كشفت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث ، في مذكرة حملت عنوان مدينة القدس والمسجد الأقصى 2009 إلى أين؟ ، النقاب عن عشرات الانتهاكات التي تستهدف المسجد الأقصى المبارك، ولا زالت مستمرة من جانب سلطات الاحتلال، بهدف تهويده. وأكدت مؤسسة الأقصى في تقرير إحصائي جديد صادر عنها، أنها من خلال استقراء الأحداث، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي على غزة؛ فإنّ مدينة القدس والمسجد الأقصى، قد تستهدفهما مزيد من الاعتداءات الخطرة خلال السنة الجارية. ووجهت مؤسسة الأقصى نداء عاجلاً إلى الحاضر الإسلامي والعربي والفلسطيني، لإنقاذ القدس قبل أن تُهوّد بالكامل، وإنقاذ المسجد الأقصى حتى لا يُهدم . وأوضحت المذكرة أنّ مدينة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية بشكل عام، والمسجد الأقصى بشكل خاص، استهدفتها خلال السنة الماضية (2008) هجمة شرسة من قبل سلطات الاحتلال وأذرعها المختلفة، طالت الإنسان والآثار، والتاريخ والحضارة، والحاضر والماضي . وأشارت المذكرة إلى أنّ تلك السلطات حاولت فرض وقائع على الأرض، وتسابق الزمن في تسارع ملفت للنظر، فتنفذ مشاريع السيطرة والتهويد، وتضع المخططات الشاملة وتتدرج بإخراجها إلى حيّز التنفيذ، الأمر الذي يشير إلى أنّ مدينة القدس الشريف والمسجد الأقصى مقبلة على مستقبل من الاستهداف الخبيث والخطير ، حسب تحذيرها. وأوردت المذكرة تفاصيل موثقة للانتهاكات والتعديات الصهيونية على القدس والمسجد الأقصى، في مجالات عدة، مشيرة على سبيل المثال إلى أنّ عمليات اقتحام المسجد الأقصى تصاعدت بشكل ملحوظ خاصة في النصف الثاني من سنة 2008، على شكل مجموعات يهودية تتكون من رجال ونساء وأطفال، مع تنظيم وإقامة شعائر دينية يهودية بارزة داخل المسجد، تتضمن قراءة أجزاء من التاناخ . كما لوحظ إقامة شعائر أخرى بحسب مسار محدد في أجزاء من المسجد الأقصى، وذلك بمباركة وحراسة مشددة من قبل الشرطة الصهيونية. وأضافت المذكرة أنه بينما كانت المجموعات التي تقتحم المسجد الأقصى لا تتعدى الأفراد القلائل، أصبحت الظاهرة البارزة هي أنّ الاقتحامات تتم بصورة مئات الأفراد على شكل مجموعات متتالية، كما أصبح يشارك بشكل بارز عدد كبير من الساسة الصهاينة، ما يشير إلى دعم ومشاركة من الجانب الرسمي الإسرائيلي لمثل هذه الاقتحامات. وبينما رصدت المذكرة جولات مشبوهة للمخابرات والشرطة الإسرائيلية في أنحاء المسجد الأقصى ، فقد وثق انتهاكاً من نوع آخر هو تمكين سياح أجانب شبة عراة من التجوّل في المسجد . وعلاوة على الاعتداءات على حرّاس المسجد الأقصى، فقد منعت سلطات الاحتلال نشاطات مناصرة للمسجد، ومنعت الشرطة الإسرائيلية في حالات كثيرة إدخال وجبات الإفطار للصائمين داخله وصادرت هذه الوجبات، ما حرم الصائمين من تناول إفطارهم فيه. وفي تطوّر آخر؛ افتتحت جماعات يهودية وشخصيات رسمية كنيساً يهودياً أقيم على وقف إسلامي يدعى حمام العين ، ولا يبعد هذا الكنيس اليهودي سوى خمسين متراً عن المسجد الأقصى في قلب حي إسلامي. ويقوم بزيارة هذا الكنيس يوميا المئات