مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الاعلام الإيطالي يواكب بقوة قرار بنما تعليق علاقاتها مع البوليساريو: انتصار للدبلوماسية المغربية    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز بوينغ 787-9 دريملاينر    مؤتمر الطب العام بطنجة: تعزيز دور الطبيب العام في إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    السلطات البلجيكية ترحل عشرات المهاجرين إلى المغرب    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    طنجة.. ندوة تناقش قضية الوحدة الترابية بعيون صحراوية    وفاة رجل أعمال بقطاع النسيج بطنجة في حادث مأساوي خلال رحلة صيد بإقليم شفشاون    أزمة ثقة أم قرار متسرع؟.. جدل حول تغيير حارس اتحاد طنجة ريان أزواغ    جماهري يكتب: الجزائر... تحتضن أعوانها في انفصال الريف المفصولين عن الريف.. ينتهي الاستعمار ولا تنتهي الخيانة    موتمر كوب29… المغرب يبصم على مشاركة متميزة    استفادة أزيد من 200 شخص من خدمات قافلة طبية متعددة التخصصات    حزب الله يطلق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل وبوريل يدعو من لبنان لوقف النار    جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    دعوات لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الفلسطينيين بالمدارس والجامعات والتصدي للتطبيع التربوي    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    مع تزايد قياسي في عدد السياح الروس.. فنادق أكادير وسوس ماسة تعلم موظفيها اللغة الروسية    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في محاضرة للأستاذ أبو زيد المقرئ الإدريسي بمدينة برشيد:التدين الحقيقي لا ينجم عنه الا الاعتدال
نشر في التجديد يوم 17 - 06 - 2004

قال الأستاذ أبو زيد المقرئ الإدريسي إن الذكرى الأولى للأحداث الإجرامية التي ضربت العاصمة الاقتصادية لوطننا الحبيب، وأصابت في الصميم مقتلا من سمعتنا ومن الاستثناء الذي كان يميزنا، وذهبت بأرواح بريئة عزيزة أغلبها مسلمون مغاربة، وبعضهم ذميون معاهدون من أهل الكتاب، فتحت الباب لأمرين أفظع من هذا الإرهاب، الأول هو التدخل الأمريكي الأمني في بلادنا لاستغلال حالة الضعف التي كان عليها الوضع السياسي بالمغرب، بحيث استجيب لبعض استفزازات الأمريكيين. أما الأمر الثاني الفظيع فهو استقواء القلة الاستئصالية من العلمانيين الشرسين الحاقدين على التيار الإسلامي الصاعد السلمي الوسطي المعتدل، الذي يدعو إلى الله بالحسنى ويشارك سياسيا ويعمل في إطار مظلة القانون والنظام، ويؤمن بالثوابت... وأضاف أبو زيد في محاضرة نظمها حزب العدالة والتنمية أخيرا بمدينة برشيد أن هناك خلطا بين المقاومة والعنف، والتباسا للجهاد بالإرهاب، وأصبحت الإشكالية حاضرة وضاغطة بعد أحداث الرياض والدار البيضاء واسطمبول ونيويورك وواشنطن... وأصبح أكثر ضغطا عندما انتقل من المستوى الأمني إلى الفكري والثقافي، بل والعقدي، مؤكدا على ضرورة الوقوف وقفة
فكرية شجاعة للتمييز بين الأمرين الملتبسين لتحصين الأمة من تداعيات الالتباس الذي يراد لبعض الشباب المتحمسين أن ينزلقوا فيه حتى يأتي الصهاينة والصليبيون والاستئصاليون ليركبوا على هذه الأخطاء ويحاربوا المشروع الإسلامي والإسلام...
1 تعريف الجهاد.
أوضح المحاضر أن الجهاد لغة من المجاهدة، وهو مادة لغوية مكونة في أصولها من الجيم والهاء والدال، إذا اجتمعت على هذا الترتيب عنت الجهد وعنت بذل الطاقة والوسع، وبهذا يشرح المحاضر يكون له معنى عام هو بذل الجهد، ولا يكون بذل الجهد في الإسلام إلا في الخير، إذن فالمجاهدة هي بذل الجهد في فعل الخير وفي تحصيل العلم وإسداء الرحمة، وفي تربية الأبناء وفي بناء المجتمع وفي تأصيل الاستقرار والسلم، وفي تنوير البشرية والرقي بها إلى مدارك الخير، وفي تأهيل الإنسان إلى لقاء ربه.
