تطرقنا في الحلقة السابقة لمسألة الارتباك الذي يحل بالأسر بسبب العطلة لدرجة تتمنى فيها بعض الأمهات، انتهاء العطلة بسرعة وعودة المدرسة، في الوقت الذي يجب أن يتمتع فيه جميع أفراد الأسرة بالعطلة ومزاياها المختلفة. وطرحنا السؤال: أين الخلل؟ وأول ملاحظة يجب تسجيلها، في مقاربة الموضوع، هي أننا نكون، وبسبب العطلة، أمام فراغ زائد لدى الأشخاص، كانت تملؤه المدرسة والتزاماتها، بالنسبة للأبناء ومؤسسة العمل بالنسبة للآباء. و هذا الفراغ قد يغطي، من الناحية الكمية، 75 في المائة من الوقت لذا الشخص كل يوم. وجدير بالذكر أن نميز بين الوقت الفارغ لا يطرح في حد ذاته مشكلة وبين الفراغ بصفته معطى نفسيا واجتماعيا قبل أن يكون معطى زمنيا كميا رغم ما بينهما من ترابط. ورغم أن الفراغ، كمفهوم تربوي واجتماعي، هو أولا وقت فارغ لدى الشخص، إلا أن أهميته تكمن في طبيعة ردود الفعل التي تطبع سلوك الإنسان بسبب سوء تدبيره. والفراغ بالمعنى الذي أشرنا إليه سابقا يكون سوء تدبيره سببا في كثير من الاختلالات بل والانحرافات على مستوى الفرد والمجتمع، ويرى الكثير من الباحثين أن وقت الفراغ عامل رئيسي في انحراف الأحداث ، كما يؤدي إلى حالة من الملل في حياة الفرد ، و وجود وقت فراغ كبير غير مستغل يدفع بالمجتمع إلى وضع استهلاكي ضار بالمجتمع. ومن هذا المنطلق يفسر سوء تدبير الفراغ الزائد الذي توفره العطلة الصيفية، التحولات السلوكية التي ترافق العطلة الصيفية والتي تترتب عنها المتاعب الأسرية التي تشوش على عمارة الدار كما سبق و أوضحناه. فما العمل؟