في خطوة لافتة، أعلنت السفارة الفرنسية بالمغرب دعمها تمويل أول ترجمة لقصة فرنسية موجهة للأطفال بعنوان الأمير الصغير إلى الدارجة المغربية، من لدن مطبعة عيني بناعي، فيما انخرط المركز الثقافي الفرنسي بالدارالبيضاء بتعاون مع السفارة الفرنسية، خلال الأسبوع الماضي في الترويج للترجمة الجديدة، احتفاء بكون هذه الترجمة سيتم عرضها بالمعرض الدولي للكتاب الذي ترعاه وزارة الثقافة رسميا. وحسب المركز الفرنسي بالدارالبيضاء فإن الاحتفاء بترجمة القصة يتزامن أيضا مع الذكرى 90 لأول رحلة جوية بين فرنسا والمغرب، والتي حصلت في 9 مارس 1919 بين الرباط وتولوز، والتي من المنتظر أن تخلدها السفارة الفرنسية بحفل كبير يتضمن برنامجه قراءة مقاطع من هذه القصة بالدارجة والفصحى والأمازيعية والفرنسية. ويعتبر إصدار هذه الترجمة للقصة بالدارجة المغربية من لدن السفارة الفرنسية، إضافة إلى أعمال أخرى، تحولا خطيرا في السياسة الثقافية الفرنسية داخل المغرب، بحيث يؤشر هذا العمل على تدخل فرنسي رسمي في النقاش المتصاعد حول المسألة اللغوية، ودعم منها لخيار التدريج الذي تدافع عنه أقلية فرانكفونية لغتها الوحيدة هي الفرنسية. وعلّق المفكر المغربي، بنسالم حمّيش، على هذا التحول بقوله، إنه طبيعي ما دامت السفارة الفرنسية قد وجدت فضاء خصبا لذلك ، بدون راع ولا ناه، وأضاف حمّيش في تصريح لـالتجديد، بالقول إنهم يريدون تكسير اللغة العربية، وهم لا يدرون أن الدارجة جزء من اللغة العربية، ودعا حمّيش الوزارة الأولى، ووزارة الثقافة، واتحاد كتاب المغرب والجمعيات الحقوقية إلى الانتباه إلى هذا الخطر، وأكد هناك أمور خطيرة تقع، والمؤسف أن الذي يتكلم في هذا الموضوع جهال لا علم لهم، ولا يتكلمون لا بالعربية ولا بالدارجة. وأضاف حمّيش ان الذي يمر بشوارعنا اليوم يظن أنه في إحدى شوارع باريس، بينما هو في أرض مغربية لغتها الرسمية هي العربية. هذا، وبدأ هذا التحول الخطير في عمل السفارة الفرنسية بالمغرب منذ سنة ,2006 حينما قامت سيدة فرنسية بإصدار جريدة مجانية بالدارجة المغربية في طنجة، كما قام المركز الثقافي الفرنسي بمدينة سلا بإصدار جريدة مجانية بالدارجة أيضا، كما انخرط المركز نفسه في تنظيم عدد من الندوات نشطتها الباحثة الفرنسية المتخصصة في الدراجة دومينيك كوبي، التي تنشط كثيرا في هذا المجال، وتدعو إلى تعليم الدارجة في رياض الأطفال والمدارس المغربية لأنها تحقق التواصل والقرب بحسب زعمها. وخلال السنة نفسها، أعلنت دار النشر خبار بلادنا التي تعمل على طبع مثل هذه الجرائد، والترويج للدارجة، بالإعلان عن جائزة أدبية في المكتوب بالدارجة أيضا، ليس الدارجة بالحروف العربية ولكن حتى بالحروف الفرنسية أيضا، لتسهيل مشاركة المغاربة في المهجر الذين لا يعرفون الحروف العربية، حسب زعم القائمين على هذه الدار، التي يعود تأسيسها إلى الرسامة الأمريكية ايلينا برنتيس، التي تعد أول أجنبية أصدرت جريدة مجانية بالدارجة المغربية، وباللهجات الأمازيغية الثلاث، الريفية والسوسية والشلحة. وتوظف فرنسا وسائل مادية مهمة بالمغرب في إطار ما يسمى بالتعاون الثقافي، وذلك من أجل ضمان الحضور عن كثب فوق التراب المغربي بجعل المؤسسات الثقافية الفرنسية فاعلا من أجل التغيير، وتضيف السفارة الفرنسية في تحديد أهدافها من هذا التعاون، أنه يرمي إلى ربط التبادل الثقافي مع السياسة الشاملة للتعاون لفائدة الفئات الشعبية، لإثبات وجود كفاءتنا الثقافية. وبموجب ذلك تخصص السفارة نحو 5,5 مليون أورو لهذا التعاون الثقافي.