هدوء يعم المكان إلا من بعض الهمسات الخافتة بين بعض الفتياة بغرفة الاستقبال بإحدى عيادات طب النساء والتوليد بمدينة الرباط، اقتربنا من موظفة الاستقبال وسألناها عن إمكانية إجراء عملية إجهاض، وبابتسامة ماكرة أجابت السيدة أن علينا أولا رؤية الطبيب ليعرف مدة الحمل، وحسب هذه الأخيرة سيحدد الدكتور الثمن. وفي حديث مطول مع المكلفة بالاستقبال التي أوهامناها أن إحدانا تود إجراء عملية إجهاض حمل نتج عن علاقة غير شرعية، أكدت لنا أن الدكتور يجري عمليات من هذا النوع ولو لم تكن السيدة أو الفتاة متزوجة، سيما إذا كان الحمل في الشهرين الأولين فالأمر سهل للغاية. وأضافت أن العديد من الفتيات لم يبلغن بعد سن الرشد القانوني يلجأن إلى العيادة لإجراء عمليات من هذا النوع بشكل يومي، لكل قصتها، وأحيانا تكذب الفتاة وتحاول إيهامنا أنها متزوجة وزوجها يعمل خارج المغرب، وبسبب بعض المشاكل التي يظهر أنها قد تؤدي إلى الطلاق بينهما لا تريد الاحتفاظ بالجنين إلى حين الاستقرار في العلاقة نحن نوهمها بتصديقنا للقصة رغم اقتناعنا بأن كل ما قالت كذب ، وأردفت أن تكاليف هذه العمليات تكون باهضة، الشيء ذاته أكده الشرايبي في دراسته الذي حدد التكلفة بين 2000 إلى 15 ألف درهم، بسبب تداخل عدة اعتبارات في السعر (السن، المدة، شرعية الحمل من عدمه..). انتبهت الكاتبة لأسئلتنا المتواصلة فطلبت منا انتظار دورنا بقاعة الانتظار، هناك كانت تجلس ثلاتة نساء مع أزواجهن يظهر أنهن تتابعن الحمل مع الدكتور، في حين تربض فتاتين بالجانب الآخر، اقتربنا منهما وسألناهن عن كفاءة الطبيب فأجابت إحداهن أنه طيب، وأنها سبق أن تعاملت معه، تم عم الصمت. استرسلت صديقتي بالقول أنها حامل وأنها تريد أن يجري لها الدكتور عملية إجهاض، وتخاف أن يمانع لأنها ليست متزوجة فطمأنوها أنه يجري مثل هذه العمليات لكن الأمر يتطلب مبلغ 1500 درهم على الأقل أي حسب مدة الحمل، وبدأت إحداهن في سرد أن العملية تمر بسهولة، وأنها سبق والتجأت إليه منذ شهور فأجهضت وهي حامل بشهر ونصف دون أن يسألها عن أب الجنين، لأنه متأكد أن الحمل نتج عن علاقة غير شرعية. كانت الفتاة تحكي بشكل أذهلنا فعلا، كأن مسألة الإجهاض عادية، ومسألة الحمل بطريقة غير شرعية أمرعادي أيضا، واستطردت تؤكد أن العديد من الأطباء يجرون مثل هذه العمليات -حسب ما ترويه صديقات لها- سيما حين تكون مدة الحمل أقل من ثلاثة أشهر، في حين يكلف الأمر أثمنة خيالية حين يتجاوز الأمر هذه الأشهر حيث يتردد البعض في إجرائها في حين يساوم البعض الآخر بعد توسل المقبلة على الإجهاض أمام المليون أو المليون ونصف سنتيم الذي سيحصل عليه جراء ذلك، مشيرة إلى أن العديد من العيادات الراقية يكون أساس موردها المالي عمليات الإجهاض الناتج عن حمل غير شرعي. تأكد لنا أخيرا أن عملية الإجهاض ليس بالصعوبة التي كنا نتوقعها فالأمر عادي، ولا ضرورة لواسطة بهذا الشأن إلا في حالات وصول الحمل إلى الشهر الخامس و السادس، ففي هذه الحالة يصعب إيجاد طبيب لعملية الإجها لما للمسألة من تداعيات سلبية على صحة الحامل. لكن من الضحية في هذه الحالة أليست الفتاة التي تمنح شرفها لأسباب واهية، وفي الوقت الذي يحدث حمل غالبا ما يتنحى الطرف الآخر عن مساعدتها أو بمنحها بعض المال لإجهاضه مستبعدا فكرة الزواج لسترها. بحديثنا هذا بدأت إحدى الفتاتين بالبكاء، قالت إن أمنيتها أن تتزوج وتنشئ أسرة وهو السبب الذي جعلها ترتبط في علاقة غير شرعية مع صديقها الذي حبلت منه لكنه هجرها حين سمع بهذا الحمل وتركها تكابد مشكلتها لوحدها. حين وصل دورنا استقبلنا الطبيب، سأل عن سبب خطوة الإجهاض، فأجابت إحدانا أن الحمل جاء بسبب علاقة غير شرعية، ولا نستطيع الاحتفاظ به، بادر في البداية بتقديم بعض النصائح عن النتائج السلبية لمثل هذه العمليات، تم قال إنه من الضروري معرفة مدة الحمل، وأنه لا يجري عمليات الإجهاض إذا ما تعدى الحمل شهرين..، وعن الثمن قال حسب المدة وحين نهض ليبدأ الفحص الايكوكرافي، تدرعنا بأننا لا نتوفر على ثمن الفحص الايكوكرافي (400 درهم)، وطلبنا أن يحدد موعدا آخر في الغد .