ويؤكد المقرئ أبو زيد الإدريسي أن بذل الجهد هو المعنى الغالب في آيات القرآن الكريم، مستدلا بقوله عز وجل: (وجاهدوا في الله حق جهاده، هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج، ملة أبيكم إبراهيم)، ويقول سبحانه وتعالى مخاطبا الرسول صلى الله عليه وسلم ومرشدا إياه إلى مواجهة المشركين بالقرآن (وجاهدهم به جهادا كبيرا)، فليس القرآن سيفا لكي يكون المقصود هو المعنى الخاص يوضح الإدريسي (وجاهدوا في الله حق جهاده)، ليس القتال هو الوجه الوحيد للقربى إلى الله، وسياق الآية يمنع هذا التخصيص، فالمسلم الذي يسعى إلى طلب العلم هو مجاهد في سبيل الله، والذي يسعى لطلب الرزق وقوت عياله في الحلال هو مجاهد في سبيل الله ، والذي يسعى للصلح بين ا لناس في الخير مجاهد في سبيل الله، والذي يمحو أمية الأميين مجاهد في سبيل الله، والذي يميط الأذى عن الطريق من قارعتها مجاهد في سبيل الله... وأما المعنى الخاص بالجهاد يضيف المحاضر فواضح في القرآن الكريم ومتعدد في سياقاته أهمها قوله تعالى: (وجاهدوا في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم)، فعندما يتحدث القرآن عن الجهاد بالمال معطوفا عليه بالجهاد بالنفس، يمضي هذا الأخير إلى الأخص
وهو القتال والجهاد بالمال إلى الخاص، وهو الأقرب إلى السياق، ليخلص إلى أن الجهاد بالمال والنفس هو القتال وتمويل القتال، مستندا أيضا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (من جهز غازيا فقد غزا ومن خلفه في أهله بالخير فقد غزى)، وهذا من الجهاد بالمال يشرح أبو زيد المربوط والمخصص بالجهاد القتالي، أي أن تدعم مقاتلا يعني أن تخلفه في أهله.
2 مغالطات يجب أن تصحح:
أكد أبو زيد في معرض حديثه عن الجهاد أن هذه الآيات أو الأحاديث التي تتحدث عن الجهاد، لن يمنعنا من تكرارها وتردادها ورفع الصوت عاليا بها أن يقال اليوم إن من يتحدث عن الجهاد يوفر المناخ الثقافي والنفسي للإرهاب، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «ذروة سنام الإسلام الجهاد» و»ما ترك قوم الجهاد إلا ضربهم الله بالذل»، وأوضح الأستاذ أن كل شخص يريد أن يوعي الناس بأمر قد يفهم بعضه مقلوبا فيمارسونه بعنف يتحمل المسؤولية في ذلك... وأعطى أمثلة في هذا الباب، ذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
«ينبغي على الصحافة أن تمتنع عن التنديد بالمخدرات، فقد يثور شخص ورط ابنه في الإدمان ويراه يموت أمامه وهو فلذة كبده، فيذهب بسكين ويطعن تاجر المخدرات. فعلينا بهذا المنطق أن نأخذ الصحفي الذي يكتب ضد تجارة المخدرات إلى السجن...»، لذلك يقول أبو زيد إن الجهاد ذروة سنام الإسلام وشرط عظيم للسيادة والعزة، وبدونه يضربنا الله بالذل وتساءل الأستاذ المحاضر: «ألم يضربنا الله بالذل من المغرب إلى أندونيسيا إلا بالقوة العسكرية التي أصبح أعداؤنا يستأسدون بها علينا ويحتلون أراضينا ويذهبون بثرواتنا ويقتلون إخواننا في العراق وفلسطين وأفغانستان والشيشان... ويأمروننا فنأتمر وينهوننا فننتهي، ويتدخلون في كل شيء، حتى في الآيات القرآنية وفي برامجنا التعليمية...»
