أكد المقرئ الإدريسي أبو زيد في محاضرة له الأربعاء 2 شتنبر 2009 بالرباط على أن المعركة اليوم هي معركة على المعلومة وعلى الفكرة والحقيقة، وعلى الذاكرة، مستندا إلى الدفاع المستميت للصهاينة على الحق في الذاكرة، وابتزازهم للعالم باسمها بطرح محرقة الهولوكوست، في مقابل السعي إلى مسح ذاكرة العالم الإسلامي بتطبيق مشاريع من قبيل الشرق الأوسط الجديد، والذي بالرغم من فشله فنحن نطبقه، ومنتدى المستقبل وكل التوصيات الأمريكية والصهيونية في تعديل البرامج الدراسية وتعديل مناهج التعليم، في إطار صناعة ثقافة السلام والتسامح والتعايش، الثقافة التي يضرب بها على رأس المهزوم المظلوم، عوض أن توجه للظالم، والأصل أن الصهاينة من يجب أن توجه إليهم ثقافة السلام وليس نحن. واعتبر المقرئ الإدريسي أبو زيد في المحاضرة التي نظمتها حركة التوحيد والاصلاح بتنسيق مع المبادرة المغربية للدعم والنصرة تحت عنوان القدس ومخاطر التهويد بمقر وزارة الثقافة، أن العالم الإسلامي يعيش اليوم زمنا اشتد فيه الأمر على أهل فلسطين وقل النصير، مفسرا قوله بكون عموم المسلمين شعوبا وحكاما ومنظمات وهيآت وأحزابا، كانوا فيما مضى أكثر نشاطا وأكثر حماسا وأشد غضبا وأكثر استنكارا بالقول والفعل والحركة الفردية والجماعية لما يقع على فلسطين من ظلم وما يتهدد القدس من مخاطر، مؤكدا أنه ينبغي أن يكون نشاطنا وصراخنا وصوتنا اليوم أكثر ارتفاعا، وأن تكون حركتنا ونجدتنا وإغاثتنا أشد لأن الخطر يتصاعد، وبقدر تصاعد الخطر ينبغي أن يتصاعد رد الفعل، وأقام الإدريسي مفارقة بين واقع القدس اليوم وحالة الاسترخاء التي يعيشها العالم الإسلامي، وبين ما كان عليه الحال عندما أصيب المسجد الأقصى بإحراق جزئي، وكانت الهبة والغضبة أشد، توجت بقيام أكبر هيأة جامعة للمسلمين وهي منظمة المؤتمر الإسلامي، بينما يوجد العالم الاسلامي اليوم في حالة من الاسترخاء رغم اشتداد القبضة الصهيونية على المسجد الأقصى والتهديدات التي تحدق به. واستند الإدريسي إلى مقولة موشي ديان بعد حرب 1967 حين قال إنني قد أقبل غدا أن يكون الفلسطيني طيارا في الجيش الإسرائيلي، وقد أستأمنه أن يركب طائرة ميراج محملة بالقذائف ويصعد بها إلى الجو ولكنني، ولا أستأمن الفلسطيني على أن يكون مجرد دليل للسياح في مدينة القدسالشرقية، ليبرهن على السياسة الصهيونية المتمثلة في إرادة إسكات التاريخ الفلسطيني، وإنشاء تاريخ مختلق ومصنوع، واحتكار الرواية التي تقدم بشأن كل ما يتعلق بالأقصى، مضيفا أن هذا يتأكد في سيطرة وتنفذ الصهاينة في شعب التاريخ في مختلف الكليات والجامعات الأوروبية والأمريكية، واحتكار الإسرائيليين لكتابة الموسوعات التاريخية عنهم. وفي معرض حديثه عن سياسة الاحتلال الصهيوني في تهويد القدس، أكد أبو زيد أن القدس محاط ب181 كلم من الجدار العازل، و25 مستوطنة ضخمة، و600 حاجزا أمنيا يقطع الأنفاس، مهيكلة في