من أنت؟! ـ في كثير من الأحيان تتساءل الزوجة ـ وما دورك في هذه الحياة؟ إن كان لا يمد إلىَّ يد الحب.. إن كان لا يبادر.. إن كان لا يُفصح عن مشاعره.. إن كنتُ أنا التي تقوم بكل شئون البيت؛ أما هو فمجرد ممول يعطيني مصروف البيت والسلام؟ وفي بعض الأحيان تعمل المرأة فترى أن الرءوس قد تساوت بالنفقة، فلا بدَّ أن يتساوى معها زوجها في كل شيء، وأنه وهي متماثلان تمامًا. وتصرخ الزوجة: أنا لستُ كرسيًّا، لست أريكةً.. أُريده أن يعيرني أهميتي، أريده أن يُشعرني بالحب.. هل أنا لا شيء؟ من أنتِ؟ أنتِ مصدر الحب والسعادة في البيت.. هذا ما يقوله لك الرسول صلى الله عليه وسلم.. الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة (مسلم). أنتِ لستِ أريكةً ولا كرسيًّا؛ بل أنتِ المتاع، الذي هو خير ما في الدنيا وأجمل ما فيها، فالمرأة الصالحة أجمل ما في الدنيا.. ماذا تحب؟ وماذا تكره؟ وهذه قصة زوجة كانت مصدر الحب والسعادة منذ أول يوم لها في الزواج بعقلها وحكمتها، يحكي الزوج لصاحبه: منذ عشرين عامًا لم أرَ ما يُغضبني في أهلي. تخيلي.. 20 عامًا لم تغضبه، ويكمل الزوج ـ واسمه شريح القاضي ـ حكايته فيقول: من أول ليلة دخلتُ على امرأتي ورأيت فيها حسنًا وجمالاً نادرًا، قلتُ في نفسي: أُصلي ركعتين شكرًا لله. فلمَّا سلمتُ وجدتُ زوجتي تُصلي بصلاتي وتسلم بسلامي، وهذا من السنَّة. ولما خلا البيت من الأصحاب والأصدقاء قمتُ إليها فمددت يدي نحوها. فقالت: على رَسْلك يا أبا أمية كما أنت، ثم قالت: الحمد لله أحمده وأستعينه، وأصلي على محمد وآله، فإني امرأة غريبة لا علمَ لي بأخلاقك، فبيِّنْ لي ما تحب فآتيه وما تكره فأتركه. وهذا من أهم أساسيات الحياة الزوجية المستقرة السعيدة، وهذا من أهم ما يُبذَر كي ينبت منه الحب، أن تبحث الزوجة عما يحب زوجها ويكره ولم تقل كما نقول نحن اليوم: زوجك على ما تعوديه، وابنك على ما تربيه. كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقرأ القرآن فإذا فرغ قال: أين العزَّاب؟ فيقول: أدنوا مني ثم قولوا اللهم ارزقني امرأة إن نظرتُ إليها سرتني، وإن أمرتها أطاعتني، وإن غبتُ عنها حفظتني في نفسها ومالي. ثم تكمل الزوجة كلامها، فقالت: إنه كان لك في قومك من تتزوجه من نسائكم، وفي قومي من الرجال من هو كفء لي، ولكن قضى الله أمرًا كان مفعولاً، وقد ملكت فاصنع ما أمرك الله به؛ إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولك. قال شريح لصاحبه: فما أحوجني والله يا شعبي إلى الخطبة في ذلك الموضع فقلت: أحمد الله وأستعينه، وأصلي على النبي وآله وسلم، وبعد: فإنك قلتِ كلامًا إن ثبت عليك يكن ذلك حظك، وإن تدعيه يكن حجة عليك.. أحب كذا وكذا، وأكره كذا وكذا، وما رأيتِ من حسنة فانشريها، وما رأيت من سيئةٍ فاستريها. ولو حرص كل زوج وزوجته على صورة صاحبه لملأ الحب بينهما والاحترام ما بين السماء والأرض. قالت لي سيدة: إنها كرهت قريبًا لها؛ لأن زوجته تحكي لها عنه كل مساوئه رغم أنه كان يبدو لها سابقًا طيبًا ولطيفًا. ونعود إلى زوجة شريح قالت: كيف محبتك لزيارة أهلي؟ قلت: ما أحب أن يملني أصهاري فقلت: فمن تحب أن يدخل دارك من جيرانك فآذنَ له ومن تكره فأكرَه دخوله؟ قلت: بنو فلان قوم صالحون، وبنو فلان قوم سوء. كيف تكونين مصدرًا للحب؟ قال تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ} (مطيعات لأزواجهن)، {حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ} (النساء: من الآية 34) (تحفظ زوجها في غيبته وفي ماله) بما حفظ الله النساء، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء، وأربع من الشقاء: الجار السوء، والمرأة السوء، والمركب السوء، والمسكن الضيق. ولكي تكوني مصدر حب فعليكِ: 1 ـ بالطاعة لزوجك فيما لا يغضب الله، وإن كان لك وجهة نظر أخرى فاعرضيها بلباقة وذكاء. 2 ـ حسن المعاملة بمعرفة ما يحب لتفعليه وما يكره لتتجنبيه. 3 ـ الرقة والحنان والعطف. قال حكيم: الطيبة توحي إلى الرجل، والذكية تثير اهتمامه، والجميلة تأسره، ولكن العطوف الرقيقة هي التي تحصل عليه. 4 ـ أن تشكر له: من أكبر متطلبات الزوج ومن أكثر ما يثير محبة زوجته لديه أن تشعر زوجته بالامتنان تجاهه، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا ينظر الله تبارك وتعالى إلى امرأة لا تشكر زوجها وهي لا تستغني عنه (رواه النسائي). 5 ـ أن تحولي السيئة إلى حسنة: تنظرين إلى الإساءة بيد الإحسان، وتنظرين إلى ما يسرك لا إلى ما يثير لديك الضيق، تمامًا كما تنظرين إلى كوب ممتلئ حتى نصفه بالماء؛ البعض يرى نصفه فارغًا والبعض يرى نصفه ممتلئًا.. فمن السعيد.