شهدت العاصمة البريطانية لندن خلال الأسبوع الثاني من هذا الشهر (يوليوز) أنشطة إسلامية عالمية رفيعة المستوى، كان من أبرزها انعقاد الدورة الثالثة عشرة للمجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء، وانعقاد المؤتمر التأسيسي للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، والمؤتمر العالمي لنصرة الحجاب. وكل هذه المؤتمرات تمت بحضور عدد كبير من العلماء والشخصيات من مختلف الدول الإسلامية والأوروبية، وعلى رأسهم العلامة الكبير الدكتور يوسف القرضاوي. الإنجاز الأكبر ضمن هذه الأنشطة هو بلا شك تأسيس أول هيئة عالمية لعلماء المسلمين، وقد ضمت هذه الهيئة علماء من كافة المذاهب الإسلامية ومن معظم أقطار العالم الإسلامي. وقد صادق المؤتمر على اسم الهيئة الجديدة وهو الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، واختار بالإجماع العلامة القرضاوي رئيسا لهذا الاتحاد، وهو صاحب الفكرة وصاحب الدعوة إليها والمشرف على مختلف التحضيرات التي مهدت لهذا المؤتمر، ولهذا الحدث التاريخي العظيم. كما صادق على النواب الثلاثة للرئيس، وهم السادة الأجلاء محمد علي التسخيري من إيران، وأحمد الخليلي من عُمان، وعبد الله بن بية من موريتانيا، كما صادق على مجلس الأمناء الذي اجتمع فور اختتام المؤتمر واختار الدكتور محمد سليم العوا من مصر أمينا عاما للاتحاد. كان أول من تناول الكلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر هو السيد الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو، الذي تم تقديمه بصفته أول أمين عام منتخب، حيث كان أسلافه على رأس هذه المنظمة يتم اختيارهم عبر التوافقات والتحالفات بين أقطاب المنظمة. اللافت في كلمة الدكتور أوغلو (وهو تركي) هو اللغة العربية الطليقة التي تكلم بها. وكان قد اعتذر عن حضور هذا المؤتمر وأناب عنه غيره، بسبب مهامه وارتباطاته الكبيرة، ولكنه لما علم بالحملة الشرسة التي قام بها اللوبي اليهودي واليمين المتطرف في بريطانيا ضد هذا المؤتمر من أجل منعه أو إفشاله، بدعوى أن القرضاوي يؤيد العمليات الإرهابية في فلسطين، فيجب اعتقاله بتهمة التحريض على الإرهاب، أو طرده على الأقل من بريطانيا، لما علم بذلك قرر المجيء بنفسه لنصرة العلماء ومؤتمرهم والمساهمة في إنجاح المؤتمر، معتبرا أن حضوره قد صار فرض عين بعد أن كان فرض كفاية. رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، في كلمته الختامية وهو يشكر مختلف الجهات التي ساهمت في إنجاح المؤتمر، لم يفته أن يشكر اليمين الصهيوني الذي أتاح للمؤتمر نجاحا إضافيا، إعلاميا وسياسيا، وجلب له مزيدا من المصداقية ومن الحماية من الحكومة البريطانية، وخاصة من عمدة لندن، الذي دافع بقوة عن الشيخ القرضاوي وعن براءته من مزاعم أعدائه وحملاتهم، ووجه له الدعوة للعودة إلى لندن. كثير من العلماء كانوا يتأسفون وهم يرون هذا المؤتمر ينعقد خارج العالم الإسلامي، بعد الاعتذار والتحفظ من عدد من الدول الإسلامية عن إيوائه، ولكنهم فرحوا وهم يرونه يحقق نجاحه التاريخي في جو من الطمأنينة ومن الحرية الكاملة، دون تدخل ولا ضغط من أحد، وفرحوا أكثر حينما رأوا شمس الإسلام تشرق من لندن، وذلك فضل الله يوتيه من يشاء. قديما قالوا عن العلامة الكبير القاضي عياض السبتي وكتابه مشارق الأنوار: مشارق أنوارٍ تبدَّت بسبتةٍ ومن عَجَبٍ أن المشارق بالغربِ واليوم نستطيع أن نقول: مشارق أنوارٍ تبدت بلندنٍ ومن عجب أن المشارق بالغربِ أحمد الريسوني