يحل غدا اليوم العالمي لمحاربة الرشوة، كيف ترون وضعية الرشوة ومحاربتها في المغرب؟ فكرة الاحتفال سنويا بمحاربة الرشوة كانت بمبادرة من الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، والتي نظمت منذ نشأتها سنة 1996 يوما وطنيا للاحتفاء بالنشاط الجمعوي ضد هذه الآفة، والذي يتزامن مع ذكرى ميلاد الجمعية. وقد تبنت الجمعية الدولية لمحاربة الرشوة ترانسبرنسي انترناسيونال هذه الفكرة، واقترحتها خلال فترة التفاوض حول الاتفاقية الدولية لمحاربة الفساد، وأصبحت اليوم تتزامن مع تاريخ إبرام الاتفاقية، وهكذا انتقلنا من الاحتفال بيوم وطني إلى يوم عالمي. وستحرص ترانسبرنسي المغرب على أن يظل تاريخ ميلادها (6 يناير) هو موعد جمعها السنوي ليكون محطة محاسبة لها. شعار هذه السنة مفاده أن احتفاء عالمي سنوي ولكن المجهودات ضد الرشوة هو عمل يومي وعمل للجميع، يجب ألا يكون هناك يوم واحد فقط في السنة لمحاربتها، ولكن المقصود هو أن الوقوف في محطة سنوية للتقييم. أما وضع المغرب فكما هو معلوم حصل البلاد على نقطة سلبية (5,3) وتقهقر ترتيبه عالميا، وذلك نتيجة عدم تفعيل الآليات التي سبق أن أعلنت عنها الحكومة في مجال محاربة الرشوة، ومنذ ذلك الوقت إلى الآن المستجد الوحيد هو تنصيب الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، وإن كان هذا أمر إيجابياً في حد ذاته، فإنه في الواقع ما تزال دار لقمان على حالها، فعدد الفضائح في تزايد، والدولة لا تتحرك مدنيا أو جنائيا، وفي كثير من الأحيان لا تصدر منها حتى مواقف، فالصمت المطبق هو القاعدة العامة في سلوك المسؤولين، ولا يمكن لهذا السلوك إلا أن يشجع المتعدين على حقوق الغير عن طريق الرشوة على مواصلة أعمالهم. نتمنى أن تكون السنة المقبلة مع هذه الهيئة الجديدة سنة خير، سيما وأن الوزير الأول جدد التزام الحكومة بمحاربة الرشوة. ما هي أكبر ملفات الرشوة التي رصدتها ترانسبرنسي المغرب خلال 2008؟ الجمعية لا تقوم بتحريات بشأن ملفات الرشوة فليس هذا دورها، وما تقوم به هو القيام برصد يومي لما ينشر في الصحافة حول السلوكات المشبوهة المرتبطة بالرشوة، وقد سجلنا تزايدا في عددها، وآخر حالة اتخذنا فيه موقفاً هو ملف القرض السياحي والعقاري، وقد كان لنا موقف خاص لأن المسؤول الأول عنه صرح بأن من حقه ذلك (شراءه شقتين فاخرتين في ملكية المؤسسة بثمن بخس)، وهذا لا يعني أن باقي الملفات هي أقل خطورة. زد على ذلك ما شهدته السنة من تفويت لعقارات لشركات خاصة من لدن وزارة المالية أو مؤسسات عمومية، وقدرت ما خسرته خزينة الدولة من جراءها بملايين الدراهم، بالإضافة إلى صفقات مشبوهة، كما أنجزت هيئات رسمية عدة معاينات، من بينها المجالس الجهوية للحسابات والمجلس الأعلى للحسابات، ومن خلال التدقيقات التي قامت بها يتضح أن عدد وافر من السلوكات تندرج ضمن تعريف الرشوة والفساد واستغلال النفوذ والاستحواذ على المال العام، وكلها جنايات وجرائم يعاقب عليها القانون، ورغم أنها صادرة عن قضاة فإن لم يقع تحرك ضدها. خلال الندوة الصحافية التي ستنظمها الجمعة المقبلة، ستقدمون دليل لحماية فاضحي ممارسات الفساد والرشوة، ما سياقه؟ وما مضمونه؟ أما السياق فهو مرتبط بالمشروع التي تنفذه الجمعية في إطار المرصد الوطني لمناهضة الرشوة، بحيث يتم استقبال الأشخاص الذين يعانون من آفة الرشوة، ويحتاجون إلى توجيه وإرشاد قانوني، ولقد كان ذلك ممارسة في نطاق محدود، ولكن ابتداء من الشهر الجاري سنقيم مركزا لاستقبال أصحاب الشكايات، سواء الأشخاص الذاتيين أو الشكايات المتوصل بها عبر البريد أو الهاتف أو الانترنت، وهناك ناشطون حقوقيون يقوم بمعالجتها، وإرشاد أصحابها للطريق الصحيح الواجب إتباعه لمقاومة الحواجز التي تقف أمامهم عبر سلوك قانوني، كما نرسل هذه الشكايات إلى الإدارات التي تريد التعاون معنا. وقد دفعتنا التجربة التي اكتسبنها من خلال هذه الممارسة إلى تحرير دليل يوضح حقوق وواجبات ضحايا كشف الفساد، كما يتضمن لائحة للجهات التي يمكن أن يتجهوا إليها، ونماذج من الرسائل التي بوسعهم الكتابة على منوالها.