بغض النظر عن تفاصيل الأزمة المغربية الإيرانية، إلا أنها تؤشر إلى موقف مغربي حازم من مواقف استهداف هويته الدينية والمذهبية من الخارج، ذلك أن خطر التشيع الذي يستهدف المغرب؛ مستغلا في ذلك أدوات وقنوات متعددة؛ لا يقل خطور عن أخطار أخرى تضرب في العمق وحدته المذهبية ومرجعيته الإسلامية، ونقف هنا عند أربع تحديات تضاف إلى التحدي المرتبط بالتشيع: أولاها التنصير، وخاصة ذلك الذي ترعاه الشبكات الإنجيلية الأمريكية، موظفة فيه تقرير الخارجية الأمريكية للحريات الدينية في العالم. وثاني التحديات الضغط لفرض التطبيع مع الشذوذ الجنسي وإلغاء تجريمه والتعايش مع حالات زواج الشواذ، والتي كشف وجودها منسق جميعة لهم بالمغرب، وهو ضغط كشف هذا الأخير عن وجود دور إسباني مفضوح فيه، وأكدته جريدة إلباييس في عددها ما قبل الأخير. وحتى لا نذهب بعيدا عن إسبانيا نذكر هنا ما أثير مؤخرا حول طرد أحد جواسيسها من الناظور على خلفية تورطه في شبكة المخدرات المفككة أخيرا بالشمال. أما ثالث التحديات فهو التطبيع والصهينة وخدمة مشاريع الاعتراف بالمشروع الصهيوني وبواقعه الاستعماري الاستيطاني بفلسطين، تحت مسمى التواصل مع اليهود في المهجر، مثل ما شهدنا في الخطوة الأخير لتأسيس جمعية أفراتي بإنزكان. وتمثل التحدي الرابع في سياسات استهداف اللغة العربية ودعم مشاريع تشجيع الدارجة تحت دعوى كونها لغة المغاربة، والذي نجد نشاطا محموما لبعض المراكز الثقافية الفرنسية بالمغرب فيه. وفي مختلف هذه التحديات تعرض المغرب لعمليات ابتزاز وظفت فيها قضية الصحراء المغربية، وأحيانا التحالفات الإقليمية وأحيانا أخرى. ما سبق خمس تحديات تضع الأمن الروحي على فوهة بركان، بالنظر إلى تعدد مستهدفيه وضخامة الإمكانات المرصودة لذلك، وإذ كشفت الدراسات العلمية عن تجذر العمق الديني السني للمغاربة وهامشية تأثير هذه التحديات وعجزها عن التحول لسمة غالبة، إلا أنها تلتقي في كونها تستقوي على المغرب بجهات خارجية، مما يفرض التعامل الحازم والصارم، لكن وفق مقاربة شمولية تتضمن آليات متعددة؛ منها ما هو استباقي ووقائي يطور أدوات إيجابية للتدخل دون الدفع بالعلاقات إلى مستوى التوتر والقطيعة، ومنها ما هو سلبي وعلاجي يتدرج في استعمال الوسائل الديبلوماسية، والذي يعني بالضرورة قطع العلاقات، فهذه صيغة لا تعتمد إلا في حالات قصوى، ولا يلجأ إليها إلا بعد استنفاد كل الخيارات المتاحة، ونعتبر أن مسارا من هذا النوع يقتضي من كل المعنيين بالأمن الروحي والوحدة المذهبية للمغرب الدعم والإسناد، ويفرض تعميق الوعي باستحقاقاته ومتطلباته. بكلمة، لا يملك المرء إلا أن يثمن أي قرار سيادي يسير في اتجاه تحصين الوحدة المذهبية من الاستهدافات الخارجية.