أوجار: فوز "الأحرار" بالانتخابات الجزئية مؤشر على تجاوب المواطنين مع العمل الحكومي    المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد الأركان العامة للجيوش الموريتاني يزوران مدينة المهن والكفاءات بتامسنا    ائتلاف الهيئات الحقوقية يدعو إلى وقفة احتجاجية حاشدة أمام البرلمان    تغييرات جديدة في لائحة المنتخب الوطني    خلال أسبوع.. 24 قتيلا و2965 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    برفقة وفد من رجال الأعمال الفرنسيين.. السفير الفرنسي في الرباط يواصل زيارة الأقاليم الجنوبية    الركراكي: لا مشاكل مع حكيم زياش .. وعدم الاستدعاء اختيار تقني    نظام الجزائر على شفا الهاوية.. هل تقترب لحظة الحسم؟    الحكومة تخصص 14 مليار درهم في مالية 2025 لاحداث مناصب الشغل    تبخر مشروع بناء قاعة سينمائية بالناظور بسبب عدم التزام الجهة المنظمة لمهرجان سينما الذاكرة المشتركة    اختتام فعاليات الدورة السابعة من مهرجان القصبة للفيلم القصير    المغرب يجدد التأكيد أمام مجلس السلم والأمن على دعمه لعملية سياسية شاملة في ليبيا    وزارة التربية الوطنية ترخص للأساتذة تقديم ساعات إضافية في المدارس الخصوصية    فتاح: الحكومة "متفائلة جدا" بشأن النمو الاقتصادي في 2025    لقجع: أسعار بعض الأدوية في المغرب مضاعفة 5 مرات ونرفض الاحتكار وفرض أثمنة مرتفعة بحجة "الصناعة الوطنية"    الحرس المدني الإسباني يحجز أكثر من 4.7 أطنان من الحشيش بالتعاون مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني    الأحمر يُوشّح تداولات بورصة الدار البيضاء    هيئة رئاسة فرق الأغلبية تتجاهل المبادرة البرلمانية لتقريب وجهات النظر بين وزير العدل والمحامين    عاجل.. تأجيل محاكمة إلياس المالكي لهذا السبب    منيب: المهداوي مظلوم والمغرب يعيش تكميم الأفواه بكل الطرق    المرض يُغيب المالكي عن المحكمة .. والدفاع يرفض المزايدة بالأمازيغية    لقاء مغربي إسباني بالرباط لبحث سبل تأهيل وتحديث قطاع اللحوم الحمراء    "أكديطال" تنخرط في مشروع للطب 4.0    يوعابد: العاصفة الجوية "دانا" ستؤثر على المغرب ولكن بكيفية ضعيفة    تقديم كتاب بجنيف عن صحراء المغرب    إتحاد طنجة يبحث عن ملعب لاستضافة المغرب التطواني بدلا من ملعب سانية الرمل    سبتة تطالب مدريد بالدعم المالي للتعامل مع قضية القاصرين في المدينة    وزير النقل يريد ربط الحسيمة بخدمات القطار بدون سكة حديدية!    حملة توعية بضرورة الكشف المبكر عن سرطان الرئة    "لارام" تورط جامعة كرة القدم في حفل "سخيف" لتقديم قميص المنتخب الوطني    مجلس عمالة الدار البيضاء يخصص 150 مليون لكل من الرجاء والوداد    "تصريح خطير".. وزير المالية الإسرائيلي: 2025 هو "عام السيطرة" على الضفة الغربية    التغير المناخي يهدد حياة اللاجئين في مناطق النزاع والكوارث الطبيعية    الجيش الإسرائيلي يعلن فتح معبر جديد لدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة        تقارير.. المغرب من أكبر مستوردي الأدوية الروسية في إفريقيا    قمة الرياض تؤكد على مركزية القضية الفلسطينية    أخنوش أمام قمة الرياض: جلالة الملك يضع القضية الفلسطينية ضمن ثوابت السياسة الخارجية للمملكة            التمسماني: طنجة كانت وستظل مثالًا يحتذى به في احترام التنوع الثقافي والرياضي    كيوسك الثلاثاء | الوقاية المدنية أنقذت أزيد من 