اتجاه منع الناس من الوصول إلى المسجد الأقصى، ومن بينها 41 حاجزا حول المسجد الأقصى فقط، مشددا على أن هذه الاستراتيجية تدخل في إطار الحرب النفسية على الفلسطينيين، إذ يمنع الفلسطينيون عند الحاجز الأول، ومن يسمح له بالمرور ويفرح يمنع عند الحاجز الثاني، فيبقى في ساعات من الإذلال والحر والشمس والبرد، وحين يمر يمنع عند الحاجز الرابع، وهناك من يجتاز 4 حواجز وعند الحاجز الخامس يمنع ويرد إلى الحاجز الأول رغم أنه قضى أربع ساعات، وهذا كله في إطار الحرب النفسية. وأكد المقرئ الإدريسي أبو زيد على أن فلسطين خضعت لثلاث مؤامرات بدأت منذ قرار التقسيم، والذي تحدث في المؤامرة الأولى عن دولتين، الأولى دولة يهودية والأخرى عربية فلسطينية، فأعطى للأولى صفة دينية والثانية أعطاها صفة قومية، والعرب فيهم مسيحيون ومسلمون ويهود، ويمكن أن تجد بينهم علمانيين وبوذيين، مضيفا أن إضافة فلسطينية يأتي لمنع بقية العرب من التوافد عليها، بينما يحق للدولة اليهودية أن تسع كل يهود العالم، وكانت المؤامرة الثانية بحسب أبو زيد، بإضافة ملحق يتحدث عن القدس كمدينة دولية، لكنه قدم كلاما عاما غير قابل للتطبيق، لتعليق المشكل وإقناع الفاتيكان بالتوقيع على الاتفاقية في ذلك الوقت، لكن عندما تم التقسيم جعلت القدس في المنطقة التي استولت عليها إسرائيل. وأضاف أبو زيد أن المؤامرة الثالثة هي الآن مع باراك أوباما حين بدأ يضغط على إسرائيل ضغطا ناعما من أجل تجميد المستوطنات بينما استجابت الولاياتالمتحدةالأمريكية لطلب استثناء القدس. وأنكر أبو زيد على من يحذر من ثقافة المؤامرة، مؤكدا أن المؤامرة الحقيقية تكون حين نعلم بوجود مؤامرة، والحقيقة أنه عندما تكون هناك مؤامرة ونصر على أنها غير موجودة لكي نتبرأ من ثقافة المؤامرة فتلك هي المؤامرة الحقيقية يؤكد أبو زيد. واستغرب المقرئ الإدريسي أبو زيد قيام من أسماهم بحراس ثقافة السلام بالمغرب بإزالة مجموعة من مواد التاريخ وفقراته من المقررات الدراسية، والتي كان آخرها موضوع حول يوسف بن تاشفين ومعركة الزلاقة إرضاء لإسبانبا، في مقابل تشبث هذه الأخيرة بتاريخ لأزيد من 400 سنة من تعذيب المغاربة والمسلمين في إسبانيا في إطار محاكم التفتيش. في مقابل تشبث الصهاينة بحقهم في الذاكرة، مضيفا أن المعركة اليوم هي معركة على المعلومة والفكرة والحقيقة، وهو ما يشتغل عليه الصهاينة في مختلف المجالات. واستنكر أبو زيد وصول سلع إسرائيل إلى الأسواق المغربية، واستمرار التطبيع والغزو الإعلامي الصهيوني. وخلص المقرئ الإدريسي أبو زيد إلى كون المشروع الصهيوني مشروع يقوم على إبادة الوجود الإسلامي، وهو مشروع صراع ومشروع تزاحم لا مشروع تراحم، ومشروع اقتتال لا مشروع تنافس ينتهي إلى التعايش، وصراع وجود لا صراع حدود، مؤكدا أن المرحلة الحالية يراد منها شيء واحد هو أن نكون شهود زور على توقيع شهادة وفاة القضية الفلسطينية.