كان الإعلان عن نتائج مسابقة الدورة العاشرة للفيلم الوطني بطنجة كفيلا باستكشاف دوافع منح الجوائز إلى جهات سينمائية معينة، وكذا الرؤية التي ستؤطر المشهد السينمائي المغربي مستقبلا. وسأقتصر هنا على بعض الجوائز الخاصة بالأفلام الطويلة، والتي قال عنها أحد المخرجين المعروفين ببلادنا إنها مفبركة. لم يكن مستعصيا على أحد أن يفهم أن منح الجائزة الكبرى لفيلم كل ما تريده لولا من قبل رئيس لجنة التحكيم المصري سمير فريد لم يكن إلا إرضاء لمخرجه وردا للاعتبار له، في الوقت الذي عرف فيه الفيلم انتكاسة سينمائية في مجموعة من المهرجانات بسبب مستواه الفني المتوسط. وقد بدا واضحا على وجه نبيل عيوش وهو يتسلم الجائزة عدم رضاه التام عن هذا السيناريو المكشوف لأنه يعرف أن التتويج غير حقيقي وإنما تدخل فيه اعتبارات سياسية. ومن هنا أعرج على جائزة السيناريو التي منحت لمخرج حجاب الحب عزيز السالمي. هذه الجائزة لم تكن للسيناريو بقدر ما كانت مكافأة للمخرج على تجرئه على موضوع يمس بمظاهر التدين ببلادنا. وإلا فإن مجموعة من السينمائيين وقفوا على هفوات الفيلم عند عرضه بمراكش. لكن في الأمر دلالات قوية وإشارات واضحة إلى من يهمه الأمر. بمعنى أن هذا هو نوع السيناريوهات المشجع عليها لمن يرغب في كتابة السيناريو: تطاول على التدين وجنس. أما فيما يخص الجائزة الثالثة فتتعلق بجائزة أفضل عمل أولي، والتي حاز عليها فيلم زمن الرفاق للمخرج شريف الطريبق الذي مطط فيلمه تمطيطا لا يطاق؛ سواء على مستوى زمان الفيلم أو على مستوى الحوار. هذا التمطيط كان سببه هاجس المخرج في تمرير إيديولوجيته التي أبعدت الشريط عن الجنس الروائي وتحشره على الجنس التسجيلي. هذا المنحى الإيديولوجي والذي عبر عنه المخرج بقوله لا يمكنني إلا أن أنحاز إلى الرفاق(لتشويه صورة الإسلاميين) هو الضامن الوحيد لهذه الجائزة. وإلا ففيلم خربوشة لحميد الزوغي كان هو الجدير بالجائزة لاعتبارات فنية وجمالية وثقافية. مما يفسر أن الاشتغال على الذاكرة الجماعية للمجتمع والتنقيب في تاريخه مرفوض. والدليل على ذلك أيضا هو شريط جارات أبي موسى الذي أجهضت تجربته هو الآخر. أما الفيلم الأخير الذي يستغرب المرء لحصوله على عدة جوائز في آن واحد، فهو كازا نيكرا للمخرج نورالدين لخماري. قد يكون مقبولا أن الفيلم حاز على جائزة الصوت والصورة لأنه لا أحد يمكن أن يجادل في الجانب التقني للفيلم. لكن أن يحصل الفيلم على جائزتي النقد والصحافة فهذا فيه مساس بهاذين المجالين اللذين هما لسان حال المستوى الثقافي والفكري ببلادنا. هل الكلام الزنقوي الذي خيم على كل مجريات أحداث الفيلم إلى درجة السواد يستحق التتويج من المنابر الإعلامية التي من المفروض أنها تنتج الفكر، أو من النقاد الذين يختصون في إنتاج خطاب ثقافي وسينمائي رصين؟ قد يعتبر البعض أن التمرد على واقع المجتمع بالنزول إلى الحضيض فيه جمالية ورمزية كما نرى في بعض الأفلام الأمريكية التي حاول المخرج لخماري تقليدها، ناسيا أن لكل مجتمع ثقافته وهويته، وأن ما هو ساقط موجود لدى جميع المجتمعات الإنسانية.