من حيث المبدأ يتم بناء الهوايات لدى الشخص، بصفتها أهم سلاح لمقاومة الفراغ، في مرحلة الطفولة. ورأينا في الحلقة الماضية كيف أن حب المطالعة مثلا يبدأ مع الإنسان مند طفولته الأولى. وأشرنا إلى أن البالغين لا يجب أن يعتذروا بالتقصير الذي يمكن للآباء أن يكونوا قد وقعوا فيه تجاههم في هذا الموضوع. وبالرجوع إلى الطفولة نجد أن الجمعيات الشبابية ونوادي الطفولة والنوادي الرياضية من أهم المؤسسات في تمكين النشء من العادات الحسنة والهوايات المفيدة. و هذه الجمعيات تلعب دورا حيويا في تزويد الشباب بالسلاح الفعال الذي يحمون به أنفسهم وبشكل تلقائية من الوقوع فريسة للفراغ. فمن ناحية أولى تعتبر تلك الجمعيات والنوادي مجالات لقضاء الوقت الفارغ فيما يرجع بالنفع والفائدة على الناشئة حين يتم التعود على ارتيادها. ومن ناحية ثانية نجد أن طبيعة الألعاب التي يتدرب عليها الأطفال فيها، و الأعمال اليدوية التي يقومون بها داخلها، وأنواع الرياضات التي يتعلمونها بها،... كلها تكسبهم خبرات تنمي لديهم الرصيد المعرفي والمهاراتي الذي يلوذون إليه بشكل تلقائي خارج تلك المؤسسات وخارج أوقاتها. ومن ناحية ثالثة تنمي تلك المؤسسات لدى روادها حب المعرفة وحب الاستطلاع وهو ما يدفعهم إلى إبداع وابتكار وسائل لصرف الوقت خاصة به ذات المضمون التربوي اعتمادا على ما هو متاح من الوسائل والإمكانات. وفي وقت الفراغ تجد رواد الجمعيات غارقين في الرسم أو العزف، أو في أعمال يدوية مختلفة أو اللعب الهادف والرياضة المنظمة،... ومعلوم أن هناك درجة خطيرة من المعاناة من الفراغ لا يجد فيها الضحية حتى ما يغنيه في خلوته بغض النظر عن المضمون، والجمعيات الشبابية تزود الشباب بترسانة من الأناشيد الحماسية الملتزمة والألحان المشوقة التي تجعل الشاب يرددها في وقت فراغه بشكل تلقائي... يتبع