.3 القتال مكروه والفطرة تكرهه :
أوضح الأستاذ المقرئ أبو زيد الإدريسي أن هذا الركن العظيم (أي الجهاد) له شروط وضوابط، منها أن القتال ليس شيئا محبوبا ولا مرغوبا فيه ولا مطلوبا لذاته كالصلاة أو العبادة أو الرحمة أو الحب أو التأمل... والقتال ليس له معنى، سلبي أو إيجابي، بل هو مكروه والفطرة تكرهه، وكأننا نضطر إليه اضطرار المريض للكي كآخر الدواء، وهذا واضح في القرآن الكريم في قوله عز وجل: (كتب عليكم القتال وهو كره لكم)، وهذه النفسية ينبغي أن تصاحب المسلم حتى ولو اضطر إلى حمل السلاح طول عمره مثل صلاح الدين الأيوبي، الذي منذ كان عمره 13 سنة وهو على صهوة جواده ممتشقا سيفه إلى أن توفي رحمه الله تعالى وعمره 53 سنة. وسيرة صلاح الدين الأيوبي مذهلة، وللأسف قرئت قراءة عسكرتارية يضيف المحاضر لأنه كان دائما يقبل العفو والصلح والسلم وينزل عند شروط خصومه وهم ضعاف، وصلاح الدين لم يقتل إلا واحدا طيلة قتاله وهو أرناط الصليبي الجلف الذي قتل الحجيج في فترات الهدنة، لتحديه صلاح الدين وطلبه المبارزة وهو في الأسر. وسيدنا عمر رضي الله عنه، الذي فتح الله على يده في زمانه ثلث الأرض، كان يقول: «وددت لو أن بيننا وبين أهل فارس جلدا من النار فلا
يصلون إلينا». وقد قاد الرسول صلى الله عليه وسلم 25 معركة وسرية... ولكنه لم يقتل إلا شخصا واحدا وهو ابن قميئة السيئ المغرض الوقح، والذي تجرأ على الرسول في هزيمة أحد...
4 داء العسكرتارية:
ذكر أبو زيد المقرئ الإدريسي في محاضرته أنه في بحث مشترك أنجزه مع مجموعة من الباحثين المغاربة حول الإرهاب قبل الأحداث الإرهابية ليوم 16 ماي، أوضح فيه أسباب إصابة المسلمين بداء أسماه بالعسكرتارية، وشرح الجانب السوسيولوجي والإعلامي والثقافي، مقدما في الوقت نفسه التصحيحات الثقافية العميقة التي ينبغي أن تعمل في جراحة ثقافية عميقة في المسلمين من أجل استعادة توازنهم، وأشار في هذا البحث إلى «أن أئمتنا المجاهدين كان السيف في أيديهم وليس في قلوبهم، وكانوا يقاتلون لأن القتال كره لهم ومكتوب عليهم، ولم يحبوه ولم يرغبوا فيه ولم يسروا للدماء، ولهذا لم يتوسعوا في القتل (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها)». وأعطى الأستاذ أمثلة عديدة من السيرة العطرة لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم التي تعضد ذلك.
5 الإبادات المشروعة في التوراة المحرفة:
بالمقابل تطرق الأستاذ المحاضر إلى تحريف اليهود في التوراة المحرفة لنفسية القتال عند موسى وهارون ويوشع بن نون عليهم السلام وطالوت، وغيرهم من الذين وصفهم القرآن الكريم بالمقاتلين والمجاهدين، والذين فتحوا الأراضي المقدسة، حيث جاء في التوراة المحرفة يسترسل أبو زيد أن الأنبياء كانوا يقومون بإبادات جماعية للكنعانيين في فلسطين، وأن هذه الإبادات كانت مقصودة لذاتها... وعندهم مصطلح في التوراة معروف باسم التحريم، ويقصد به الإبادة الجماعية لكل شيء: «وأن يوشع كان أكبر ذباح مبيد مغير على وجه الأرض، وذلك بأمر الله، وإن لم يفعل ذلك فإن الله سيعاقبه»، وأشار أبو زيد إلى كتاب لإسرائيل شحات، عنوانه: تاريخ اليهود، يحمل نصوص مراسلات جنود يستفتون الحاخامات في حكم الفلسطينيين المعاصرين فردوا عليهم: «... أن الله سيغضب عليكم ويدخلكم النار إذا لم تبيدوهم الإبادة الموصوفة في التوراة كما أبادهم جدكم يوشع».
6 القتال دفاعي في الإسلام:
وقال الأستاذ أبو زيد إن الأصل في الإسلام جهاد الدفع، وإن كل معارك رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت دفاعية، والأساس الذي انطلق منه القتال هو الآية التي أسست لشرعية القتال في قوله عز وجل: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير)، وأصل انطلاق الجهاد في سبيل الله أنه كان ردا لعدوان عسكري مسلح. أما الإسلام يوضح المحاضر فلا يرد العدوان الثقافي إلا بالعدوان الثقافي، ولا يرد الهجو بالشعر إلا بمثله ولا الحصار الاقتصادي إلا بالحصار الاقتصادي ولا يرد كل حرب إلا بما يلائمها من سلخها ومادتها وجنسها وبالحد الأدنى...