25 ألف شخص من الغرق في 2024    الدولار إلى أعلى مستوى خلال أربعة أشهر    تحسين ظروف السكن ل16 ألف و300 أسرة كمعدل سنوي خلال الولاية الحكومية الحالية    التصفيات الإفريقية تقترب من الحسم    بروفايل |يوسي بن دافيد.. قائد دبابة "ميركافا" بجيش الإحتلال على رأس "مكتب الاتصال الإسرائيلي" في الرباط    مقتل 4 جنود إسرائيليين شمال قطاع غزة    دراسة: تناول الدهون الصحية يقلل من احتمالات الإصابة بالسرطان    الصين تطلق بنجاح صاروخا تجاريا على متنه 15 قمرا اصطناعيا    قمة الرياض مكرر.. كل شيء تغير، ولا شيء تغير ..    علاج واعد جديد لفقدان السمع المفاجئ الحاد    خلط في خبر وفاة محمد المسيح وشقيقه عبد الاله    نصائح للوقاية من آلام الظهر والرقبة بسبب الجلوس لفترات طويلة    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحـج علـى نفقة الدولة.. حالات الجواز والمنع
نشر في التجديد يوم 11 - 11 - 2008


يثير الحج على نفقة الدولة تساؤلات كثيرة حول مدى صحته ومدى مشروعيته، خاصة حين يستفيد منه كبار المسؤولين والموظفين الذي يحجون سنويا دون أن يدفعوا نفقاته من مالهم الخاص. تعود هذه التساؤلات لتظهر من جديد ونحن على بعد أيام من انطلاق أول طائرة متجهة صوب الأماكن المقدسة من أجل بدء مناسك الحج، إذ يستفيد من مقاعد الحج مسؤولون وموظفون في مختلف القطاعات الحكومية أوالمؤسسات؛ سواء من باب الأحقية بعد الخضوع للقرعة أوالمجاملة أوالولاء الحزبي أوالقرابة وغير ذلك.. التجديد فتحت الموضوع، والتمست أجوبة من بعض العلماء، فاتفقوا على أن هذا الموضوع لا يمكن الحكم عليه بشكل عام، خاصة وأن المسألة تتضمن حالات متعددة، ولكل مسألة حكمها الخاص. المصلحة أولا ينطلق الباحث في العلوم الشرعية الدكتور محمد بولوز في تحليله للمسألة من أن الأصل في مال الحج أن يكون من المال الطيب الحلال؛ الذي تكون أصوله إما عملا مشروعا بإتقان أوتجارة مشروعة أوعطية بحق، وهذه الأخيرة تكون كالهدية غير المتلبسة برشوة أومصلحة مرتبطة بمنصب، وكذلك الصدقة، يأخذها الفقير من مال الزكاة، والصدقات والكفارات وغيرها، أوميراث مستحق أومكافأة مستحقة بمعايير موضوعية. وهكذا توصل بولوز إلى أن التصرف في المال العام منوط بالمصلحة وبرضا الأمة أومن ينوب عنها، فإذا صادق نواب الأمة على ميزانية الدولة بما فيها الجزء المخصص لتكريم عدد من الموظفين أومن عموم المواطنين بإرسالهم إلى الحج على نفقة الميزانية العامة أوميزانية مختلف القطاعات الحكومية أومؤسسات موازية وفق معايير موضوعية مفتوحة مبدئيا؛ في وجه من توفرت فيه تلك الشروط من غير محاباة أومصالح شخصية أوقرابة أورشوة أوولاءات حزبية أوانتخابية أوطائفية أوعرقية أوغيرها، فلا بأس بذلك؛ ولا حرج على من كان من نصيبه الحج بتلك الأموال وهو من النعمة التي يسرها له الله عز وجل، ومن سبل الاستطاعة التي توفرت له لأداء المناسك. شروط ويشترط بولوز قبل ذلك أن يدقق نواب الأمة عند مناقشة هذه الميزانية في النسبة المخصصة لبعثات الحج، حتى لا تكون على حساب أولويات الشعب في الغذاء والصحة والأمن والدفاع وغيرها من الضروريات، وأن لا يتجاوز ذلك خانة التحفيز والتكريم في الحدود المعقولة التي تذكي التنافس في خدمة الصالح العام، وإلا فليس في الشرع ما يلزم الدولة بأن تنفق على الناس لأداء فريضة الحج، لأنها منوطة بالاستطاعة الفردية، ومن لا يملكها فلا إثم عليه. ويوضح أن من مهام