اعتبرت عزيزة البقالي عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح ونائبة رئيسة منظمة تجديد الوعي النسائي، أن السياسات السكانية للأمم المتحدة التي تستهدف العالم الإسلامي ترمي بالأساس إلى فرض منظومة قانونية تنطلق من فلسفة غربية على البلدان الإسلامية من شأنها أن تزعزع تماسكها الأخلاقي، يتضح ذلك من خلال محاولة ضرب النظام الأسري بمفهومه الديني بالحديث عن أشكال أخرى للأسر وما يحمله من تشجيع على الشذوذ الجنسي، وكذا تشجيع العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج بتوسيع دائرة استعمال العازل الطبي وموانع الحمل في صفوف الشباب باسم الجنس الآمن، وكذا الدفع في اتجاه إباحة الإجهاض بدعوى تنظيم الأسرة. وأوضحت البقالي أنه منذ 1995 وعلى هامش مؤتمر القاهرة كانت هناك تحذيرات من مغبة تطبيق الدول العربية والإسلامية لهذه السياسات، والآن وبعد أن أصبح الخطر واضحا وجليا؛ المطلوب أن تراجع هذه الدول سياساتها وفق ما فيه صالحها؛ بدل الاستمرار في الاستجابة للإملاءات الخارجية. وأكدت البقالي أن المغرب كان تلميذا نجيبا لتوصيات المؤتمرات الدولية، وخاصة مؤتمر السكان والتنمية الذي انعقد في القاهرة سنة .1994 فقد كانت سياسة تنظيم النسل ضمن ما سمي بسياسة تنظيم الأسرة من بين السياسات التي تبنتها بوفاء وحرص شديد الحكومات المتعاقبة، فقد فاقت نتائجها التوقعات، إذ تراجع معدل الخصوبة إلى 2,2 طفل لكل امرأة سنة ,2009 وهذا الرقم مرشح لمزيد من التراجع في أفق 2030 حسب المندوبية السامية للتخطيط، بينما نجد أن السياسة المتبعة فشلت فشلا ذريعا في تقليص نسبة وفيات الأمهات وكذا تقليص نسبة وفيات الأطفال، إذ يحتل المغرب المرتبة 81 عالميا فيما يخص وفيات الأطفال دون السن الخامسة، بنسبة 34 حالة في الألف سنة ,2007 وتتعرض 227 امرأة من بين 100 ألف للوفاة خلال فترة الحمل أو أثناء الوضع خلال مدة لا تتجاوز 42 يوما، في العالم القروي، وينخفض المعدل في الوسط الحضري إلى .187 وأبرزت البقالي أن هذه الأرقام والمؤشرات تدل على انقلاب ديموغرافي خطير بما يمثله من تحديات عدة؛ اقتصادية واجتماعية، فمن جهة تزايد نسبة المسنين وما يتطلبه من تكاليف توفير الرعاية، وتأثيره على سير أنظمة التقاعد، ذلك أنها مهددة بالإفلاس، كما أن هذا الوضع يؤدي إلى طفرة في الشريحة الشبابية بما تفرضه من ضرورات توفير فرص الشغل في ظل أزمة بطالة خانقة، وغيرها من التحديات التي تؤثر سلبا على وضعية الأسرة. وحذرت البقالي من مغبة الاستمرار في اعتماد سياسات تحت إكراه المواثيق الدولية من شأنها تهديد المنظومة الاجتماعية، كما طالبت بمناسبة المؤتمر العالمي السادس والعشرين للسكان المنعقد بمراكش الحكومة بمراجعة سياسة تنظيم الأسرة بالمغرب، وخاصة فيما يتعلق بالصحة الإنجابية لإعادة التوازن الديمغرافي المطلوب و لحماية منظومتنا.