفى الثلاثاء الأخير أية نية في إلغاء شعبة العلوم الإسلامية من الجامعات. ورد الوزير على الاحتجاجات قائلا: حذفنا هذه المادة من المناهج التعليمية تفاديا للتخصص المبكر فيها، وطال الإجراء سبع شعب أخرى، ويدخل كل ذلك في إطار عصرنة النظام التربوي الجزائري وترقيته. من ناحية أخرى تشهد جامعتا خروبة بالجزائر العاصمة والأمير عبد القادر بمدينة قسنطينة (500 كيلومتر شرق العاصمة) غليانا كبيرا، حيث ينظم الطلاب وأساتذة العلوم الشرعية اعتصامات بصفة يومية داخل الجامعتين تنديدا بقطع الرافد الذي تنهل منه الدراسة الجامعية في شعبة علوم الدين. واتسعت حركة التذمر لتشمل المدرّسين في مرحلة التعليم الأساسي، بسبب حذف وزارة التربية مواد القرآن الكريم والحديث الشريف من مقرر مادة اللغة العربية وآدابها، إضافة إلى إلغاء امتحان مادة التربية الإسلامية في السنة السادسة أساسي للعام الجاري. وترى الأوساط الطلابية الجامعية أن الإجراءات الأخيرة تستجيب لما عرف بمخطط إصلاح المنظومة التربوية، الذي أعدته نخبة من المثقفين ينتمون للتيار الفرنكفوني العلماني بداية عام 2000 وبدأ تطبيقه عام 2004. وأعد هذا المخطط بطلب من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي اشتكى مرارا من ضعف مناهج التعليم، واعتبرها أحد الأسباب المباشرة لاندلاع ما أسماها بالتطرف في البلاد. وأكد الموقع ذاته أن مصادر مقربة من الحكومة الجزائرية أكدت له أن الخطوات التي أعلنت عنها وزارة التربية تعكس موقف نافذين في السلطة، يعتبرون تدريس مواد الشريعة والتربية الإسلامية أنتج شبابا متطرفا. وكانت حركة النهضة الجزائرية نددت بإلغاء تدريس مادة الشريعة الإسلامية في شهادة البكالوريا ودعت القوى السياسية والنقابية والتنظيمات الاجتماعية والطلابية إلى التصدي بكل الوسائل القانونية لهذا القرار.واعتبرت حركة النهضة في بيان أصدرته عقب اجتماع مكتبها الوطني يوم 12/5/2005 إلغاء مادة الشريعة ينم عن استهتار بمشاعر المجتمع الجزائري، ومساسا بأحد أهم مقومات وحدته