الصدمة هذا أقل ما شعر به الفلسطينيون بعدما تابعوا التقرير الذي بثته القناة العاشرة في التلفزيون الصهيوني حول عمليات الاقتحام والمداهمات، التي تنفذها أجهزة الأمن الخاضعة لإمرة رئيس السلطة محمود عباس لملاحقة أعضاء وأنصار حركة حماس في مدينة الخليل في الضفة الغربيةالمحتلة. وكشف التقرير الذي أعده الصحفي الصهيوني تسفي يحسكلي، والذي سمح له بمرافقة قوات السلطة في إحدى مهماتها لاعتقال أنصار حماس ومداهمة مؤسسات الجمعيات الخيرية في الخليل خلال الأيام القليلة الماضية، عن طبيعة الدور المناط بهذه الأجهزة في محاربة حركة حماس والمقاومة، وإبعاد المغتصبين الصهاينة وجنود الاحتلال عن الأجندة، لدرجة أثارت استغراب وحيرة الصحفي الصهيوني وثلة من المحللين الصهاينة. استغراب صهيوني وبدا الصحفي الصهيوني يحسكلي الذي جرى استضافته في أستوديو القناة العاشرة العبرية، على هامش عرض التقرير يوم الجمعة الماضي (31/10)، الذي أعده- في حالة ذهول من حجم الولاء الذي أبداه ضباط وجنود القوة الفلسطينية التي انتشرت في الخليل، للكيان الصهيوني وتصميمهم على محاربة حماس وغيرها من المنظمات الفلسطينية. وأشار الصحفي الصهيوني إلى أنه رافق القوة الفلسطينية، وشاهد كيف يتم الزج بعناصر حماس في سيارات الأجهزة الأمنية واقتيادهم إلى السجون وهم معصوبي العينين والأيدي، احد الضباط الذين تمت مقابلتهم قال بأنه تمت مصادرة كميات ضخمة من الأسلحة والمتفجرات وتسليمها للجانب الصهيوني. وقال الصحفي الصهيوني الذي رافق بالكاميرا نشاطات الأجهزة الأمنية، وهي تداهم وتعتقل أن بعض هذه الأسلحة مسروقة من الجيش الصهيوني، وعلق باستغراب وهو يشهد إحدى أعمال المداهمة الليلية: بالأمس كنا نحن (جيش الاحتلال) نداهم ونفتش البيوت واليوم فتح تداهم وتفتش بيوت حماس ! . ويعرض التقرير جانبا مما قامت به تلك القوات من مداهمات وحمل الأسلحة التي سمح جيش الاحتلال بوصولها إليها بعد أن قدمت من جهات عربية وأمريكية وسمح لها بالتنقل بحرية في الخليل عبر الحواجز الصهيونية بعد أن توفرت معطيات جدية عن حقيقة ولائها. مهمتنا حرب حماس ويجزم قادة القوة في التقرير أن وجودهم في الخليل ليس له علاقة في رد مستوطنين أو جنود الاحتلال، وأنه ليس من الوارد أن يطلقوا النار أو يستخدموا القوة ضد مستوطنين أو جنود صهاينة حتى لو تعرضوا لاستفزاز منهم. ورداً على سؤال الصحفي الصهيوني يقول الضابط الفلسطيني رمضان عوض وسط استغراب الأول: لا يمكن أن نطلق النار على مستوطنين أو الجنود .. يوجد لدينا أوامر واضحة .. يسأله الصحفي الصهيوني ما هي الأوامر ؟ هل هي إطلاق النار ضد المستوطنين والجنود في حالة الاستفزاز فيرد: بالتأكيد لا ليست ضد الإسرائيليين من المؤكد لا ، نحن نعرف من سنواجه في إشارة إلى حركة المقاومة الإسلامية حماس وفصائل المقاومة. لا مشكلة لنا مع المستوطنين وضابط آخر يصرح بانه لو امسك بمستوطن صهيوني فسوف يعيده ولن يطلق النار نهائيا، لا علي الجيش ولا علي الشرطة ولا علي المستوطنين حتى لو دخلوا مناطق السلطة الفلسطينية لأن لا مشكلة معهم. وتعهد ضابط آخر أعلى رتبة بتحرير أي جندي صهيوني تأسره فصائل المقاومة وقال: لن يكون هناك جلعاد هناك وإذا حدث سنحرره بالقوة ، وأشار عدد من جنود القوة في تصريحات للتلفزة الصهيونية عن طبيعة التدريبات التي تلقوها في الأردن بإشراف ضباط أمريكيين. ضابط اعتقل شقيقه ومستعد لاعتقال والده وقال أحد الجنود الفلسطينيين بتفاخر: قبل أيام جاء أمر اعتقال لأخي وهو من حماس وشاركت في اعتقاله، لو طلبوا اعتقال والدي الآن سأعتقله، نحن مهمتنا تنفيذ الأوامر .. قالوا اعتقل بنعتقل قالوا اقتل بنقتل . وأثار بث التقرير وما تضمنها من مواقف وتصريحات ردود فعل واسعة في الشارع الفلسطيني، الذي عبر جزء منه عن صدمته من حجم هذه الاعترافات فيما رأى جزء آخر أن هذه الواقع ما هو إلا انعكاس طبيعي لطبيعة الدور المناط بهذه الأجهزة والمقصود حماية الاحتلال ومحاربة المقاومة. حماس : دليل على العمالة مع الاحتلال وأكد الدكتور سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس أن جرائم الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية ضد أبناء حركة حماس ومؤسساتها هو دليل على مدى تورط هذه الأجهزة في التبعية والعمالة للاحتلال من خلال تنفيذ مخطط ضرب الحركة وقوى المقاومة تحقيقاً لمصالح الاحتلال الصهيوني الذي يوفر الدعم لهذه الأجهزة ويزودها بالسلاح ويمكنها من الانتشار في مدن الضفة الغربية ليس لحماية المواطن الفلسطيني وإنما لمساعدة الاحتلال في ضرب حركة حماس مثلما جرى في نابلس وجنين ويجري الآن في الخليل، وأشار إلى أن التصريحات هذه تؤكد ما سبق أن أعلنته حركة حماس عن طبيعة دور وأهداف انتشار هذه القوات في مدن الضفة الغربية. ولم تقتصر ردة الفعل المستهجنة والمصدومة بما ورد من مواقف وتصريحات على حركة حماس والمواطنين بل طال أطراف من أركان السلطة والمحسوبين عليها. فالوزير والمفاوض السابق زياد أبو زياد انتقد بشدة ما سمعه وأشار إلى أن زوجته قالت في رد تلقائي على ما سمعته إنه لو حدثت اليوم انتخابات لانتخبت حركة حماس ، على وقع مشاهدتها التقرير الذي تضمن مداهمات ليلية لبيوت مواطنين فلسطينيين والعبث بمحتوياتها وتفتيش الخزائن وغرف النوم أثناء اعتقالات لأفراد من حماس . إنزال راية التوحيد وتضمن التقرير عرض لقوات الأمن الفلسطينية وهي ترغم مواطن على نزع راية التوحيد الخضراء عن منزله بدعوى أنها راية حماس ، كما يعرض اقتياد وتحميل معتقلين بالقوة على سيارات للشرطة وضرب احدهم على عينه . ويستغرب أبو زياد قول أحد أفراد الشرطة : نحن جيل الأمل .. جيل النور .. جيل الاشراقة الأمنية .. ويقول: لم ادر من أين أتى بهذه الكلمات الجميلة.. الاشراق والحياة بشروق الشمس..