وركز المحاضر في سياق حديثه على أن الجهاد لا يكون إلا في ظل دولة وفي ظل أمير مبايع شرعا وله شوكة، مضيفا أنه لا يمكن القتال داخل المجتمع بحجة الجهاد في المنافقين أو المشركين أو الظالمين... وتساءل هنا: «أين الإعذار وافتراق الصفين والفرصة والنفير والنذير..؟»، وأردف «أن الذي لا لبس فيه هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأذن بقتال في مكة رغم وجود كل مسوغات القتال بها (الظلم العداء التعذيب الإكراه الكفر...)، وأذن بذلك في المدينة لوجود عنصر ذاتي هو دولة المسلمين... وخلص الأستاذ إلى أن الذي يحلم أن يقاتل داخل المجتمع المسلم إنسان إرهابي، حتى ولو قام الليل وصام النهار...»، ومن أجل التوضيح أكثر ساق الأستاذ أبو زيد بعض الأمثلة، فذكر تعامل الشيخ أحمد ياسين رحمه الله مع اليهود الغاصبين ومع السلطة الفلسطينية، إذ كان شعاره مع اليهود «مفاصلون دينا وعرقا وتراثا، معتدون خارجا»، في حين كان يقول بخصوص السلطة الفلسطينية «هؤلاء مسلمون إخواننا ولو ظلمونا لا نعتدي ولا نرد أبدا، لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط إليك يدي لأقتلك، إني أخاف الله رب العالمين»، لذلك يبرز المحاضر أن الجهاد شيء عظيم في
ديننا بالشروط والضوابط المذكورة سلفا، وهو واضح الآن في تنزلاته الواقعية، وهو مشروع في فلسطين والعراق والشيشان... لكنه ليس مشروعا في الدارالبيضاء واسطمبول والرياض ونيويورك ومدريد... وأضاف أبو زيد قائلا: «إن الدم حرمة لقوله صلى الله عليه وسلم: «أول ما يقضى بين يدي الله يوم القيامة في الدماء»، رواه الشيخان، وأوضح أن الله تعالى جعل سيئة الدم واسعة يقول تعالى: (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا)، ويتساءل المحاضر: هل قال تعالى من هتك عرضا كأنما هتك جميع الأعراض أو من سرق فكأنما سرق كل ثروات الأرض...؟ وللمزيد من التمحيص في هذه النقطة، ذكر حديثا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه: «ما من دم حرام يسفك إلا كان على بن آدم الأول كفل منه لأنه أول من سفك دما حراما».
7 الإرهاب هو تيروريزم شمُْْْىٍَّم
«الإرهاب يقصد به علميا تيروريزم شمُْْْىٍَّم، لدفع كل لبس يشرح أبو زيد وتيروريزم، هو الجريمة المنظمة العابرة للحدود، فتجارة المخدرات إرهاب، والدعارة المعولمة إرهاب، والعولمة الاقتصادية إرهاب...» ويضيف الأستاذ أن تيروريزم .. لا علاقة له بالجهاد في القرآن الكريم ولا بالقتال في سبيل الله ولا بجهاد الدفع ولا الطلب، ولا علاقة له بما يدعو إليه القرآن الكريم ولا علاقة له بكلمة إرهاب في القرآن، والتي لها معنىً عام وآخر خاص، المعنى العام هو الخوف والرهبة، وتُصرف 99 % منها لله عز وجل، لقوله تعالى: (وكانوا يدعوننا رغبا ورهبا) وقوله عز من قائل: (أدعوا ربكم تضرعاً وخيفةً)، وقوله: (وإياي فارهبون) أي أن ذلك يكون فعلا نفسيا إيجابيا يؤدي إلى فعل سلوكي خارجي وهو تجنب ما يغضب الله وهو التقوى. أما المعنى الخاص وهو معنى «التخويف بالقوة المادية»، واستعمل في القرآن مرة واحدة وفي سياق إيجابي لا علاقة له بالتيروريزم . وهو قوله تعالى: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله. وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم».
والإرهاب المقصود يوضح الأستاذ هو التخويف بالقوة المادية، ليس على سبيل إعمال القوة المادية سلوكا في الأعماق وإزهاقا للأرواح وإسالة للدماء، بل العكس هو إبانة لهذه القوة، بحيث يخاف العدو ولا يتجرأ عليك ولا يقاتلك، والمقصود بكلمة إرهاب هنا هو الردع، وهي كلمة استراتيجية، والردع في عمقه يؤدي إلى السلم ويتوخى منع القتال أصلا... وضرب الأستاذ أمثلة عن الإرهاب الحقيقي بمفهوم الجريمة المنظمة العابرة للحدود، فذكر منظمات دولية إرهابية، وإرهاب الدولة كالصهاينة والإدارة الأمريكية، وما تفعله هذه الأخيرة الآن في العراق وما فعلته في الماضي بالهنود الحمر والفيتنام والهندوراس ونيكاراغوا... وما فعلته في سجن أبو غريب من تعذيب جنسي بتعرية الناس والاعتداء عليهم رجالا ونساء كأسلوب للإذلال، يؤكد أبو زيد على أنه تخصص أمريكي منذ 4 قرون...
