أبرزت المندوبية السامية للتخطيط أنه لا يزال الطلب الداخلي أحد محركات النشاط الاقتصادي الوطني، بالرغم من التباطؤ الملحوظ الذي قد يشهده خلال السنة الجارية. إذ من المتوقع أن تتراجع وتيرة نمو الاستثمارات الخاصة بالمقاولات، على إثر ضعف الطلب الخارجي. في هذا الصدد، تشير بحوث الظرفية الأخيرة إلى ارتفاع طاقة الإنتاج الصناعي غير المستغلة بما يعادل 3,7 نقطة فوق المعدل المتوسط المسجل خلال السنوات العشر الماضية. كما تفيد بيانات التجارة الخارجية لشهر ماي 2009 انخفاض الواردات من مواد التجهيز بنسبة1,2 في المائة، مقابل زيادة بـ21,9 في المائة خلال نفس الفترة من .2008 وفي نفس السياق، شهد الاستهلاك الخاص تراجعا في وتيرة نموه خلال الفصل الأول من السنة الجارية في ظل تباطؤ القدرة الشرائية. إذ تأثرت نفقات الأسر الموجهة نحو الاستهلاك بضعف مستوى التشغيل على صعيد بعض فروع النشاط الصناعي، كما تدل على ذلك معطيات البحث الوطني حول التشغيل، التي أفادت فقدان حوالي 60 ألف منصب شغل على مستوى الأنشطة الصناعية. بينما شهدت قطاعات البناء والخدمات تحسنا لفرص التشغيل بما يناهز 5,9 في المائة خلال الفصل الأول من .2009 وقد تأثر استهلاك الأسر أيضا بتناقص المداخيل المحولة من الخارج وتباطؤ وتيرة نمو القروض الموجهة نحو الاستهلاك. وحسب الظرفيـة الاقتصاديـة، فإنه من المنتظر أن يستقر معدل التضخم الكامن، وتتحسن نفقات الأسر تدريجيا خلال الفصل الثاني من ,2009 مستفيدة من تراجع الضغوط التضخمية التي ميزت الفصلين السابقين. ويعزى هذا التطور إلى الانخفاض المستمر لأسعار المواد الغذائية المستوردة. كما أن تباطؤ أثمان باقي المواد الأخرى من شأنه أن يحافظ على معدل تضخم معتدل. في هذا الإطار، يرجح أن يصل معدل ارتفاع الرقم الاستدلالي لمقياس تكلفة المعيشة إلى 1,1 في المائة، على أساس التغير السنوي، خلال الفصل الثاني من ,2009 عوض 3,8 في المائة خلال الفصل الأول. والأهم من ذلك أن معدل التضخم الكامن قد يشهد استقرارا، خلال نفس الفترة، بعد المستويات المرتفعة التي بلغها خلال السنة الماضية. وأشارت المندوبية إلى تراجع في معدل انخفاض الطلب الخارجي الموجه نحو المغرب، إذ أسهم الانكماش الحاد الذي عرفته المبادلات التجارية العالمية خلال نهاية السنة الماضية في تقليص فرص التصدير المتاحة للاقتصاد الوطني. إذ تفيد البيانات بأن هانك انخفاضا على الطلب الخارجي الموجه نحو المغرب بحوالي 4,5 في المائة خلال الفصل الأول من ,2009 على أساس التغير الفصلي، وهو ما أدى إلى حدوث تراجع ملموس في الصادرات الوطنية وخاصة منها تلك المتعلقة بالفوسفاط ومشتاقاته ومواد التجهيز. غير أن المبيعات الخارجية من الملابس الداخلية وكذا الجاهزة قد حققت بعض التحسن، مقارنة مع مستوياتها المسجلة خلال الفصل الرابع من ,2008 إذ ارتفعت بـ 7,5 في المائة و0,8 في المائة على التوالي خلال بداية السنة. واستمر تزايد مبيعاتها خلال الفصل الثاني من ,2009 في ظل تقلص وثيرة انخفاض الطلب الخارجي الموجه نحو المغرب إلى نحو 2,3 في المائة. وتجدر الإشارة إلى انه مع تراجع وطأة الكساد الذي تشهده المبادلات التجارية العالمية وكذا اعتدال انخفاض معدلات النمو الاقتصادي الخاصة بالشركاء التجاريين الرئيسيين للمغرب، يرجح أن تشهد الصادرات الوطنية بعض الارتفاع، مستفيدة من تزايد مرتقب في المبيعات من المواد الخام و مواد التجهيز على وجه الخصوص.