آزاديه كيان- تيبو أستاذة العلوم السياسية في جامعة باريس ,8 هي مؤلفة العديد من الدراسات التي تنتقد النظام الإيراني بلا هوادة وبالخصوص في الوضع الذي يخص به النساء. ولهذا السبب كان يمكن أن تبدو هي المخاطب المثالي بالنسبة لوسائل الإعلام المتعطشة لوجهات نظر خبراء في عالم لا تعرف عنه الكثير ومن مسؤولياتها أن تقدمه إلى الجمهور العريض وتفسره له. إلا أنه ولا واحدة من وسائل الإعلام طلبت رأيها. ولو طلب منها رأيها لا شك أنها كانت سوف تروي، كما روت في كتابها عن الحجاب الإسلامي، بأن سياسةً لمنع الحجاب في الفضاءات العامة كانت قد وضعت من قبل في حيز التنفيذ وأدت إلى نتائج عكسية ومسيئة: نساء كن من قبل يخرجن ويمشين في الشوارع محجبات برضا أزواجهن وجدن أنفسهن ممنوعات من الخروج ومعزولات في بيوتهن. غير أن آزاديه كيان- تيبو تفسر على الخصوص بأن الوضع في فرنسا يختلف تماما مما يجعل أي تجربة كمثل تجربة شاهدروت دجافان لا تسعف إطلاقا في أن تفيد في معرفة الموقف الذي على فرنسا أن تتبناه تجاه حجاب بعض تلميذات الإعدادي أو الثانوي الفرنسيات. وتفسر في الأخير أنه بالنسبة للوضع الفرنسي بما في ذلك عندما توجد ضغوط ترغم المراهقات على ارتداء الحجاب فإن استراتيجية المنع هي غير مضمونة إطلاقا لأن المراهقات هن اللواتي قد تؤدين الثمن غاليا جدا: الإقصاء. وأما مرجان ساترابي رسامة الأشرطة المرسومة (قفَلمَّ لمََّّىَجمَّ) ومؤلفة كتاب سيرة ذاتية من ثلاثة أجزاء يحمل عنوان بيرسيبوليس تحكي فيه عن طفولتها في إيران. هذا الكتاب الذي حقق نجاحا كبيرا، وكان من بين أنجح الأشرطة المرسومة في السنوات الأخيرة، والذي نشر على حلقات كمسلسل صيفي في يومية ليبيراسيون والذي من الصعب جدا أن يجهله الصحفيون نتعرف من خلال قراءته على أن المؤلفة قد عاشت تجربة قريبة من تجربة شاهدروت دجافان: فهي أيضا أرغمت على ارتداء الحجاب مع أنها لم تكن تريده رأت قريبات من عائلتها تتعرضن للظلم والاضطهاد، وتسجنن أو حتى تقتلن قبل أن تأتي للعيش في ألمانيا ثم بعد ذلك في فرنسا. غير أنها تخرج من هذه التجربة بخلاصات مغايرة تماما: فهي تصرح بأنها تعارض بقوة قانونا يمنع ارتداء الحجاب في المدرسة وذلك على الخصوص لأن:إجبار امرأة على خلع حجابها هو قرار قامع تماما مثل إجبارها على ارتدائه. ومن الغرابة بمكان أن وجهة النظر هاته التي عبرت عنها كاتبة هي أكثر شهرة منشاهدروت دجافان ومعروفة لدى الجمهور الفرنسي أكثر منها بكثير لم تجد طريقها للنشر إلا في يومية إنجليزية هي ذي غارديان. وأما شيرين عبادي والتي لكونها بعد أن حصلت في يوم 12 أكتوبر 2003 على جائزة نوبل للسلام، وبالضبط لكونها ناضلت في إيران ضد إلزامية ارتداء الحجاب قد أصبحت ما أسمتها وسائل الإعلام صوتا لم يعد ممكنا تجاوزه. وبالتالي فهي أكثر تغطية إعلامية واسمها يتردد بدون توقف على أنه الضمانة الأخلاقية بالنسبة لكل الذين يقدمون أنفسهم كخصوم الحجاب (والذين هم بالضبط مناصرو منعه). غير أن المفارقة الغريبة هي أن الفترة التي كانت فيها شيرين عبادي محل تسليط الأضواء عليها أكثر من طرف وسائل الإعلام الفرنسية هي نفسها الفترة التي لم تصرح فيها بأي شيء بخصوص النقاش الفرنسي حول الحجاب ففي اللحظة التي اتخذت موقفها من مشروع القانون انسحبت فجأة من المشهد الإعلامي الفرنسي: باستثناء واحد فقط أو استثناءين: (في يومية لوموند وفي برنامج كلمات متقاطعة إذ لم يعد هناك أي حديث عنها إلا في حالة الكلام عن التزامها دون أي إشارة إلى رأيها في منع الحجاب في المدارس الفرنسية. والحقيقة أن الموقف الذي أعلنته شيرين عبادي للعموم فيه ما من شأنه التشويش على السياق العام بما أنه رأي غريب عن الانجراف الجماعي الذي فرضه الإعلام الفرنسي. تقول شيرين عبادي في عدد يوم السابع عشر دجنبر 2003 من يومية لوموند: يجب أن يكون في إمكان النساء أن يخترن لباسهن بكل حرية مثل الرجال. و إذا ما صدر قانون فأن ذلك سيكون فقط في صالح الأصوليين فبقدر ما تتعلم البنات بقدر ما تصبحن أكثر تحررا واستقلالية (...). إن إبعاد الفتيات المحجبات من المدرسة سوف لن يجعل منهن إلا فرائس مفضلة للأصوليين (...). وإذا ما تم تناسي حقوق الإنسان من طرف الدول الديمقراطية باسم محاربة التطرف فإن ذلك سوف يقوي من مواقع أعداء حقوق الإنسان الذين نعرف أسماءهم. والخلاصة أن صمت شيرين عبادي فيما يخص هذا الموضوع قد أتاح لأنصار المنع أن يمارسوا التعميم انطلاقا من نضالها الإيراني ضد فرض الحجاب بدس موقفها من فرض الحجاب إلى موقف من الحجاب في ذاته، ثم التدليس بتحويل نضالها ضد فرض الحجاب إلى نضال من أجل منعه. ولهذا فعندما كسرت صمتها بإعلانها اتخاذ موقف ضد المنع تم تهميشها تماما، و لم يعد يُسمع لها صوت أبدا.