بالنور والحياة .. أما الاشراقة الأمنية فلا ادري كيف يمكن أن تكون في ظل ما عرضه التقرير . وأشار إلى التناقض الذي وقع فيه أحد ضباط الشرطة الذي قال أن أول درس تعلموه في الدورة هو حقوق الإنسان، في حين أن ما عرضه التقرير لا يثبت ذلك. لمصلحة من ؟ وتساءل: ما المغزى من بث هذا التقرير الآن بالذات عشية الحوار الفلسطيني - الفلسطيني الذي يجري الإعداد له على قدم وساق ليبدأ بعد أسبوع في القاهرة؟ وما مغزى بث هذا التقرير في نفس الوقت الذي تقوم به حماس بإطلاق سراح معتقلين سياسيين في قطاع غزة وتدعو إلى إغلاق ملف الاعتقال السياسي؟ ومن هو المستفيد الأول والأخير من إثارة الأحقاد وتسميم أجواء الحوار والمصالحة؟. تنفيذ استحقاقات خارطة الطريق مقابل ماذا؟ وأشار الوزير السابق بأن احدى الالتزامات الصعبة التي على السلطة الفلسطينية أن تقوم بها في إطار تنفيذ المرحلة الأولى من خريطة الطريق هي جمع الأسلحة وضرب «البنية التحتية للإرهاب» (المقصود المقاومة) وتساءل:إذا كان هذا هو ما تقوم به الشرطة الفلسطينية تنفيذا لهذه الالتزامات، فهل تحقق احد من أن إسرائيل تقوم هي الأخرى وبالتزامن بتنفيذ الالتزامات المترتبة عليها وفقا للمرحلة الأولى من خريطة الطريق وهي تجميد الاستيطان والانسحاب إلى خطوط الثامن والعشرين من أيلول 2000 وإعادة الحياة الطبيعية إلى الأراضي الفلسطينية والانطلاق نحو تحقيق حل عادل للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني؟ وقال : لا اعتقد أن أحدا تحقق من ذلك فنحن نشهد هذه الأيام وهذه الأيام بالذات تصعيداً بالهجمة الاستيطانية الشرسة في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة وخاصة منطقة القدس، وإطلاق اليد لعصابات المستوطنين المتطرفين ليعيثوا فساداً في الأرض، ويقوموا بالاعتداءات السافرة ضد أبناء شعبنا الأعزل من السلاح، في حين يقول احد ضباط الشرطة الفلسطينية في التقرير التلفزيوني ذاته..«أن الأوامر الصادرة لنا تقضي بعدم الرد على تحرشات المستوطنين»!! وأضاف :إذا كان الهدف من الأفعال التي قام أفراد الشرطة الفلسطينية باستعراضها أمام عدسة التلفزيون الإسرائيلي والأقوال التي أدلوا بها هو التأثير على الرأي العام الإسرائيلي أو إرضاء المسئولين الاميركان فهل خطر على بال أحد أن هناك أيضا رأي عام فلسطيني يجب أن يؤخذ بالحسبان وهو الأجدر بأن يكون الأهم بالنسبة للقيادة الفلسطينية من الرأي العام على الجانب الاخر؟ مشاهد تذكر بغزة قبل التطهير وأعاد تقرير القناة العاشرة الصهيونية وما تضمنه من ممارسات إلى الأذهان تقرير مشابه عن ممارسات مشابهة بثه التلفزيون الصهيوني في التسعينات حين رافق بالكاميرا والصوت أفرادا من الشرطة الفلسطينية في غزة بقيادة اللواء غازي الجبالي مسئول الشرطة حينها وهي تداهم وتعتقل افراداً من حماس لتثبت للاحتلال الصهيوني أنها تقوم بواجبها على أكمل وجه. ويقول أبو زياد : فهل أجدى ذلك شيئاً؟ وذلك في إشارة إلى ما لقيته هذه الأجهزة نتيجة زيادة طغيانها في الرابع عشر من يونيو 2007، فهل من معتبر؟!. لمشاهدة الفيلم.. اضغط هنـا