النواب أيضا ومن له حق المراقبة والمتابعة والمساءلة من المسؤولين التدقيق في الشروط الموضوعة للاستحقاق، ومساءلة مختلف الوزارات والمؤسسات التابعة للدولة عن المعايير المعتبرة في الاختيار؛ حتى تتميز بالشفافية والموضوعية والنزاهة، وتعميم الاستفادة حتى لا تبقى حكرا على أناس يحجون كل عام في وقت يحرم فيه آخرون. لكل حالة حكمها وكان الدكتور المقاصدي أحمد الريسوني قد نشر رأيا في الموضوع تناول فيه الحالات التي يجوز فيه الحج من المال العام للدولة، والحالات التي لا يجوز فيها. فهناك، بحسبه، مَن ترسلهم الدولة، أو أيُّ جهة تابعة لها، للقيام بعمل ما، أومهمة ما، في موسم الحج، فيؤدون مناسك الحج بجانب المهمة الموكولة إليهم. كما هو شأن أعضاء البعثات الإدارية والطبية والعلمية، وكذلك الوفود أو الشخصيات المكلفة بإجراء لقاءات ومشاورات ومفاوضات، مع وفود وشخصيات من بلدان إسلامية أخرى، سواء تعلق ذلك بالحج، أوبغيره من مصالح الدول والشعوب وقضياها. وهكذا فكل من أرسل لغرض ولمهمة؛ يجوز لهم أن يذهبوا ويحجوا على نفقة الدولة، أوتحديدا على نفقة الجهة المرسِلة لهم. ولهم أن يتقاضوا مكافآت وتعويضات زائدة عن نفقات الحج، بحسب ما هو معمول به. وهذا طبعا إذا كانت المهام المنوطة بهم جدية وأكيدة. وهناك مَن يذهبون إلى الحج على نفقة صناديق ومؤسسات حكومية، أوحُبُسية، مخصصة أومخصص جزء منها لهذا الغرض، وتكون مداخيلها وملكيتها عائدة إلى فئة معينة؛ مثل صناديق التقاعد، وصناديق الأعمال الاجتماعية. فمن كان مستحقا بمقتضى مصارف هذه المؤسسة وقوانينها، ولم يكن سبق له الحج، وتم اختياره بطريقة عادلة، فله أن يحج على نفقة تلك الجهة. الاستثناء ويستثني الريسوني من دائرة الجواز الحالات التي يتم فيها إرسال أشخاص لمجرد الحج، وما يدخل في رحلته من تعبد أوتبضع أومنافع خاصة، وذلك على سبيل التكريم والمكافأة والتنعيم، مع الإنفاق عليهم، وربما الإغداق عليهم، من مال الدولة، لا لشيء إلا لمواقعهم وصفاتهم..، ويعتبر هذا الأمر من أكل المال بالباطل، ومن التخوض في مال الله بغير حق خاصة عندما يكون هؤلاء المستفيدون قد حجوا من قبل مرة أو أكثر، ومن الميسورين أو الأثرياء. أما إذا فعلوا، فالأموال التي أخذوها، والنفقات التي أنفقت عليهم على هذا النحو، تبقى دَيناً في ذمتهم. واستشهد بما ذهب إليه القاضي أبوبكر بن العربي إلى أن الحج، حتى من أموال الزكاة، ومن مصرف في سبيل الله. وذكر ما ينسب إلى الإمام أحمد من أن مصرف في سبيل الله هو الحج، ورد عليه بقوله: وهذا يَحُل عَـقْد الباب، ويخرِم قانون الشريعة، وينثر سلك النظر. وما جاء قط بإعطاء الزكاة في الحج أثر (أحكام القرآن 4/ 337). وحتى الفقير الذي يُعطى من مال الزكاة، من باب فقره، فإنه لا يعطى للحج، لأن الحج غير واجب عليه، وإنما يعطى لفقره وحاجته. فإن حوَّل ما أخذه للحج، أو استعان ببعضه على نفقات الحج، فهذا شأنه، لأن المال أصبح مالَه. وينبه الريسوني إلى أن هؤلاء الذين يحجون بأموال ونفقات غير جائزة لهم قد يظنون أن حبهم للمقام العظيم، وتشوقهم إلى الرسول الكريم، يسمح لهم باقتناص هذه الفرصة المتاحة للحج إلى بيت الله الحرام، وزيارة الحبيب المصطفى، وتخصيص فترة للتعبد والتطهر... والحقيقة أن هذا كلَّه من تلبيس إبليس، والمقامُ العظيم ـ سواء بمكة أو بالمدينة ـ لا يليق بهما الذهاب إليهما بهذه الـطريقة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.