المتابع لما يجري من تطورات لإفشال عدد من التحالفات التي عرفتها عدد من المدن يرى مقدمات تحول الحياد السلبي ليوم الاقتراع إلى انحياز فعلي لمصلحة الحزب - الوافد الجديد والذي سوق له الإعلام وخاصة منه العمومي باعتباره الحزب الأول، لكن في القرى، لتظهر نتائجه المحدودة في المدن والتي تجعل منه عاجزا عن تشكيل العنصر الأساس في تحالفات مجالس المدن سواء منها القائمة على نظام المقاطعات أو المجالس الجماعية الحضرية التي يتجاوز عدد سكانها 35 ألف نسمة . خروج السلطة عن حيادها يهدد المكتسبات الهشة التي تحققت يوم الاقتراع ليشكل دليلا جديدا عن كون الحزب الجديد هو مجرد حزب إداري عاجز عن الاستمرار بمعزل عن حماية ودعم السلطة له، وأن كل الحديث عن قدرته على استقطاب الأعيان كان مجرد فقاعات كبيرة لم تصمد أمام التدافع الميداني. المثير أن تطورات الأحداث في الايام الماضية كشفت عن تحول التقارب الذي سجل طيلة أشهر بين كل من حزب العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي ثم حزب الاستقلال، يكشف حقيقة الخريطة السياسية بالبلاد، وطبيعة التحالفات المفترض الانخراط فيها لتأسيس مسار سياسي جديد بالمغرب، خاصة في ظل العزلة التي وجد فيها حزب الأصالة والمعاصرة نفسه. إلا أن موضوع العزلة يبقى دون النتيجة التي برزت في حركية تأسيس التحالفات، وهي ترسخ الوعي بضرورة تأسيس تحالفات في مواجهة الفساد واعتبار ذلك القضية الأساس وتحول هذا الهدف محورا محركا ومعبئا للرأي العام، بما يعتبر نقطة تحول وازنة في التطور السياسي للبلاد، وتجعل من أي انخراط في إفشالها استهدافا لأمل بدأ ينمو في المجتمع. أن الخطر الذي يظهر في شكل حرب قذرة تشنها لوبيات الفساد من أجل تفجير هذه التحالفات الديمقراطية، هو نفس الخطر الذي هدد العملية الانتخابية، وهو نفس الخطر الذي كان سببا في إعاقة عملية الانتقال الديمقراطي، وأن أي مهادنة معه، سواء من قبل الأحزاب الوطنية والديمقراطية أو من قبل السلطة، سيؤدي المغرب ثمنه غاليا من رصيد المكتسبات الديمقراطية التي حصلها. بكلمة، إنه بعد أن أظهرت الأحزاب الوطنية والديمقراطية فعالية كبيرة في تطويق المفسدين ومحاربة العبث السياسي من خلال إقامتها لتحالفات ديمقراطية نظيفة، وبعد أن أبرأت ذمتها ومسؤوليتها، يبقى الدور الأكبر في استكمال المهمة على السلطات العمومية، وهي فرصة بالنسبة إليها لتثبت نزاهتها ومصداقيتها، وترفع يدها عن لعبة التحالفات، وتترك الديمقراطية المحلية تنمو نموها الطبيعي. إن سياسة التماطل الذي تعتمدها السلطات العمومية في تأخير موعد عقد الدورات لتشكيل المجالس لا يمكن لها إلا أن تخدم أجندة الفاسدين، لأنها تمنح لهم هامشا أكبر من الوقت لتنويع وسائل الإغراء واستعمال المال الحرام من أجل شراء الذمم وتفجير التحالفات القائمة.