8 فضح اللبس الغربي
يؤكد الأستاذ المقرئ أبو زيد الإدريسي على ضرورة فضح اللبس الغربي للجهاد، الذي يراد من ورائه إجهاض مشروع المقاومة في فلسطين والعراق وفي كل مكان... ولأن أمريكا يردف المحاضر لها مشروع إعادة احتلال العالم الإسلامي بالجملة، وخصوصا المنطقة المحيطة بإسرائيل للتمكين لها بالامتداد، والمنطقة النفطية وضرب إيران ... عن طريق إبادة الجذور الثقافية لفكرة المقاومة وهذا خطأ يشرح أبو زيد لأن جذور المقاومة هي جذور فطرية، والإنسان بطبيعته يدافع ويدفع ويكره الظلم، وأمريكا تتوهم أن الجذور الثقافية موجودة بالقرآن الكريم، فهي تضغط بلا حياء على الأنظمة المتهالكة لتغيير مناهجها التعليمية، وخصوصا العلوم الدينية، والإتيان بإسلام علماني...
9 اللبس العلماني المغرض
أعلن أبو زيد أن من أسباب نشوء التطرف، الفكر العلماني الحقود على الحركات الإسلامية، والذي يستفز التدين ويعمق حالة القهر عند الإنسان الفطري فيدفعه إلى التطرف، وأن من مغذيات الفكر التكفيري هو حالة التطرف العلماني الذي يستفز المشاعر ومن ثم يضيف أبو زيد يجد المكفرون أدلة لا نهاية لها على أن المجتمع والنظام والأحزاب والأئمة الرسميين... قد كفروا مما يدفع هؤلاء البسطاء والسطحيين إلى الإيمان بالعنف والتغيير عن طريقه. وبخصوص المسؤولية المعنوية التي ألصقت بالتيار الإسلامي المعتدل، فقد أكد الأستاذ المحاضر أن كل ما قيل وأذيع في هذه النقطة من لدن العلمانيين والاستئصاليين ينطبق عليهم بالتحليل الموضوعي المحايد بسبب فكرهم الحقود والمستفز لمشاعر التدين.
10 الخطوات العملية للوقاية والتحصين
استهل الأستاذ أولى خطواته العملية بالدعوة إلى رفع الصوت عاليا «لا للإرهاب الفكري العلماني الاستئصالي الصهيوني»، الذي يريد أن يخرس المقاومة والجهاد، ويخوف ممن يدعمهما ماديا ومعنويا... وأما الخطوة الثانية فهي فك اللبس وفضح الخلفيات الصهيونية الصليبية التي تقتات على هذا الخلط اقتيات الخنازير والتماسيح على الجيف، والتي تريد القضاء على معاقل المقاومة. والخطوة الثالثة هي تحصين الصحوة الإسلامية من العنف، ومن كل قراءة مقلوبة لتراث الجهاد الإسلامي، والخطوة الأخيرة هي دعم الجهاد والمقاومة ماديا ومعنويا وإعلاميا وروحيا مع مقاطعة البضائع الأمريكية ومواجهة التطبيع.
11 عندما يقل التدين يكثر التعصب
وساهمت فترة المناقشة والمداخلات في إغناء هذه المحاضرة القيمة للأستاذ المقرئ أبو زيد الإدريسي، والتي تركزت على عدة نقط نجمل أهمها في قولة «إن التدين الحقيقي لا يمكن أن ينجم عنه إلا الاعتدال، أما التدين المزيف أو انعدام التدين أو تجفيف منابعه فيفضي إلى العكس»، وساق المحاضر قولة لنبيه بري، رئيس حركة أهل الشيعة بلبنان، جاءت في سياق استجوابه (أي القولة) في جريدة عربية حول الحرب الأهلية بلبنان إذ قال بري: «في لبنان كنا نتقاتل مسلمين لم يروا المسجد قط ونصارى لم يدخلوا إلى الكنيسة قط»، وخلص أبو زيد إلى فكرة بليغة مفادها أنه عندما يقل التدين يكثر التعصب، ولا يتطرف إلا الجاهل ولا يتعصب للدين إلا غير المتدين.
أعدها للنشر: محمد معناوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.