استعرض الدكتور محمد بن موسى مدير معهد الدراسات والابحاث للتعريب تجربة المعهد ومنهجية التعريب في المغرب من خلال مقال نشرته مجلة اللسان العربي، وتضمنت أعمال مؤتمر التعريب الحادي عشر المنعقد في عمان سنة 2008 الذي نظمته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. وأشار بن موسى في مقاله إلى رصد المعهد لمجموعة من المحاذير التي ينبغي تجنبها، متى أردنا النجاح لمسيرة التعريب، ليس فقط في المغرب بل في العالم العربي برمته، واختزل هذه المحاذير في محورين كبيرين هما البطء وسوء المنهج. من حيث البطء، يشير بن موسى إلى التحديات الكبيرة التي تواجه مسيرة التعريب ، وأهمها تأثير العولمة بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ، وما ينتج عن هذا التأثير من تحولات كبيرة تتعدى مجرد إشاعة المعلومات إلى فرض قيم جديدة يعمل على انتشارها مما يجد كل يوم من تطورات علمية ووسائل اتصال حديثة. ومن خلال الوعي بهذا الوضع، يبدو واضحا أن المتن الاصطلاحي العربي ضعيف مقارنة بما لدى العالم الغربي، إذ إن هناك تفاوتا ظاهرا في عدد من المصطلحات بين قواميس اللغات الغربية وقواميس اللغة العربية ، وبالتالي فإن هذا المتن يعاني من عدد كبير من الفراغات التي تنتظر سدها. وينضاف إلى هذا انعدام المدونات اللغوية التي تسمح باستغلال الأعمال المعجمية القديمة والحديثة. ويظهر المحور الثاني من خلال غياب منهج واضح وعام أثناء وضع المصطلحات العربية التي أقرتها الهيئات المختصة، وكذا المعاجم الحديثة التي استفادت من أعمال هذه الهيئات. ويوضح مدير معهد التعريب أن هذه العملية اتسمت بنقائص كثيرة جراء التذبذب المنهجي وغياب خطة واضحة ومضبوطة أثناء وضع المصطلح ومن هذه النقائص: تضخم وكثرة المقابلات حيث نجد في تسمية الشيئ الواحد أسماء مختلفة ليس بينهما أي علاقة من علاقات الترادف، وغياب منهج لغوي متسق ومنسجم ومعتمد من طرف كل الأقطارالعربية كفيل بجعل المصطلحات العربية قارة على غرار المصطلحات الاجنبية، ثم النزعة الإقليمية التي لا تساعد على الاستقرار الدلالي للمصطلحات، فكل بلد يستعمل مصطلحاته الخاصة ، كما أن المرجع المشترك بين مختلف البلدان هو اللغة الأجنبية -الانجليزية في دول الشرق والفرنسية في دول المغرب العربي- ومن ثم لا تتم الاستفادة على الوجه الصحيح والاكمل من جهود البلدان الشقيقة وقد لا يعار لها ما تستحقه من عناية واهتمام، وعلى الرغم من ذلك فقد تم إنجاز عدة معاجم لكنها ظلت محدودة الإنتشار حبيسة الرفوف.