أكد الدكتور شفيق الشرايبي رئيس الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري أن أثمنة عمليات الإجهاض التي يقوم بها الأطباء بشكل سري تتراوح بين 1500 درهم و 15 ألف درهم، وتختلف التكلفة حسب الخطر الذي يتعرض له الطبيب الذي قد يصل للسجن، وحسب تقدم مدة الحمل إذ كلما تقدمت زادت الكلفة، كما تختلف حسب ما إذا كانت المرأة متزوجة أم لا، صغيرة أم كبيرة. ويدعو الشرايبي إلى تسهيل الإجهاض في حالات استثنائية كالاغتصاب وزنا المحارم وتشوهات الجنين، ومن أجل نقص تكلفة الإجهاض، زاعما أن مرونة القانون ستخفض من نسبة الإجهاض المرتفعة حاليا. وهذا نص الحوار: لماذا أثرتم نقاشا حول الإجهاض في الوقت الحاضر بالذات؟ قبل الحديث عن الإجهاض نحن ننادي بالوقاية عبر التربية السليمة والتربية الجنسية واتخاذ الاحتياطات اللازمة للحيلولة دون الوقوع في الحمل غير المرغوب فيه. وهناك أكثر من 50 بالمائة من النساء اللواتي يقعن في خطإ، والحمل غير المرعوب فيه، هو ما لم تكن تنتظره المرأة، وهناك 53 بالمائة يحملن دون أن ينتظرن ذلك الحمل، لكن ليس كل من حملت ترغب في التخلص من الحمل، وأنا شخصيا والدتي حملت بي بالخطأ وأنا سابع إخوتي، وهي لم ترغب في التخلص من الحمل إلا أنها لم تقدم على الإجهاض لأنها غير مقتنعة بذلك. وحسب الإحصاء العام للسكان فإن المغرب يعيش زيادة سكانية تقدر بـ 500 ألف زيادة في السنة، وإذا أضفنا نسبة حالات الحمل غير المرغوب فيه (53 بالمائة) فإن الزيادة ستنضاف إليها 200 ألف في السنة. وهناك من لا يتحمل الزيادة غير المرغوب فيها فيتجه للإجهاض، رغم أن الإجهاض هو أيضا له مضاعفات صحية، لأنه لا يتم في ظروف سليمة وثمنه مرتفع. فهناك من الأطباء من يقوم بالإجهاض في عيادة وليس في مصحة، كما أن هناك من يقوم به في قبو عيادته أو منزله لأنه يعرف أنه يمارس في الممنوع قانونا. يتداول أن ثمن الإجهاض يتراوح بين 1500 درهم و 15 ألف درهم، ما المعيار الذي يحدد الثمن؟ إن ثمن الإجهاض يختلف بحسب الخطر الذي يتعرض له الطبيب لأن الطبيب يعلم أنه يمارس في الممنوع ويمكن القبض عليه، لذلك يرفع ثمن الإجهاض بحسب المخاطرة بنفسه أولا، ثم بحسب مدة الحمل التي كلما كانت متقدمة كان الثمن مرتفعا، وكلما كانت المقبلة على الإجهاض صغيرة السن وغير متزوجة يكون الثمن مرتفعا أكثر لأن الطبيب في هذه الحالة قد يتعرض للشكاية من الأهل أو غيرهم، وكلما كانت المرأة خائفة ارتفع ثمن الإجهاض. ومعلوم أن ارتفاع ثمن الإجهاض هو الذي يؤدي بالفتيات إلى اللجوء إلى عالم الدعارة من أجل توفير ثمن عملية الإجهاض، وبهذا يكون خطأ واحد سبب في ولوج عالم الدعارة والفساد. وفي الحالات التي تكون الحامل مرافقة لزوجها ومتفاهمين على قرار الإجهاض ومدة حملها وجيزة وسبب إقدامها على الإجهاض راجع لسبب