انشغلت أسرة الفلسطيني إبراهيم درويش في جمع الحطب وإعداد كانون النار عشية حلول عيد الأضحى المبارك رغم أن رب الأسرة ليس لدية مقدرة على شراء خروف العيد لهذا العام وتغطية ملابس ونفقات أسرته. وتقطن أسرة درويش المكونة من ثمانية أفراد في مخيم خانيونس جنوب القطاع، وتنتظر أن تقدم لها المؤسسات الخيرة الحوم والمساعدات في هذا العيد لتعينها على العيش في ظل الظروف القاصية الذي فرضها الحصار الإسرائيلي. ويحل عيد الأضحى هذا العام على أهالي قطاع غزة في ظل تشديد الدولة العبرية لحصارها على القطاع الساحلي الذي يقطنه 1.5 مليون إنسان رغم اتفاق التهدئة الساري منذ حزيران يونيو برعاية مصرية. وهذا التشديد يأتي بعدما نفذت قوات إسرائيلية هجوماً عدوانياً وسط القطاع وأسفر عن استشهاد خمسة مقاومين فلسطينيين من كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس . وسقط ضحايا آخرون من الفلسطينيين في وقت لاحق. يقول معيل الأسرة إبراهيم (47عاماً): نحن نسمع بالعيد لكن لا نعيد، ولا يوجد حولنا ما نشعر بفرحته، هذا الحال من أيام اليهود والآن الحصار، كالسنة الماضية نجلس في البيت ننتظر لحمة الأضحى من هنا أو هناك . لا عيد! أغلب الأسر الغزية عاجزة هذا العام عن الوفاء بالسنة المحمدية المشرعة للمسلمين بنحر الأضحية والتي تعتبر أهم مظاهر عيد الأضحى، بسبب أوضاعها المعيشية المتدهورة وعدم مقدرتها على شراء الأضاحي المهربة عن طريق الأنفاق للارتفاع الحاد في أسعارها. ويتضرع المواطن محمد البريم الذي لن يضحى للعام الثالث على التوالي رافعاً يده إلى السماء، يقول: لم أضحي منذ ثلاثة أعوام، الصدقة تجوز عليا . ويضيف البريم العاجز عن العمل منذ أكثر من عامين بحرقة: لا ملابس عيد لأبنائي من عامين مضوا ولا عيد كباقي الخلق، وفوق هذا لا يدق أحد بابي ليساعدني في وضعي هذا لا على وجه عيد ولا غيره . غياب الأضاحي الأضاحي الجماعية التي تعتبر من أجمل ملامح عيد الأضحى في غزة تكاد تكون غير موجودة إلا النادر منها، بعدما أصبحت الأوضاع أشد على الغزيين من أن يمتلكوا ثمن حتى كيلو من اللحم. ويفتقد المواطن أبو عمر الدرديسى بحرقة للأجواء الجميلة التي كانت تجمع أقاربه الذين كانوا يشاركونه في أضحية العيد من كل عام. يقول مستاءً من الأحوال التي جاء بها العيد: كنت أشارك أقاربي ومعارفي في أضحية واحدة، لكن هذه السنة لا أضاحي جماعية ولا حتى فردية، الكل مشغول بحاله وكأن جمعة الأقارب والأطفال الحلوة في العيد شرخها الوضع هذه السنة . ولم يتمكن الدرديسى من شراء الأضحية لعدم كفاية ما يتقاضاه من عمله في إحدى ورش السيارات، ففضل الاكتفاء بشراء بعض اللحوم الجاهزة بما استطاع من المال لتوزيعها على الأهل والفقراء . ويواجه أهالي القطاع موجة من الغلاء في الأسعار لا سيما اللحوم والأضاحي التي وصل سعرها إلى 2500 شيقل (750 دولار) لكل فرد في الحالة التي يشترك فيها سبعة أفراد في الأضحية الواحدة، فيما كان سعر الأضحية في الأعوام الماضية حوالي 1400 شيقل (350 دولار). عيد يسد الرمق عشرات الأسر التي أصبحت تقع تحت خط الفقر في قطاع غزة بفعل استمرار وتشديد الحصار تعتبر عيد الأضحى باب رزق سيسد رمقها في ظروفها التي باتت اللحوم الطازجة وحتى المجمدة بسبب الغلاء والفقر المترديان. ولا يخفى المواطن محمود أبو عمر الذي يقطن خان يونس جنوب قطاع غزة سعيه لدى الجمعيات الخيرية التي توزع الأضاحي يوم العيد من أجل طلب عون يقتل جوع أبنائه السبعة. يقول المواطن الذي يعيش في منزل ضيق مكون من غرفتين صغيرتين وقد بدت عليه الغلبة واليأس زمان كنا نخجل أن نمد أيدينا حتى ونحن محتاجين، لكن اليوم يمكن أن نموت جوعاً إن لم نطلب المساعدة من أحد . والذي دفع المواطن أبو عمر لأن يطرق أبواب الجمعيات الخيرية هو مرضه وعدم وجود مصدر للدخل كونه عاطل ولا قدرة له على تحمل الأعمال الشاقة . توزيع الأضاحي وبالرغم من شكوى الجمعيات قلة حيلتها أمام ضغط الأعداد الهائلة من أهالي القطاع في طلب العون والإغاثة لقلة الإمكانيات وارتفاع الأسعار، إلا أن هذه الجمعيات أعدت العدة لتنفيذ مشروع الأضاحي وتوزيعها على مئات الأسر في القطاع. مسئول تجمع المؤسسات الخيرية في القطاع أحمد الكرد أكد للشبكة الإعلامية الفلسطينية أن كافة الاستعدادات تمت لمشروع ذبح 500 أضحية يوم العيد وتوزيعها على الأسر الفقيرة في كافة المناطق والمحافظات. وأوضح الكرد أن ال500 عجل ستوزع لحومها على ما يعادل 100 ألف أسرة فقيرة في قطاع غزة، مشيراً إلى أن قلة الإمكانيات وغلاء الأسعار يحول دون مساعدة الجمعيات للمزيد من الأسر. وأضاف مسئول التجمع أن ثمن ال500 أضحية بلغ مليوني دولار فيما كان في العام الماضي مليون دولار، والغلاء أدى إلى قلة الأضاحي والكميات التي ستوزع منها على هذه الأسر . ولفت الكرد إلى أن تجمع كافة المؤسسات سيوزع إلى جانب الأضحية قسائم شرائية تتضمن مبلغ 50 دولار لكل أسرة من خمسة ألاف أسرة فقيرة، وطرود غذائية من مؤسسات خيرية لأكثر من 11 ألف أسرة فقيرة .