الحضور الكثيف والمهيمن للمسلسلات المدبلجة يطرح أسئلة عميقة على السياسية الإعلامية الجديدة التي انخرط فيها القطب العمومي، فليس أمرا عاديا أن يكون المواطن مجبرا في قنوات عمومية على قضاء ست ساعات في مشاهدة هذه المسلسلات، وليس عبثا أن تتجه السياسة الإعلامية في هذا الاتجاه. طبعا، هناك جملة من الاعتبارات التي يمكن أن يبرر بها هذا الاتجاه، وفي مقدمتها مسألة نسب المشاهدة والاستجابة إلى رغبات المواطنين، لكن هذا التبرير على ما يبدو فيه وجاهة، إلا أنه يتجاهل معطى مهما يتعلق بهوية القطب العمومي وطبيعته والدور الذي يفترض أن يضطلع به. فحين يتعلق الأمر بقطب عمومي، تنقلب المعادلة، ولا تصبح السياسة الإعلامية مجرد أداة لتحقيق الربح والاستجابة لشروط أصحاب الإشهارات والإعلانات، وإنما يتعلق الأمر بمعادلة أكبر تتعلق بسن سياسية إعلامية وطنية تنخرط في التنمية الفكرية والسياسية والذوقية والجمالية للرأي العام ضمن منظومة قيم البلد وخصوصياته، وتنمية الإنتاج الوطني وجعله في مستوى مواكبة إكراهات البث اليومي وتطلعات المشاهدين. وفي غياب هذه الرؤية وهذه السياسة الوطنية، صار من الضروري أن نناقش هذه المقولات التبريرية، ونتناول خلفيات هذا التوجه الجديد وتداعياته على الإنتاج الوطني وعلى القيم والهوية المغربية، وتقاطعاته مع المشروع الفرنكفوني في المغرب. في هذا الملف، نحاول مقاربة هذه الأسئلة والإجابة عن هذه التحديات بكشف سياق هذا التوجه، وواقع المشهد الإعلامي العمومي في ظل هيمنة المسلسلات المدبلجة، وخلفيات هذه السياسية الإعلامية والجديدة وآثارها الخطيرة. للإطلاع على الملف اضغط هنا