تراجع عدد المناصب المالية في مشروع قانون المالية لسنة 2009 مقارنة مع 2008 بأزيد من 20 %، لينخفض من 16 ألفا إلى 12 ألف منصب. وأكدت مقارنة الأرقام الرسمية أن الحكومة لا تسهم إلا بحوالي 5,6 في المائة من مجموع مناصب الشغل المحدثة طيلة العشر سنوات الماضية. ولا يسهم المجهود المباشر للحكومة في إحداث مناصب الشغل إلا بحصة ضعيفة، إذ لا تتجاوز المناصب المحدثة، والتي ستحدث، برسم القوانين المالية منذ 2000 إلى غاية 2009 ما مجموعه 99 ألف منصب شغل أي بمعدل 9 آلاف و900 منصب شغل في السنة. في حين يسهم الاقتصاد الوطني في إحداث 166 ألف منصب شغل سنويا في المتوسط بين 2000 و.2007 ولا يتجاوز مجموع مناصب الشغل المنتجة، في إطار المشاريع الحوكمية والاقتصاد الوطني، ما معدله 265 ألف منصب شغل في السنة وكان تقرير رسمي صدر في ,2006 أكد أن المغرب في حاجة إلى إحداث 400 ألف منصب كل سنة لمدة 10 سنوات لامتصاص أفواج المعطلين. وهو ما يبين أن مجهود الحكومة والاقتصاد الوطني لا يلبيان سوى قرابة 66 في المائة من حاجة سوق الشغل المغربي. وأكد عبد الحفيظ فهمي مدير المركز المغربي المستقل لأبحاث التشغيل أن الحكومة عاجزة على إيجاد بدائل من أجل خلق مناصب الشغل، إذ من المنتظر أن يتزايد عدد العاطلين بسبب الأزمة الاقتصادية التي تلقي بظلالها على جميع الدول، موضحا أن الاقتصاد المغربي غير مؤهل لكي يلعب دورا كبيرا في خلق العدد الكافي من فرص العمل. من جهته، أكد عبد الخالق التهامي أستاذ في المعهد الوطني للاقتصاد والإحصاء التطبيقي بالرباط، أن تراجع الدولة في تدخلها في قطاع التشغيل كان منتظرا، إلا أنها يجب أن توفر المناخ المناسب للقطاع الخاص حتى يخلق فرصا للشغل، مشيرا أنه لا يمكن القول أن سياسة الدولة ناجعة في التشغيل. وأوضح التقرير الاقتصادي والمالي لمشروع القانون المالي لسنة ,2009 الضعف الكبير لإنتاجية الشغل التي لا تتعدى 5,2 في المائة سنويا في المغرب مقارنة مع أزيد من 4 في المائة في الدول الصاعدة، كما أوضح ذات المصدر أن إنتاجية القطاع الصناعي المغربي تبقى دون المستويات المسجلة في العديد من البلدان الصناعية. وأبرز التهامي أن ضعف إنتاجية الشغل بالمغرب راجع بالأساس إلى التكوين غير الملائم مع سوق الشغل. وقد اعترف وزير التشغيل جمال أغماني خلال عرض وزارته يوم الثلاثاء الماضي بالبرلمان أن وتيرة خلق مناصب الشغل غير كافية لامتصاص أعداد عدد العاطلين، خاصة منهم حاملي شهادات التعليم العالي، إذ إن الأرقام المسجلة خلال الفصل الأول من 2008 تشير إلى أن معدل البطالة بلغ 20,8 في المائة عند حاملي الشهادات من مستوى عال، و18 في المائة عند حاملي الشهادات من مستوى متوسط، مقابل 4,7 في المائة بالنسبة لغير الحاصلين على شهادة. وحول دور القطاع الخاص في إعطاء دينامية لهذا المجال، قال فهمي إن المحيط الذي تشتغل فيه المقاولات لا يسمح لها بخلق مناصب كبيرة للشغل. وفي السياق ذاته أفادت إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط لوضعية الشغل خلال الفصل الثالث لسنة 2008 أن 25 ألف مغربي التحقوا بصفوف المعطلين، ليصبح العدد الإجمالي للمعطلين في المغرب هو مليون و123 ألف مقارنة بمليون و98 ألف خلال الفصل الثالث للسنة الماضية.