كثرة الأبناء، هنا الثمن لا يتجاوز 2000 درهم لأن الطبيب يضمن عدم تهديده من قبل الطرف الثاني في الزواج. ويتراوح ثمن عملية الإجهاض بين 1500 درهم و 15 ألف درهم حسب الحالات السابقة. أما الحالات التي تحدث فيها الموتفإن في غالب الأحيان يكون مصير الطبيب السجن، وهناك 21 طبيبا يقبعون في السجن الآن بسبب الإجهاض، قبل سنة وشهرين من الآن، وخلال شهر واحد وقعت حادثتا قتل بسبب الإجهاض بالرباط، الأولى تتعلق بفتاة حملت عن طريق الزنا من شخص مجهول وسجلت اسما مغايرا لاسمها عند ولوجها لعيادة طبية بالرباط، وعند وفاتها تم القبض على الطبيبة والممرض والمكلف بالتخدير والكاتبة. وفي الشهر ذاته وتحديدا بقيسارية السعادة بشارع الحسن الثاني بالرباط توفيت سيدة كانت حامل لمدة شهرين، لكن الطبيب نجا من التهديد لكون زوج الهالكة كان مرافقا لها وإذا اشتكى من الطبيب سيكون قد أدان نفسه. أما حالات أخرى فقد تلجأ للإجهاض نتيجة خطإ طبي فقد قدمت سيدة إلى مستشفى الليمون بعد شهرين من إنجابها، وبعد ثلاثة أيام من نزول دم الحيض من أجل استعمال اللولب لمنع الحمل لكن أحد المتدربين تصرف خطأ وقال لها بأن عليها أن تأتي قبل يوم واحد أي بعد يومين من نزول دم الحيض عوض ثلاثة أيام، وطلب منها العودة بعد شهر، فذهبت هذه السيدة عند طبيبة بسلا بعد شهر إذ وقع الحمل، إلا أن هذه الطبيبة قالت لها إن حملك متوقف وسينتهي تلقائيا، انتظرت السيدة شهرا دون أن يسقط الحمل، بل وجد الأطباء بمستشفى الليمون أن حملها جيد يترعرع في شهره الثالث، فتوجهت إلى الطبيب نفسه بقيسارية السعادة من أجل الإجهاض رغم أنها تعلم أن سيدة توفيت بعيادته، متذرعة بأنه سبق له أن أجرى لها عملية إجهاض سابقا. وهنا عدة أخطاء، أولها خطأ المتدرب وثانيها خطأ الطبيبة بسلا والثالث إجراء الإجهاض من قبل الطبيب. إذن الإجهاض موجود ويجب المرونة القانونية للقيام به في أحسن الظروف وبأقل تكلفة. وإما يجب القضاء على أسباب الحمل غير المرغوب فيه وهذا في نظري غير ممكن نظرا للمشاكل الاجتماعية المتداخلة. وأين هو دور هيئة الأطباء؟ هيئة الأطباء لا تقوم بشيء، وعملها مقتصر على جمع الانخراطات، في الوقت الذي عليها أن تراقب الأطباء وتنبه السلطات لحالات الإجهاض، وتقوم بعمليات التحسيس، وشخصيا لم أستطع الحصول من رئيس الهيئة الوطنية للأطباء على ترخيص لتنظيم ندوة حول الإجهاض في ماي الماضي، بل تمكنت من الحصول على الترخيص بعدما التجأت إلى الرئيس الجهوي للهيئة. ومكتب الهيئة منذ مدة كان يجب إعادة انتخابه ولم يتم ذلك. وحتى اليوم الدراسي التي تم تنظيمه في البرلمان حول الإجهاض يوم 23 دجنبر الماضي استدعيت له رئيس الهيئة ولم يحضر لأنه ربما ينتظر التعليمات من أجل القيام بأي خطوة. وأنا أيضا أقول: أين هي الجمعيات النسائية لأننا نعالج موضوعا يتعلق بالنساء بما فيهن فتيات وسيدات تعاني 1000 حالة منهن مشكلا يوميا بسبب الحمل غير المرغوب فيه. ومن أين يبدأ العلاج في نظرك؟ في رأيي يجب إعادة النظر في الحالات الاستثنائية مثل حالات الحمل بسبب الاغتصاب أو زنا المحارم أو حمل المعاقات ذهنيا، والقاصرات، وحالات تشوهات الجنين المؤدية للموت أو حالة خطيرة رغم الحياة، إضافة إلى حالات كبر سن المرأة إذ يكون الحمل معرضا لخطر كثير من الأمراض، يجب التساهل في هذه الحالات كمرحلة أولى. وبعض الحالات مثل فقر الزوجين أو مرض أحدهما هناك يمكن تدخل لجنة الأخلاقيات الطبية للحسم فيها. وضحايا الإجهاض في نظري هن تلك الفتيات اللواتي يلجأن إلى الإجهاض بسبب الاعتداء عليهن جنسيا ويجدن أنفسهن مرغمات على ممارسة الدعارة للتمكن من توفير ثمن عمليات الإجهاض السري. أما بخصوص الجنين فإنني أرى أن موته وهو في الأسبوع السادس أو السابع أفضل من حياته وهو مجهول الأب، وقد يكون مصيره الخيريات. ألا ترون أن التساهل في الإجهاض من الناحية القانونية يشجع المتاجرين في الإجهاض من الأطباء؟ نعم التساهل مع الإجهاض الطبي يعالج مشكلا ويطرح مشكلا آخر هو الاتجار، وفي نظري مشكل الاتجار يرتبط بالقائمين عليه وذاك شأنهم. وأنا شخصيا أركز على الحالات الاستثنائية. ثم إن منع الإجهاض الطبي سيدفع الحوامل إلى إجهاض بطرق أخرى قد تؤدي إلى مشاكل صحية مثل أكل الأعشاب وغيرها من الوسائل التي تعود إلينا في المستشفيات لحلها في نهاية المطاف. وفي نظري إذا جاءت إلى المستشفى سيدة بعد تناولها الأعشاب أو غيرها يمكن مواجهتها بصفتي طرفا مدنيا أرأس جمعية لمكافحة الإجهض السري. ولكن هذه الحالات تتكتم على تناولها الأعشاب أو غيرها، فما العمل إذن؟ نعم تتكتم في البداية لكن الطبيب إذا استطاع تحسيسها بالطمأنينة إذا باحت بما لديها أو هددها بأن سلامة صحتها رهينة بالكشف عما تناولته من أجل تحديد العلاج المناسب لما تناولته هنا تكشف ببساطة عن المواد التي تناولتها وعلى يد من. ما هو رأي جمعية أطباء الولادة في موضوع الإجهاض؟ كل الأطباء مع تسهيل الإجهاض، وأنا أمثل نائب رئيس الجمعية قمت بثلاثين محاضرة في الموضوع بمختلف مناطق المغرب ووجدت أن كل الأطباء متفقين مع تسهيل الإجهاض، وفي نظري أن تسهيل الإجهاض قد لا يساهم في رفع عدد حالاته، بل سيتقلص ويتنقص تكلفته، كما تنقص مضاعفاته. أما مشكل المتعاطيات للدعارة فإنه يجب التفكير في حل مشكلتهن الاجتماعية وتوفير مطالبهن المادية وعدم الاقتصر على المعالجة الأمنية بسجن المقدمات على الإجهاض. وهل ترون من السهولة بمكان تغيير القانون المتعلق بالإجهاض؟ نعم إذا ساعدنا البرلمانيون والأحزاب السياسية يمكن ذلك، وأشير إلى أننا سننظم في آخر يناير ندوة في كلية الحقوق حول الموضوع يشارك فيها رجال قانون.