قال الدكتور أحمد الريسوني، الخبير في مجمع الفقه الإسلامي، إن مسألة إلغاء العمرة في رمضان أو موسم الحج المقبل بسبب إنفلونزا الخنازير، يرجع القرار فيها إلى الأطباء المسلمين المختصين، ويرى أن منظمة المؤتمر الإسلامي أو مجمع الفقه الإسلامي الدولي مطالبين في هذه الحالة، بتنظيم لقاء للأطباء المسلمين من عدد من الدول الإسلامية، ليتدارسوا الوضعية ويقدروا الاحتمالات ويصدروا توصياتهم، وبناء عليها، يقرر الفقهاء في مجمع الفقه الإسلامي أو أي هيئة فقهية تشكل لهذا الغرض ما إذا كانت الضرورة تدعو لإلغاء الشعيرتين، وأشار الريسوني إلى أن تقدير أطباء غير مسلمين من أمريكا أو كندا أو غيرهما لا يكفي، لأن الأمر كما يقول يتعلق بالعالم الإسلامي والحجاج والمعتمرين القادمين منه، ويتعلق كذلك بموازنة بين فريضة الحج وشعيرة العمرة وما لهما من أهمية، مع احتمالات الخطورة وانتشار الوباء. ويتابع الريسوني إذا قرر الأطباء المسلمون أن هناك احتمالات مرتفعة لانتشار الوباء بواسطة تجمع الحج والعمرة، فيتعين حينئذ على جميع الدول الإسلامية وعلى المملكة العربية السعودية على الخصوص، اتخاذ التدابير اللازمة لوقف هذه التجمعات وتعليقها إلى حين انجلاء هذا الوباء، مؤكدا على أن هذا الإجراء لا غبار عليه وعلى مشروعيته ووجوبه، لأن الله تعالى يقول ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان الوباء أو الطاعون في بلد فلا تخرجوا منه ولا تدخلوا إليه، وكذلك سيدنا عمر رضي الله عنه أوقف سير جيش بكامله كان يتجه إلى الشام لما علم أن بها وباء الطاعون، لكن - يضيف الريسوني- لا ينبغي التعجل، بل اتخاذ الخطوات اللازمة التي تبتدئ بتقرير وتقدير الأطباء المختصين بشكل جماعي، وتنتهي بفتوى الفقهاء، ثم بتنفيذ المسؤولين السياسيين في البلدان المعنية وخاصة المملكة العربية السعودية. وتعليقا على القائلين بأن الحج لم يسبق وأن ألغي عبر التاريخ بسبب وباء معين أو غيره، أشار الريسوني إلى أن فقهاء المغرب أفتوا بحرمة الحج في ظروف معينة مثل انعدام الأمن وارتفاع درجة المخاطر، وكانوا يفتون بمنع الحج على الأندلسيين، لأن الجهاد والبقاء في بلادهم للدفاع عنها أولى، فالعبرة بحسب الريسوني بالقواعد والمبادئ والأدلة الشرعية التي تحكم هذا الأمر، وليس بالسوابق التاريخية التي تختلف كما تختلف التقديرات. كما أن الإمكانيات المتوفرة الآن لم تكن متيسرة من قبل. وأعلنت السلطات الصحية في دولة الإمارات العربية المتحدة أول أمس الأحد، عن أول إصابة بالفيروس المسبب لمرض أنفلونزا الخنازير، لشخص قدم إليها من كندا. وقال وزير الصحة الإماراتي إن المريض يتلقى العلاج اللازم بأحد مستشفيات الدولة، وإن أعراض المرض قد زالت عنه، ولكن العلاج سيستمر لمدة 10 أيام. وتعد هذه ثاني حالة إصابة بمرض أنفلونزا الخنازير يتم الإعلان عنها رسميا في دولة عربية، وذلك بعد يوم من إعلان الكويت عن اكتشاف 18 حالة إصابة بين عدد الجنود الأمريكيين أثناء مرورهم بها، في الوقت الذي أكدت فيه خلو البلاد من المرض. وفي الجزائر تم الاشتباه في حالتين بالإصابة بالفيروس، إلا أن وزير الصحة الجزائري أعلن عن عدم وجود أي حالة من هذا المرض، مضيفا أن الحالتين المشتبه بهما عادتا إلى منزليهما بعد التأكد من عدم إصابتهما. وصول الفيروس إلى عدد من الدول العربية التي كانت منذ بدء انتشار الوباء في منأى عنه، يطرح تساؤلات حول مدى تأثير ارتفاع الإصابات بالفيروس المسبب لأنفلونزا الخنازير على عمرة رمضان وموسم الحج، خاصة بعد اللقاء الطبي المنعقد في هلسنكي الإثنين الماضي، والذي أعرب فيه خبراء عن خشيتهم من تعرقل جهود مكافحة أنفلونزا الخنازير، في حال استمرار الفيروس في الانتشار خلال موسم الحج في نونبر المقبل. وكان ألبرت استرهاوس، خبير الحميات من جامعة روتردام، قد قال خلال اللقاء تخيلوا أنه مع وجود فيروس ينتشر عبر العالم يتم جمع حشود من كل دول العالم لمدة أسبوعين في مكان واحد ثم إعادتهم الى ديارهم عبر العالم. من جانبه قال البروفسور أندرياس فويس، من المركز الطبي في جامعة نيماغ الهولندية أن الحج ليس حدثا يمكن إلغاؤه، وتابع أعتقد أنه سيكون على السلطات الصحية هناك، بمساعدة منظمة الصحة العالمية وغيرها، أن تفكر بما يفترض القيام به، كيف ينبغي توعية الناس. لكن العلماء لا يعرفون بعد ما سيؤول إليه الفيروس خلال الأشهر القادمة، وهو ما يضع السلطات الساعية إلى توفير الحماية للحجاج أمام معضلة.