من المستوطنين والسياح. كما وتواصل سلطات الاحتلال حفرياتها أسفل وقف حمام العين ، حيث الكنيس اليهودي، وقد تم رصد إدخال كميات كبيرة من ألواح الخشب، ما يشير إلى الأعمال الكبيرة التي تنفذ في المنطقة الملاصقة للجدار الغربي للمسجد الأقصى. كما تعكف سلطات الاحتلال على إنهاء كنيس يهودي باسم هحوربا ، أقامته على أرض وقفية وعلى حساب جزء من المسجد العمري فيما كان يعرف بحي الشرف، في قلب البلدة القديمة للقدس. ويهدف بناء هذا الكنيس العالي، والذي تعتليه قبة كبيرة، إلى محاولة استنبات أبنية يهودية في القدس، وبهدف تغطية المعلم الإسلامي البارز المتمثل بقبة الصخرة المشرفة، حسب المذكرة. وبينما تتواصل الحفريات الصهيونية لتطوّق المسجد الأقصى، حسب ما فصّلت المذكرة في توثيقها؛ فإنّ سلطات الاحتلال تقوم بأعمال ترميم كبيرة ومشبوهة لأسوار القدس القديمة، بهدف محاولة زرع آثار يهودية في السور، كما حاولت المؤسسة الإسرائيلية وضع يدها على جزء من مقبرة الرحمة، والتي تلاصق الجدار الشرقي من المسجد الأقصى، وذلك بهدف تحويل الجزء الواقع أقصى جنوب الشرق إلى متنزه وحديقة وطنية إسرائيلية، وقامت بوضع التراب الأحمر على بعض القبور الإسلامية، ومنع أي شخص من الاقتراب إلى الموقع ، وفق ما ورد في المذكرة. وتصاعدت خلال السنة الماضية وتيرة أنشطة الجماعات اليهودية ومحاولاتها لوضع يدها على البيوت المقدسية في البلدة القديمة بالقدس، وذلك بأساليب القرصنة والاحتيال، وإن جوبهت هذه المحاولات بالتصدي المقدسي؛ إلاّ أنّ هذه الجماعات اليهودية وضعت يدها على عدد من البيوت المقدسية بالفعل، حسب ما جاء في المذكرة التي أوردت تفاصيل عددية في هذا الشأن. وقد شرعت سلطات الاحتلال الصهيوني بتنفيذ مشروع تهويدي لتطويق حي سلوان المحاذي للجهة الجنوبية للمسجد الأقصى، ويهدف هذا المشروع إلى جعل سلوان مركزاً سياحياً تهويدياً. وتواصل سلطات الاحتلال عمليات الهدم الممنهج لبناية المجلس الإسلامي الأعلى في القدس، مع إصرار السلطات الصهيونية على انتهاك حرمة مقبرة مأمن الله الإسلامية التاريخية في المدينة. وتواصل سلطات الاحتلال الأعمال في خط القطار الخفيف الترام ، والذي يهدف إلى ربط المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية والأخرى التي أقيمت على حساب أراضي القدس، بمدينة القدس. وقد أقدمت سلطات الاحتلال على هدم منازل مقدسيين، وتوجيه إخطارات بالهدم والاستيلاء وإغلاق ومداهمات للمؤسسات. فقد تم خلال سنة 2008 هدم 71 بيتاً ومنشأة في القدس، في حين أحصت تقارير صهيونية هدم 85 بيتاً ومنشأة. وعلاوة على ذلك تم تسليم نحو 219 إخطاراً بالهدم أو الاستيلاء على البيوت والمنشآت في القدس، في حين أحصت هذه المراكز الفلسطينية 36 حالة مصادرة للأراضي في القدس تتراوح مساحة المصادرة بين عشرات إلى مئات الدونمات، كما أحصت المراكز الفلسطينية نحو 44 حالة إغلاق ومداهمة للمؤسسات الفلسطينية في القدس. ويأتي ذلك كله وسط ما سمته المؤسسة هجوماً استيطانياً واسعاً على القدس ، من خلال مناقصات البناء والتخطيط المستقبلي في هذا الاتجاه.